التعريب .. أزمة المصطلح والهوية 

التعريب .. أزمة المصطلح والهوية  بكري خليل : تجربة التعريب لم تصل مداها في النضج  صديق المجتبي : الأمة العربية متقدمة تكنلوجيا وجائعة ثقافيا  عبد الله محمدين : التوسع في التعريب أبرز جودة قليلة  عز الدين ميرغني : إكتمال التعريب بإكتمال أدواته  حوار - محمد نجيب محمد علي _ عامر محمد احمد حسين تزداد الأسئلة حول التعريب أكاديميا وأدبيا ، وهي أسئلة لها جذورها في البيئة العربية وإرتبطت _ في مرحلة

التعريب .. أزمة المصطلح والهوية 

التعريب .. أزمة المصطلح والهوية 

بكري خليل : تجربة التعريب لم تصل مداها في النضج 

صديق المجتبي : الأمة العربية متقدمة تكنلوجيا وجائعة ثقافيا 

عبد الله محمدين : التوسع في التعريب أبرز جودة قليلة 

عز الدين ميرغني : إكتمال التعريب بإكتمال أدواته 


حوار - محمد نجيب محمد علي _ عامر محمد احمد حسين

 

 

 

 

تزداد الأسئلة حول التعريب أكاديميا وأدبيا ، وهي أسئلة لها جذورها في البيئة العربية وإرتبطت _ في مرحلة تاريخية – بتعرف الرحالة الغربيين علي الأرض العربية، ولمعرفة دقائق هذه المجتمعات تمهيدا لغزوها ، ويحدثنا التاريخ عن هجمات غربية علي التراث العربي ونقله وخصوصا في علوم الطب والرياضة والفلك إلي اللغات الأوربية، ثم عادت دورة التاريخ عكسيا بذهاب العرب إلي الغرب وتجديد السؤال لماذا تأخرنا وتقدم الغرب ؟ كل هذه الأسئلة لها من الأهمية في قراءة التعريب ودوره في الحياة الجامعية وفي دنيا الأدب ، يقول مترجم كتاب " أصل الأنواع " لتشارلس داروين مجدي المليجي " لقد تبين لي بوضوح أثناء قيامي بترجمة هذا المجلد الكم الهائل من الأخطاء الشائعة والخلط بين المعاني الموجودة في تعريب المصطلحات العلمية ، وأنا أشير هنا بالتحديد إلي علم الأحياء المتضمن علم الحيوان وعلم النبات ، علاوة علي علم طبقات الأرض وعدم وجود تعبيرات عربية محددة لمعظم المصطلحات العلمية الجاري تداولها في المؤسسات العلمية " ويضيف المليجي " ويزيد الطين بلة الخلط الموجود والذي يزيد في التعبيرات التي تستخدم في مصر وتلك التي تستخدم في بلاد عربية أخري " ويذهب الدكتور كمال أبوديب في مقدمة ترجمته لكتاب الإستشراق – المعرفة – السلطة – الإنشاء- إدوارد سعيد ، إلي أن مصادر الصعوبة في ترجمة الكتاب ليست وحيدة البعد بل متعددة ، فالصعوبة تكمن ليس في الإستشراق بقدر ما تكمن في وضع اللغة العربية الآن ، من حيث هي لغة تعبير عن مشكلات الفكر المعاصر والحضارة المعاصرة ، وليس في تقرير الصعوبة من سبة للغة ، بل إنه حكم وصفي يشير إلي مرحلة محددة من مراحل تطور الحياة والثقافة العربيتين المعاصرتين ، فاللغة حتي إذا نصفها بأنها كائن حي لا تعجز أوتقدر ، ولا تملك خصائص ثبات تجعلها عاجزة أو قادرة بشكل سرمدي ، بل الصعوبة في علاقة الحضارة العربية الآن بالبني الفكرية والحضارية في العالم وموقعها بينها ، ويضيف أبوديب لعملية الترجمة في تصوري بعدان إثنان تمثلان النص المترجم تمثلا مدركا لخصائصه البنيوية الكلية وتمثيله في لغة قادرة علي تجسيد هذه الخصائص إلي أقصي درجات التجسيد المتاحة وبالخصائص البنيوية 

 

 

 

 


غياب الأدوات 

يقول المفكر الدكتور بكري خليل أستاذ الفلسفة بجامعة النيلين السودانية حول تجربة التعريب في الوطن العربي بأنها لازالت مشاريع لم تصل مداها في النضج وتوفير الأدوات التي ترفع من مستوي التعريب إلي درجة تجعل القاريء والطالب يستطيع أن يهضم ويستوعب الثقافات الأخري ومصادر المعرفة العالمية ، والتجربة في الوطن العربي متفاوتة وهنالك تجارب قطعت شوطا في مجال التعليم بصورة حسنة وهي الأقدم ، وتعاملت مع موضوع التعريب بشكل جدي سواء في النظر إلي التعريب كسد فجوة بين واقعنا والعالم المعاصر " العلمي والثقافي " أو من ناحية إثبات الجدية في أن ترتفع لغتنا إلي مستوي التعبير عن الشخصية العربية وبالتالي الإقتراب من معدلات وضع اللغة العربية في مقامها العالمي وهي خامس لغة دولية ويشير المفكر بكري خليل إلي أن الإشكالية ليست في قدراتنا في الترجمة وإنما قدرات اللغة العربية في إستيعاب المصطلحات والمفاهيم ولغة العلم وهناك ما يتعلق باللغة بإعتبارها واسطة إتصال وتفاهم وكأداء وكإمكانية للإبداع والخلق ، وبالتالي هناك ينبغي أن تكون نظرة حضارية سواء في واقعها المحلي أو في إمكانية عكس وترجمة التيارات الفكرية والعلمية علي الصعيد العالمي ، وأضاف خليل أن شاغل التعريب لابد أن تدفع بالمزيد من الإجادة والتطوير الفني للأدوات القائمة علي الترجمة وتحويل الترجمة إلي قوة دافعة لإنشاء أقوي الصلات بين الفكر والمعرفة والفكر العالمي . وأوضح الدكتور خليل أن هنالك موضوعات تمت ترجمتها أفضل من غيرها وهذه النجاحات نتاج مبادرات فردية وليست نتاج مؤسسات كبيرة تصل بها إلي مستوي نقل ما نريد من العالم وكذلك نقل ما يدور في العالم وإن كان هناك تذبذب في مستويات الترجمة ومستوي الأداء الفعلي للمؤسسات ، وتدخل في ذلك جوانب ليست علمية صرفة أو موضوعية . وأكد الدكتور خليل أن مشكلات التعليم بشكل عام لا ترتبط بقضية التعريب والمسألة اللغوية فلذلك حصيلة الجامعات التي تدرس مناهجها باللغات الأجنبية والمختلطة لا تشهد فارقا في المخرجات النوعية في البحث العلمي أو في المخترعات العلمية مما يعني أن إشكالية التعليم قضية مركبة تشكل محصلة لعجز خطط التطور والتنمية بشكل عام في المنطقة العربية.

 

 

 


ومن جهة أخري ذهب الدكتور صديق المجتبي عضو مجمع اللغة العربية بالسودان  إلي أنه لا يوجد تنسيق بين مجامع اللغة العربية في مجالي الترجمة والتعريب وأن ما تأتي به المجامع لا يدخل في السياسات ، وأن الإهتمام يتضاءل ويقل عندما يأتي السؤال حول توحيد المعاجم ، والندوات والمحاضرات والمؤتمرات التي تقام تخرج دون نتاج معلوم يمكن الإمساك به لوضع منهج عربي في الترجمة والتعريب . وأضاف المجتبي أن الإهتمام بالهندسة اللغوية وإستخدام الأصوات العربية داخل الحاسوب بلغة سليمة يمكن أن يضع بنية نص مسموع يعطي مؤشرا لتواكب اللغة العربية الرصينة متطلبات العصر وهذل مشروع كبير يمكن من خلاله معالجة ما تعاني منه اللغة العربية في التواصل بين المجموعات المختلفة في الوطن العربي ، وأشار صديق إلي أن اللغة العربية كلغة عالمية سادت العالم في فترات سيادة الحضارة العربية الإسلامية كما قال الكاتب الأمريكي مارشال أولسن أنه حتي القرن الخامس عشر الميلادي إذا هبط رجل من المريخ وتحدث إلي رجل من أهل الأرض لظن أن الأرض تتحدث عربي . وأرجع الدكتور المجتبي عدم إنتشار اللغة العربية في العالم إلي ضعف الإهتمام العربي بترجمة التراث العربي الحديث للغات العالمية و الأمة  العربية تقدمت تكنلوجيا ولكنها جائعة ثقافيا 

 

 

 

 

جدل التعريب 

يقول الدكتور عبد الله سليمان محمدين الأستاذ المساعد بجامعة السودان قسم اللغة العربية أن التعريب علي المستوي الأكاديمي ساهم في توسع التعليم الجامعي كميا ، وهذا جانب مهم في تطور العملية التعليمية ، وتعريب العلوم أيضا أعطي للجامعات الحيز الواسع لإستيعاب ما يجد في التعليم في كل أنحاء العالم في اللغات الحية ، وأضاف دكتور  سليمان أن مجمع اللغة العربية قد إختلف العلماء فيه ومنهم من يرفض التعريب علي مستوي العلوم بأن لا تعرب كلمة وهناك من وقف موقفا وسطا ، وأيضا من طالب بالتوسع في التعريب إلا أن التوسع أفرز جودة قليلة ومعدودة لقلة المعرفة الكاملة باللغة العربية وهي البحر الواسع ، وأشار عبد الله إلي ضعف أداء الإعلام في اللغة العربية علي عكس الإعلام  الأجنبي الذي إستطاع خلق قاعدة كبيرة لإهتمامه بتأهيل حامل الرسالة الإعلامية للجمهور وأوضح سليمان أن إهتمام أغلب وسائل الإعلام بمظهر اللغة أكثر من جوهرها وسلامتها ساهم في إنتشار " الركاكة " علي نطاق واسع وقال أن ضبط اللغة العربية علي مستوي الخطاب يحتاج إلي نوعية لها العلم الكافي باللغة العربية ودقائقها وأن ذلك ينسحب علي الترجمة الأدبية ، وأن هنالك فرق كمي ونوعي يجب به قياس الترجمة الأدبية وفق أمانة وعلم المترجم وتحديد الأسس العلمية المرتكز عليها في ترجمتة  من مستوي الكلمة إلي العمل في مجمله ويجب علي المترجم إذا إختلط عليه الأمر الإستعانة بأهل اللغة العربية حتي لا يقع في خطأ ومن ثم يتسبب في إشاعته ، وهنالك نماذج عديدة مثل هذه كان بقليل من التحقق والسؤال تلافيها كما أن الإستعانة بالمعاجم لا ينقص من معرفة المترجم بل تزيده علما . 
ويقول الدكتور الناقد عز الدين ميرغني أن تعريب العلوم نجح في بعض البلاد العربية وفشل في بعضها حسب استعداد الطالب في تلك الدولة عن غيرها وحسب تدريسه العلوم في الثانوي بالمصطلحات العربية , ومثلا تدريس الطب باللغة العربية قد نجح في سوريا وفشل عندنا , ويضيف ميرغني   التعريب مفيد إذا كانت حصيلة اللغة العربية عند الطالب قوية وراسخة ومتينة , وإذا كان التعريب قد قام به علماء لهم خبرة باللغتين وإلا سيكون التعريب مبتسراً وناقصاً . وبعض الدول العربية تستخدم المصطلحات الأجنبية كاملة وبالحروف العربية وهذا هو الخطأ الأكبر فالتعريب يجب أن يكون كاملاً وإلا فلا داعي له . اعتقد بأن تعلم الطالب للغة الإنجليزية وإجادتها لا يضره لتوفر المراجع الحديثة والمواكبة لمستجدات العلوم . أما في الكليات النظرية فلا داعي للتدريس بغير اللغة الأم . المثقفين العرب اكثرهم يعتز يلغته العربية وينادي للتدريس بها لأن الأستاذ يستطيع أن يعبر بها تعبيرا جيدا .