الأستاذ محمد بوحاشي القيم الجمالية والدلالية في ديوان "سوانح امرأة عادية"

الأستاذ محمد بوحاشي  القيم الجمالية والدلالية في ديوان

الأستاذ محمد بوحاشي

القيم الجمالية والدلالية في ديوان "سوانح امرأة عادية"

للشاعرة نعمة ابن حلام

ط.2 2019. مطبعة: سليكي أخوين. طنجة. الراصد الوطني للنشر والقراءة

 

 

مدخل

يرى يوري لوتمان أن النص، شعري أو سردي، هو نسق حيوي مُوَلِّدٌ للإحالات والمعاني تبعا لسيرورتها ونسقيتها الثقافية.. وهو تحديد يتقاطع بنسبة معينة مع مفهوم السيميوزيس في جل المدارس السيميائية، باعتباره سيرورة التدليل الرامزة عبر سلسلة من الإحالات التي قد يعمل القارئ على وضع حد لها لإيقاف زحف التأويلات اللامتناهية، كما هو عند شارل ساندرس بُورس، او فتحها على تأويلات لا متناهية ما دام النص، حسب جاك ديريدا أثرا بدون مركزن متشظيان لا يمنحنا إلا الاختلاف.. نجد أنفسنا هنا أمام تصورين ينبثقان عن أطروحتين متقابلتين في قراءة النصوص الإبداعية، وعليه فإن كل قارئ يحسم اشتغاله على النص تبعا لفرضية تقترح تأويلا معيناً، يتم اختيارهما تبعاً لمنطوق النص وعلاقاته الداخلية والخارجية التي يحيلنا إليها سيميوزيس النص الذي يستدعي، أثناء إنجاز أية قراءة، مبدأ المحايثة كتعامل داخلي مع النص قبل فتحه على عناصر قرائية خارجية وأهمها الواقع/ المرجع، السياق الاجتماعي، الثقافي والتاريخي، والمتداول علاوة على قصدية المؤلف وأفق انتظاره في مقابل آفاق انتظار المتلقي والقارئ... ومجموع هذه العناصر القرائية تقودنا إلى شجرة النص أو إلى النص بوصفه شجرة.

 

شجرة النص في ديوان السوانح

إن اختيارنا لقراءة واحدة لا يعني بحال من الأحوال أن التأويلات والدلالات الأخرى مقصية أو ميتة، وبعبارة أوضح إن اختياري لقراءة واحدة لديوان السوانح لا تغطي على غنى النص، ديناميته وحيويته... كيف نتأدى إلى بناء شجرة النص في ديوان "سوانح امرأة عادية"؟ إن قراءات أولية لهذا الديوان رامت القبض على عناصر ذات التردد والحضور المتكرر من خلال رصد إحصائي لهذا الحضور. ويمكننا أن نسجل –إضافة إلى مغزى العتبات- العناصر المتكررة الآتية: النور، النار، الماء المطر، الحلم، الأمل، البراكين، الريح- هجاء السكون الغيم وانحباس المطر.. ما يعني أن انحباس الحلم كانحباس المطر في الغيم، والسؤال في النفس والعقل ما يفسر الظمأ المزمن كعيش لاهث وراء ماء حلم كاد يتحول إلى سراب.. فمن يوقظ الحلم من سباته ويلم شتاته...؟  وهو ما يعني من زاوية أخرى، كجواب على هذا السؤال: أن تتآزر الريح والبراكين والنار والمطر والنور لإيقاظ الحلم من سباته العميق أو صنعه بعد وأده... للتدليل على ما ذهبنا إليه نقرأ في ص. 10-11-12:

"ظمئت...

ظمئت فاسقيني جماراً أستعرْ،

أذكي براكين القصيدة أشتعلْ

قبساً لأهداب السؤال؛

أو فصُبّي أحرفي وَهَج المدامةِ..

موقداً

يسم الكلام بألف حالِ..

على الريح أن تدخل على الخط متفاعلة مع النار والسؤال لتبعثر مدن السكون وتحطم سفن المحال... نقرأ:

"وأنتِ يا ريحَ الجنونِ

بعثري مدن السكونِ

حطمي سفن المحالِ. (ص. 11)

فما هذه الرياح والبراكين والنيران والأنوار ؟ هي ظواهر طبيعية أم استعارات؟ هي ظواهر طبيعية حولتها الشاعرة إلى رموز واستعارات، أو هي دوال سيميائية حاملة للمعنى الذي منه ننقاد إلى معنى المعنى، وهكذا سنترك التكسير والانحرافات والانزياحات والخرق إلى اللحظة المناسبة لها في هذه القراءة، ونضيف ما يتكرر، وما يتكرر كما لمسنا سايقا وكما سنلمس الآن يفتح القصيد في السوانح على ما هو أنطولوجي (وجودي) وهو الشعر الأرقى في نظر الشاعر الكبير جان مولينو لأنه يحتفي بالوجود والموجودات ولا يغرق نفسه في معاناة الذات والتقوقع داخلها. نقرأ:

" أَنَا جِرْمٌ،

مَدَارِي حُبِّيَ الأكْبَرْ،

فَضَائِي نَاصِعٌ مَرْمَرْ،

وَقَلْبِي مَوْطِنٌ أَخْضَرْ.

أُنَاجِي الْعُشْبَ وَالْمَرْعَى،

دُمُوعَ الْغَيْمِ إِذْ يَحْزَنْ.

سُؤَالِي رِحْلَةٌ حَيْرَى،

مَرَافِئُهَا

عُيُونُ الصُّبْحِ إِنْ أَسْفَرْ...

وَفِي عَيْنَيْكَ يَا وَطَنِي

مَوَاكِبُ لِلصَّدَى الأَبَدِي،

وَأَبْرَاجٌ

بِلا عَمَدِ.

وَهَذَا الْبَحْرُ مِنْ كَمَدٍ

يَزُفُّ الدُّرَّ وَالْمَرْجَانَ لِلأَمْوَاجِ لِلزَّبَدِ..." (ص. 14 و 15)

سعة القصيد هنا بسعة الوطن وبسعة الكون أو الأنطولوجيا وكلاهما منذوران لحلم يسعه قلب وعقل الشاعرة.

" أَيَا وَطَنِي !

هَسِيسُ الْمَاءِ طُوفَانٌ،  (ثورة) (غسل واغتسال وتجدد)

قُبُورُ الشَّوْقِ بُرْكَانٌ،

شِفَاهُ الرِّيحِ تَلْثِمُ حُلْمَ أَشْجَارٍ،

تُبَعْثِرُ نَشْوَةً صُلِبَتْ

عَلَى عَتَبَاتِ حِرْمَانٍ.

وَهَذَا الْقَلْبُ هَذَا الْقَلْبُ مَخْمُومٌ،

يُعَاقِرُ دَهْشَةَ الْمَعْنَى،

يَعُبُّ كُؤُوسَ حُرْقَتِهِ،  (ص. 16)  (وهذا اكتواء بلظى الوطن المصلوبة أحلامه)

وكل هذه العُدّة التي قد نسترسل في استحضارها من أجل ماذا؟ الرؤيا الشعرية في ديوان السوانح التي يُنسَج في طياتها الحلم وقد ذكرتها الشاعرة بالحرف في قصيدة أوشكت أن... ص. 18 و 19. وهكذا فإن جذور شجرة النص في السوانح أو بنيتها / بنيتها العميقة رؤيا حالمة، رؤيا توقد النار في الحلم وتوقظ الأمل في انتعاشه وعودته يقف فوق أفق انتظار النص وأفق انتظار الجمهور بشكل تناظري لنتسلقه نحو أغصان النص المرئية، وهي الواقع، المرجع، المؤلف، اللغة وتراكيبها وكيفية استعمالها والدُّوكْسَا (Doxa) أو الثقافة السائدة والمألوف والمعتاد والمتداول الذي يندرج ضمن العوائق والسدود امام الحلم الذي تتغنى به السوانح وتعاني وتكابد من أجله ويحترق الكيان لانحساره.

 

انحسار وانحصار الحلم.

السوانح فضاء الحلم المشتعل والمتّقد، أو قصيد مجاوزٌ للانهمام بالذات (Le souci du Soi) إلى الانهمام بالغير، بالوطن، بالأنطولوجي. ص. 61:

" أَنَا النّعْمَاءُ يَا قَوْمِي. بِأَحْلَامِي.. بِآمَالِي، أَجُوبُ الْكَوْنَ أَقْمَارا، فَأَشْدُوهُ بِأَلْحَانِي، وَأَوْتَارِي الْأُنُوثِيّهْ.

سَمَائِي لَوْنُهَا عِشْقٌ، وَأَرْضِي فَوْحُهَا شَوْقٌ، بُحُورِي غَوْصُهَا حُبٌّ، حُقُولِي زَرْعُهَا تَوْقٌ.

تعود بنا هذه القصيدة الجميلة شكلا ومضمونا، وفي المبنى والمعنى، إلى الاحتفاء بالموجودات، بالأنطولوجيا... شفافية في التعبير وسلاسة في التوليف والنظم والتركيب كأن الكلمات رقصات مع ألحان الموجودات... لكن هذا ليس إلا معبراً نحو إثارة الانتباه، انتباه القارئ والمتلقي إلى أن مدارات القصائد في الديوان محورها الحلم، فهي ترنو إلى حلم بسعة الوطن، بل بسعة الكون... أكيد أن قصائد قليلة أفرغت فيها الشاعرة معاناتها الخاصة –قصيدة "سلام" في ص. 3، وهي قصيدة عمودية وكذا قصيدة "يحيى"... صعدت فيها أحزانها المترتبة عن الغياب والفقد، فهي رزايا تمكنت من تحويل المؤلم والمحزن إلى رثاء شعري جميل عبّر بشكل عابر عن انهمام بالذات لكي يتم الانتقال في مجمل القصائد إلى الانهمام بالغير... قصيدتان تنتقص  من 21 اخرى يتألف منها الديوان الشعري "سوانح امرأة عادية" ليصبح ما في الديوان متمحورا حول الغيرية بدلالاتها الجماعية والمجتمعية. استناداً إلى هذا الاعتبار يُرى أن "سوانح امرأة عادية" يستقي جماليته أو قيمته من أركان عدة متداخلة أهمها وظيفة النص او رسالته وبتعبير بعض النقاد رؤياه وأفق انتظاره... يتجلى في حلم يطل من أفق طال انتظارهن برأس أشيب ووجه خاسئ وحسير تكسرت أعمدته على قبح مستشرٍ ودوران في متاهات التيه وراء اليومي في مدارات مختلة حزينة كرستها سلط متجذرة اعتقلت العقل والوجدان والروح منحدرة بها إلى مهاوي الاستلاب والتشيؤ، ما ضاعف معاناة الشاعرة لأنها تجد نفسها وحيدة، غريبة، معزولة تسبح ضد التيار الجارف بكل الأحلام وما ارتبط بها من آمال وأمان... إلى حد أنني لم أجد صعوبة في جعل عنوان الديوان "سوانح امرأة عادية" يتماثل إلى حد بعيد مع عنوان ترفع منه سوانح لتوضع محله "قيم" ليأتي العنوان هكذا: "قيم امرأة عادية": أجل، السوانح ديوان القيم الأخلاقية والجمالية. لنقف الآن عند القيم الأخلاقية والإنسانية. أولا: القصائد كلها واعية بوظيفتها القيمية بالمعنى الأكسيولوجي... تحفز وتدعو إلى ممارسة النقد المزدوج المتجه نحو الذات ونحو الغير.. متشبثة بالحلم دون مواربة ولا تردد أو استسلام... في ص. 9، نقرأ من قصيدة بعنوان "ربيع الوصل":

يُعَاتِبُنِي يَرَاعِي..

هَلْ تُرَاهَا الْعَيْنُ غَاضَتْ،

أَمْ تُرَاهَا الرِّيحُ هَامَتْ،

أَمْ عَلَتْ قَلْبِي تَضَارِيسُ الْغُيُومِ فَغَلَّفَتْ

نَجْمِي بِأَلْوَانِ الْحِكَايَاتِ الْخَوَالِي؟ !

هكذا يتوارد النقد عبر السؤال بل عبر الأسئلة الحارقة، فتستنجد الشاعرة من اللظى: "يا عيوني... أبعديني عن لظى الرمضاء..." هذا مستوى يعبر إلى آخر وهو مستوى معانقة الأحلام والآمال:

 يَا عُيُونِي.. أَبْعِدِينِي عَنْ لَظَى الرَّمْضَاءِ عَلِّي

أَرْتَدِي ظِلِّي، أُعَانِقُ مَوْسِمِي؛

مِنْ غَيْهَبِ الْجُبِّ اغْرُفِي حُلُمَ اللَّيَالِي،

وَاهْمُرِي غَيْثاً يُمَاهِي عُشْبَ آمَالِي؛

دَعِينِي أَسْتَحِمُّ بِنُورِكِ الشَّفَّافِ..

طِيرِي هَالَةً..

تَعْلُو رَيَاحِينِي.

هل أتيح لقراءتي وأبيح لها أن تستنتج أن شاعرة السوانح شاعرة الحلم بامتياز؟ استنطاق القصائد يحيل القارئ إلى هذا الاستنتاج من خلال رصدٍ عام لمعطياتها الدلالية. أغلب القصائد تحيل إلى الواقع/ المرجع نائية عن الزخرف الشكلي والغنائية الفرجوية، فلن نجد نفسنا هنا مع ما كان يعرف في الشعر والأدب بالفن من أجل الفن، الفن من أجل التسلية... فتلك شطحات فكرية أرادت أن تعلي من قيمة الفن فتوغلت كثيراً في هذا التصور فجعلت الشعر يتوسل إلى البناء البديع.. لكن إذا خلا النهر من مائه فمن أين يأتيه الإيقاع؟.. تصف الشاعرة الواقع/ المرجع بأوصافه الحقة دون إخلال بالبعد الجمالي والفني، ما حقق لقصائدها التوازن المنشود، تصف الواقع بانكساراته وتصدعاته وأقنعته، تسائل الخيبات والنكسات، دون تشاؤم ولا سوداوية، تستنهض الهمم وتستفز المتلقي ليشاركها معاناتها وهمومها، فالشعر ربيع الوصل بينها وبين المتلقي وبينها وبين رهانها وأفق انتظارها، فهي لا تكتب لنفسها للتسلي أو لملئ زمن فارغ او فائض، بل الكتابة لديها نضال قوامه تحقيق التواصل، ولما نحقق التواصل نغير ونتغير.. تلتحم في كتابة الشاعرة إرادة المعرفة بإرادة التغيير، والدليل قولها في نص بعنوان "كبو الأحلام"

تَكْبُو الْأَحْلَام.            

تَعْشُونَا أَطْيَافُ الْأَوْهَام.

فِي فَوْضىً عَابِثَةٍ

تَتَبَعْثَرُ أَوْرَاقٌ هَرِمَتْ

وَتَرَامَتْ

فَوْقَ رُكَامِ الْعُمْر.

فَوْقَ الْإِسْفَلْتِ الْبَارِد،

بَيْنَ الْأَرْجُل،

بَيْنَ مَتَاهَاتِ الْوَقْتِ الْجَاحِد،

يَنْهَارُ حُطَامُ هَيَاكِلِنَا.

إلى آخر القصيدة التي إن - أسعفتني مقولات النهج السميائي – أعتبرها دالة على البُنبة العميقة (ص. 59 و 54).

من أجل حلمها تنتفض الشاعرة بعدما أعياها السفر بحثا عن الحلم المنتكس والمنكسف فتعلن في مقطع من قصيدة عنوانها "ربيع الوصل" ص. 10 و 11:

ظَمِئْتُ..

ظَمِئْتُ فَاسْقِينِي جِمَاراً أَسْتَعِرْ،

أُذْكِي بَرَاكِينَ الْقَصِيدَةِ أَشْتَعِلْ

قَبَساً لِأَهْدَابِ السُّؤَالِ؛

أَوْ فَصُبِّي أَحْرُفِي وَهَجَ الْمُدَامَةِ..

مَوْقِداً..

يَسِمُ الْكَلَامَ بِأَلْفِ حَالِ..

وَأَنْتِ يَا رِيحَ الْجُنُونِ،

بَعْثِرِي مُدُنَ السُّكُونِ،

حَطِّمِي سُفُنَ الْمُحَالِ

وَانْثُرِي قَلَمِي امْتِدَاداً لِلْمَدَى،

لِنَزِيفِ أَنَّاتِي

لِعُمْرٍ مَائِجٍ

يَسْرِي بِأَوْصَالِي.

من القيم الدلالية، الأخلاقية والإنسانية يستقي القصيد في السوانح قيمته الجمالية، ذلك أن الأكسيولوجي استطيقي بامتياز فهو الحامل للبعد الإنساني الراسخ ما دام مواجهةً للقبح والشر وتطلعاً دائما نحو الحسن والجمال الأكسيولوجي والذي لا يمكن فصله عن القيم الجمالية في دلالتها الفنية إلا لضرورة منهجية او إجرائية. لم يخطئ الناقد العراقي مكي النزال في تقديمه لديوان الشاعرة الموسوم ب "أن أكون" حين وصفها بأنها شاعرة "تنتقي معانيها وأغراضها وكثرة مجازاتها وتواؤم أوزانها وقوافيها مع معانيها. إنه الشعر المنهمر دون تخطيط والبعيد عن التكلف الذي ابتلي به شعر عصرنا..." (ص. 5)

كل القصائد تصدح بأن الشاعرة تُعلي من القيم الإنسانية، فكان حضورها قويا أعاد إلى الأذهان ما كاد يغيب في كتابات شعرية كثيرة قديمها وحديثها وهو ان للشعر، كغيره من الخطابات الأخرى، رسالة – أو على الأصح رسائل بدونها تنزاح جمالية البناء فيها إلى تنميق وتزويق وترصيع وبديع وتكلف وتصنع وتلميع ينطبق عليه المثل السائر: "ألمزوّق من برّا آش خبارك من الداخل؟"

وعليه فلا أتوانى في اعتبار الشاعرة مثقفة عضوية بالمعنى الذي أنتجته مدرسة سوسيولوجية الأدب في مجال النقد الأدبي فهي في شعرها مناضلة يتنامى مسار حياتها وفاعليتُها مع الفئات التي تنتمي إليها تمثلها وتعبر عنها وتتواصل معها وتكتب لها ومن أجلها. والمثقف العضوي في تصور غرامشي أحد الممثلين الكبار للمدرسة النقدية المومئ إليها سابقاً، مثقف حامل لرسالة تكمن خلف كتاباته وتوجهها تتولد عنها رؤياه وأفق انتظاره الذي قد لا يكون بالضرورة منسجما مع رؤى و وآفاق انتظار تلك الفئات الاجتماعية، فهو قد يتراوح بين الاستجابة (La Confirmation) والتخييب حسب مصطلحات مدرسة جمالية التلقي.

فهل تتطاول القيم الدلالية والإنسانية في السوانح على القيم الجمالية فتغرقها أو تطغى عليها؟

 

القيم الجمالية في ديوان "سوانح امرأة عادية"

الرؤيا هي كشف القابع خلف المرئيات، وهي في نظر الشاعر أدونيس قفزة خارج المفاهيم السائدة، ما دامت تجربةً شخصيةً يسبُرها الشاعر ويفجرها في رؤى وحدوس وصور خارج كل نسق أو نظام. بهذا يكون الشعر مجاوزة رؤيويا صُوَرياً، لُغوياً، تخييليا، وفي القصدية والمعايير. والرؤيا حسب ما يرى الفيلسوف / الهرم أرسطو هو تخيل الممكن، وبهذا يتميز الشعر. وبصيغة أخرى، فإن الرؤيا الفنية باعتبارها نتاجا للتخييل الشعري لا توجد خارج دائرة أو محيط القيم الجمالية للنص.. والواقع أن أي نص أو كل نص لا يخلو من هذه القيمة ما دامت اللغة كلها مجازات واستعارات كما يذهب إلى ذلك بحق الشاعر والفنان والفيلسوف الألماني نتشه. ماذا يبقى إذن؟ يبقى أن الجمالي درجات ومستويات، وقد اعتُبر الشعرُ النصَّ الذي تتكثف فيه القيم الجمالية ليغدو "أسمى الكلام" (Le haut langage) في نظر الباحث والناقد الكبير جان كوهن الذي استقرأ المكونات الجمالية للشعر في كتابه "بنية اللغة الشعرية" مقارنا بالنثر. هذا الأخير يتحلى بالقيم الجمالية غير أن عناصر ومكونات وجودها في الشعر هي أقوى مما هي عليه في النثر بفعل كَمِّ ونوعية الخروق والتكسير والانزياحات التي تميز لغته ومجاوزته من خلال ذلك لأعتى وأقوى أشكال وألوان السلط بما في ذلك سلطة اللغة. من هنا نفهم القولة: "الفنون جنون" ودلالة الجنون هنا (انظر قصيدة جنون ص. 71) ترمز وتشير إلى الخروج عن المعايير السائدة والمألوفة في اتجاه تحرر اوسع من القيود الثقافية، اللغوية وكل السلط الرمزية وغير الرمزية. حينما يتصرف الشاعر  بحدس نبوئي وفطنة لاَهِبَةٍ نحو الممكن البعيد الذي لا يُرى إلا بالبصيرة أو المخيلة يتدفق نبع اللغة بطريقة تتكسر فيها القواعد والحدود وكأن الشاعر إنسانٌ غريب هو إلى الهذيان أو الحمق أقرب منه إلى العقل والمعقول بالمعنى المتداول. لِنُصْغِ إلى الرواد في هذا المجال، أعني سيغموند فرويد وجاك لاَكَان وغيرهما اللذين انصب تحليلهما السيكولوجي على التكسير الذي يطال الدال لدى المرضى النفسانيين  إلى حد ان الدال يغدو سائحا "متسيبا" ومنفصلا عن المدلول وعن الدلالة المتداولة. هل الشعراء حمقى؟ قطعا لا. إنهم أعقل الناس وأكثرهم جمالية وفنية وخلقا.. هل كلهم؟ بطبيعة الحال لا. ولكن يوجد بين الجميع قاسم مشترك: الانحراف والخرق والتكسير او ما ألف النقاد تسميته بالانزياح. "الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون؟" (صدق الله العظيم). هذا الوصف هو مع الشعراء أم ضدهم؟ حلل وناقش وأول واستنتج. أنا لما فعلت هذا وجدتُ هذا الوصف في القرآن الكريم له دقة متناهية في وصف الشعر.. ألا يعرف الشعر بأنه من بنات وثمرات التخييل والتصوير، أي شكل من الهيمان المستبطن للغواية الفنية. ماذا أقول؟ أعود إلى السوانح لأقول إنه ديوان زاخر بالمعطيات الجمالية، بل يحتوي ويتضمن قصائد لها وفيها احتفاء خاص بالجمالي. قصيدة "أنشدي يا حياة" (ص. 64) هي شعر فوق الشعر، فيها يلمس القارئ ذاك الاحتفاء بجمالية الشعر الذي لم يعد هو "كلام موزون مقفى له معنى"، بل تعدى الوزن والقافية إلى إيقاع مزدوج داخلي وخارجي، بل يكاد يجمع الشعراء والنقاد الذين يشتغلون على القصيدة الحديثة أن الإيقاع الداخلي هو ما يمنح هذه القصيدة فرادتها وتميزها الاستيطيقي. نقرأ في القصيدة:

أَحْرُفِي.. أَشْرِقِي..

أَغْدِقِي بِالْعَطَاء، أَنْشِدِي بِالشُّعُورِ اْصْدَحِي بِالْجَمَال، صَوْبَ قَصْرِ الْعَرُوضْ

أَبْحِرِي بِالْقَصِيدْ، اُرْسُمِينِي هُنَاكَ انْقُشِي بِالْفَصِيحْ نَغْمَةً مِنْ حُرُوفٍ بِعَزْفِ الْبَيَان.  يَا جِيَادَ الْخَيَالِ اصْهَلِي بِالْبَهَاء، فَوْقَ مَوْجِ الْبُحُورِ ارْقُصِي فِي انْتِشَاء، فِي دُجَاهُ اسْبَحِي

أَتْحِفِي بِالْكُنُوزْ،

بِاللَّآلِي الشَّرُود آيَةً فِي السَّمَاء، لَوِّنِي بِالنَّدَى

وَالضِّيا وَالسّنَاء لَوْحَةً بِالْقَرِيضِ اجْتَبَاهَا الْفُتُون.  هَذَا شِعْرِي هَمَى

مِثْلَ فَجْرٍ يَفُوح، مُفْعَماً بِالنَّدَى مُوقِظاً لِلْوُرُودْ، صَادِحاً فِي الْمَدَى لِلْهَوَى وَالْوُجُودْ، فَانْهَلِي يَا رِيَاضُ ارْتَوي يَا حُقُولْ، ذَا نَسِيمُ الرُّبَى قَدْ أَتَى وَالْخَيَالْ.. ذَا رَبِيعُ الْكَلَامِ احْتَفَى بِاخْتِيَال.

  تابعنا القصيدة إلى أن وصلت إلى الاحتفاء بجمال الكلم تستعمله الشاعرة في صيغة فعل احتفى باختيال. يحتفي الشعر في ربيعه باختيال مُسرجاً جياد الخيال التي بالبهاء تصهل.. شعر مفعم "بالندى موقظ للورود" (تناص: البحتري: " وقد نبَـه النيروز في غلس الدُجى *** أوائل ورد كـُن بالأمس نوَما")

تستعمل الشاعرة الظواهر الطبيعية بمعناها الطبيعي كاحتفاء بالموجودات، بالأنطولوجي وفي ذات الوقت كاستعارات تتدرج لتغدو أكثر كثافة فتؤول إلى رموز، فإلى ماذا ترمز النار والبركان والنور والليل والربيع والريح والغيم والظمأ والرماد والنيازك والماء والمطر والبحر والطوفان وغيرها من الاستعارات والرموز كثيرة على أساسها قام الصوغ التصويري والانحراف الدلالي والتغيير والاستبدال وأنسنة الأشياء والظواهر.

إذا طمحنا إلى التتبع التفصيلي- وهو مغرٍ- لكل هذه المعطيات لاحتجنا إلى نسج كتاب بدل قراءة محدودة في المكان والزمان. فانحباس الماء في الغيم صورة أخاذة فيها إحالة تخييلية شعرية جميلة، فإلى ماذا تحيل؟ إلى انحباس الحلم، فما وجه التشابه بين الماء والحلم والغيم والعائق؟ الماء رمز الخصب والحياة في اوج ازدهارها بل هو أصل الحياة لدى بعض الفلاسفة (طاليس) فلا حياة بلا حلم، بل أحلام، والغيم الجاف استعارة عن واقع أصيب بالعقم.. زهكذا نجد أنفسنا إزاء مماثلة ومفارقة. والمماثلات والمفارقات من أركان الاستيطيقا في بنيان الشعر. المماثلة قائمة بين الماء والحلم والمفارقة من حيث إن الماء انحبس في الغيم فإن هذا الأخير لم يعد مصدر الغيث بل تحول إلى مكان انحباس المطر وهي إحالة إلى الواقع المرجع الذي يقف سدا منيعا أمام انبثاق الأحلام كانبثاق الغيث من الغيم. غير أن الملفت، علاوة على الرصيد الزاخر من الانحرافات الشعرية، أعني الفنية، القائم على توظيف الاستعارة والرمز والتصوير، هو أنسنة تلك الظواهر الطبيعية وبث الحياة فيها وإدراجها في سياق فعل الفاعل العاقل الواعي والمسؤول، ما منح القصائد في السوانح شعرية وشاعرية لهما تجليات في جل القصائد... هذا إضافة إلى زخم التقابلات الضدية: الليل/النور، النار/الرماد، الحزن/الفرح، الانشراح/الضجر: "طال السفر" (ص. 28)

وَسَأَلْتُ مِرْآتِي الَّتِي تَحْكِي مَرَارَاتِ السَّفَرْ، عَنْ سِنْدِبَادٍ هَائِمٍ بَيْنَ الْمَنَايَا وَالْقَدَرْ؛ بَيْنَ الثُّرَيَّا وَالْقَمَرْ. إلخ

إلى أن نقرأ:

لَا الْبَدْرُ يُحْيِي لَيْلَهُ، وَالصُّبْحُ أَضْنَاهُ الضَّجَرْ.

في هذه القصيدة وردت كلمة المرآة ثلاث مرات وصيغ استفهامية ثلاثة. الصوغ الاستفهامي عنصر من عناصر الجمالي أو الشعري والتخييلي  والتداولي الحجاجي الإقناعي. وما أكثر ما تلتجئ الشاعرة إلى الموسقة والتنغيم باستعمال الرويّ حيث ينتهي الشطر في الكثير من القصائد بنفس الفونيم ما يدل على اهتمامها بالمعطى الغنائي والبعد الإيقاعي:

أَدْرَكَ النَّبْضُ أَنَّ الْمَعَانِي تُعَانِي،

أَنَّ وَجْدِي حَرِيقٌ يَؤُزُّ الْمَجَانِي،

وَالنُّهَى لاَهِبٌ بِانْزِيَاحٍ كَوَانِي.

وهكذا يتكامل الإيقاع الخارجي او الصوتي مع الإيقاع الداخلي الدلالي بكيفية يستحيل معها الفصل بين المبنى والمعنى، بين القيم الجمالية والقيم الدلالية. تستدعي الشاعرة الظواهر الطبيعية المكونة لفضاء مخترق للقصيد في ديوانها، جنودا تؤازرها في وحدتها وغربتها وعزلتها، على الاقتراب من الأحلام والآمال.. ها هنا يتجلى مرة أخرى ذاك الاحتفاء بالأنطولوجي والتفاعل الإيجابي معه، مع الموجودات بعد أن غيَّبتها أو أقصتها مسارات الكينونة، نموها وازدهارها، كما هي أصل ومنبع –ضمن أصول ومنابع أخرى، منها يغترف القول الشعري جماليته. (انظر كتاب الفيلسوف الألماني هيدغر: "الفن")

عماذا سيسفر هذا المخاض العسير للحلم (قصيدة "مخاض" ص. 32)؟

أَعْلَنَ الْحَرْفُ أَنَّ امْتِدَادِي يُنَادِي،

أَنَّ عِشْقِي نَزِيفٌ لِجُرْحِ الْمِدَادِ،

وَارْتِعَاشِي سَفِيرٌ لِبُعْدِ الْبِعَادِ. (ص.33)

يلمس القارئ وكأن القصيد هنا لا ينكتب بالمداد وإنما بكل كيان الشاعرة، يذكر بما قاله الفيلسوف والشاعر نيتشه عن الكتابة بالدم وبكل الجوارح وأن على الشعراء أن يشربوا مدادهم...

فَلْتَشْتَعِلْ يَا نَبْضُ مِنْ هَذَا الْجَفَاءْ. وَلْتَسْتَحِلْ أَوْرَاقُ شِعْرِي مَوْقِداً، يَأْوِي بَرَاكِينَ النَّوَى، نِيرَانَ وَهْمٍ لاَحِبٍ، أَطْيَافَ آمَالٍ هَبَاءْ.

وَلْيَسْتَعِرْ حَرْفِي لَهِيباً صَاخِباً، أَمْوَاجَ نُورٍ هَادِرٍ، أَذْرُوهُ فِي عَيْنِ الْمَسَاءْ؛ كَيْ مَا يَرَى حُزْناً بِنَجْمِي.. أَوْ ظِلاَلاً.. تُوصِدُ الْمَعْنَى، وَتَغْفُو فِي السَّمَاءْ.

وَلْتَحْتَرِقْ يَا قَلْبُ شَوْقاً، أَوْ فَذُبْ..

وِدْيَانَ دَمْعٍ جَارِفٍ.. مَا عَادَ حِبْرِي يَرْتَوِي، مِنْ بَعْدِ أَنْ وَلَّى الضِّيَاءْ.

خُذْنِي أَيَا عُمْرِي إِلَى عُمْرٍ مَضَى، دَعْنِي أَرَى سِرَّ الْمَآلْ، بَوْحَ الطُّلُولْ. عُدْ بِي إِلَى فَجْرِ الزَّمَانْ، أَدْفِنْ جُذُورِي فِي الْمَدَى.. أَرْتَـــاحُ مِنْ بَعْدِ الْعَنَاءْ.

(المعاني تعاني ص. 26 و 27)... تكاد تنطوي القصائد في السوانح على مستويين بينهما تناظر ضدي، مستوى أول بفضي إلى الثاني ويفارقه، في الأول معاناة والتياع وعناء ومكابدة وتيهان المعاني.. اما الثاني ففيه انتقال من العناء إلى تفجير ممكنات العطاء ليُرى سر المآل والخروج من الجفاء. هي جدلية الأضداد التي تتقوم بها الحياة، يتحد فيها الماضي والحاضر والمستقبل كحلقات لا انفصال بينها: "خُذْنِي أَيَا عُمْرِي إِلَى عُمْرٍ مَضَى - دَعْنِي أَرَى سِرَّ الْمَآلْ - عُدْ بِي إِلَى فَجْرِ الزَّمَانْ" (ص. 27) فمتى سيحل هذا الفجر وكيف يتم تعطيل حلوله؟ سؤال محوري في السوانح.. كثيرة هي الأشطر في القصائد لا تكتمل إلا بالحذف (نقاط الحذف) وكأن نهر القول الشعري لدى الشاعرة فياض وكأن الكلام في القصيد هو غيض من فيض. سبق أن ألمحت إلى انفتاح الشعر في القصائد هنا على الغيرن الغير الحاضر في الذكرى، في التصور والخيال والحاضر في الواقع، أعني أن الشاعرة لا تكتب لنفسها ولكن لغيرها، لذلك تتراوح الضمائر فيه، غالبا، بين ضمير المتكلم وضمير المخاطب:

وَإِنْ أَمْعَنْتَ فِي مَوْتِي،

وَوَارَيْتَ النَّدَى عَنِّي،

وَأَعْلَنْتَ انْتِحَارَ الْوَرْدِ فِي خَدِّي؛

سَآتِي مِنْ جَنَاحِ اللَّيْلِ مُمْتَطِياً

بَيَاضَ الْأُفْقِ وَالْأَلَقِ،

وَأَشْدُو بَوْحَ مَنْ مَرُّوا

بِلا جِسْرٍ،

بِلا طُرُقِ...

روعة في التركيب والتعبير واللحن الذي ينتقل بين نوتة الياء في موتي وعني وخدي، إلى القاف في الأفق والألق والطرق إلى حد تساألت معه عن معرفة الشاعرة ودرايتها بعلم وفن الموسيقى...

 

على سبيل الختم المنفتح:

فرض علي المقام ومقتضى الحال قراءة مختزلة للديوان المكتنز: "سوانح امرأة عادية" للشاعرة القديرة نعمة ابن حلام، غير أنني، وأنا أختزل قراءتي هاته، حاولت ألا تكون على حساب النص بتفقيره أو تحجيم فائض قيمه الجمالية والدلالية، لذلك اعتنيت به كفضاء رحيب كما هو عليه... فآل بي التشبع والقراءة المهوسة بالشغف إلى أن ديوان "سوانح امرأة عادية" يستقي فنيته من تداخل بين التركيب والتوليف والنظم والبناء وما يؤول إليه هذا البناء من نسج تنبثق فيه القيم الجمالية (الشعرية والشاعرية)، متكاملة في إطار ذلك التداخل مع القيم الدلالية، غير أن فرادة وأصالة وتميز الكتابة الشعرية في السوانح وفي الديوان الثاني "أن أكون" قوامها اعتناء عز نظيره بالبعد الجمالي، غير أن أقوى ما يتجلى مميزا الكتابة الشعرية لدى الشاعرة القديرة نعمة ابن حلام هو المحمول، أعني رؤيا ورسالة شعرها المتجه اختياراً واعيا إلى معانقة آمال وأحلام وطن بكامله، بل أحلام وأماني الإنسان أينما كان. بهذا ولجت الشاعرة عالم القصيد الحديث والمعاصر الذي تحول جذريا من الاعتناء بالشكل على حساب المضمون، ومن التمركز الذاتي إلى الانفتاح الكلي على الغيرية. في هذا الصدد يقول جبران خليل جبران مقارِنا بين شعرين مختلفين: "لكم لغتكم ولي لغتي، لكم من لغتكم البديع والبيان والمنطق، ومن لغتي نظرة في عين المغلوب، ودمعة في جفن المشتاق، وابتسامة على ثغر المومن، ولكم منها ما قاله سيبويه والأسود وابن عقيل ومن جاء قبلهم وبعدهم من المضجرين المملين، ولي منها ما تقوله الأم لطفلها والمحب لرفيقته، لكم لغتكم عجوز مقعدة، ولي لغتي صبية غارقة في بحر احلام شبابها. أقول إن ما تحسبونه بيانا ليس أكثر من عقم مزركش وسخافة مكلّسة. أقول لكم إنه لا ينقضي هذا الجيل إلا ويقوم لكم من أبنائكم وأحفادكم جلادون." (المرجع: محمد جمال باروت. الحداثة الأولى: ص. 174) فهل يستجيب الحال والمآل إلى أحلام "سوانح امرأة عادية" فيحل الاخضرار محل السواد الذي يسع أكبر مساحة لوحة غلاف الديوان يتوسطها (اللوحة) الأحمر (النور) كمساند للحلم، للأخضر؟ مقصيا اللون الأسود إلى الخلفية متقلصا ومتراجعا؟ إنه الأمل.