الجنجويد: الإبادة والتطهير.
الجنجويد: الإبادة والتطهير.
كليك توبرس _ عامر محمد أحمد..
هل ماتقوم به مليشيا آل دقلو المرتزقة العابرة للحدود ينطبق على وصف الإبادة الجماعية، والتطهير العراقي؟ و إن كان الامر لاينسحب على قبيلة او مجموعة سكانية دون غيرها بتتبع جغرافية إنتهاكات المرتزقة في دارفور او الخرطوم او ولاية الجزيرة .والحقيقة الواضحة انهو لايمكن حصر الجرائم في حيز جغرافي محدد واتهام امثال المتمرد المدعو (عبدالرحمن جمعة )في جريمة قتل والي ولاية غرب دارفور (خميس ابكر ) وهي جريمة يندى له جبين الإنسانية، ولكنها تمثل حلقة في سلسلة إجرام، ممنهج قامت به مليشيا" آل دقلو المرتزقة العابرة للحدود" ضد شعب اعزل، إضافة للتمرد ضد الدولة السودانية .
الإبادة..
يقول الباحث الدكتور عصام سخنيني في كتابه " الجريمة المقدسة من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيونى " في اثناء الحرب العالمية الثانية اضيف إلى معجم المفردات السياسية مصطلح جديد باللغة الانكليزية " genocide " الذي يترجم عادة إلى اللغة العربية بمصطلحي الإبادة الجماعية وإبادة الجنس .إبتدع هذا المصطلح الباحث القانوني البولندي ( رفائيل لمكين ) في كتاب له عن دول المحور ( المانيا النازية وحلفائها " وقد نحت لمكين كلمة genocide من لفظتين genos من اليونانية القديمة التي تعني الجنس او القبيلة وcide من اللاتينية التي تعني القتل ، وايضاً استخدم ethnocide مرادفاً لذلك المصطلح حيث ethnos اليونانية التي تعني الامة ومن هنا جاء تعبيرنا ( إبادة الجنس ) ويوضح ( لمكين ) في تعريفه المصطلح " إن الإبادة لاتعني بالضرورة تدميراً كاملاً لأمة ، بل تدل مخطط منسق من افعال مختلفة تستهدف تدمير قواعد الحياة الاساسية لمجموعة قومية بهدف محقها ، يتوخى هذا المخطط تفسيخ المؤسسات السياسية والاجتماعية للمجموعة القومية وثقافتها ولغتها ومشاعرها القومية ودينها ، ووجودها الاقتصادي ، كذلك تدمير امن الافراد المنتمين إلى هذه المجموعة وحريتهم وصحتهم وكرامتهم وايضاً حياتهم .الإبادة الجماعية بذلك تستهدف المجموعة القومية من حيث هي كيان ، بينما تستهدف الافعال المشمولة فيها الافراد لابصفتهم الفردية ، بل من حيث اعضاء في المجموعة القومية "
دخول القاموس..
يضيف سخنيني " دخل هذا المصطلح القاموس الدولي رسمياً بقرار الجمعية العمومية للامم المتحدة الرقم (٢٦٠) أ (٣) الذي اتخذته في التاسع من كانون الاول / ديسمبر ١٩٤٧ والقاضي بإنشاء معاهدة لمنع جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبتها وهي التي وضعت موضع التنفيذ إبتداء من الخامي عشر من كانون الثاني/ يناير ١٩٥١.وقدعرفت المادة الثانية من هذه المعاهدة الإبادة الجماعية بانها تعني اياً من الاعمال التالية التي ترتكب بقصد تدمير اي جماعة عرقية اوجنسية او دينية اكان كاملاً او جزئياً مثل (أ) قتل هذه الجماعة (ب) إلحاق ضرر خطير جسدي، او عقلي باعضاء الجماعة (ج ) إلحاق اذى بشكل متعمد بالأوضاع الحياتية للجماعة مقصود منه ان يؤدي إلى تدميرها كلياً اوجزئياً (د) نقل اطفال جماعة إلى جماعة اخرى بالقوة .واشار الباحث ( سخنيني ) " إن التطهير العرقي هو سياسة واضحة جداً لمجموعة ما من الاشخاص تقوم بشكل منهجي بأجتثاث مجموعة اخرى من منطقة ما على اساس اصولها العرقية او الدينية "
التطهير..
يقول عصام سخنيني " إن التطهير العرقي تعريض منطقة ذات عرقية متجانسة لإستخدام القوة او الترهيب لترحيل اشخاص من جماعة معينة من تلك المنطقة .وقد اوضح تقرير خبراء الامم المتحدة المقدم إلى مجلس الامن في ٢٤ ايار مايو ١٩٩٤م ، الاعمال والممارسات التي يتضمنها التطهير العرقي بأنها :
استخدام الجريمة ، والتعذيب ، والاعتقالات التعسفية ، والإعدام من دون محاكمة والاغتصاب والاعتداءات الجنسية ومحاصرة السكان المدنيين في معتزلات ، والهجمات العسكرية على المدنيين والمناطق المدنية او التهديد بها ، والتدمير الغاشم للممتلكات ومثل هذه الاعمال تشكل جرائم ضد الإنسانية، كما يمكن تشبيهها بجرائم الحرب..
..النموذج والقدوة..
في كتابه " لامستوطن ولامواطن _ صنع اقليات دائمة وتفكيكها " يقول المفكر الإفريقي محمود ممداني "عام ١٩٤٨م ، كان هناك ٥٢٦ مجتمعاً محلياً مختلفاً، بعد اربعة اعوام ، تدمر منها ٤١٨ مجتمعاً او تركت على حالها ولكن مع استخدامها لاغراض اخرى ، تم تحويل بعض المناطق المدمرة إلى غابات ، ووحدها بقايا الاماكن المقدسة والتاريخية ظلت كإشارات بارزة تشهد على ماجرى لها وسط الأشجار ، وتم تسييج بعضها الآخر وتحويله إلى مزارع .واعيد استيطان البنية التحتية التي صمدت من قبل اليهود وربما تم ضمها إلى حي مديني ما .بعض تلك التي تركت على حالها اصبحت " مستعمرات فنية " ومعارض ، ومتاحف ، ومواطن سياحية " مثلاً : عين هود.،قيسارية، ميناء صعد القديم واجزاءمن يافا وعكا " اوحدائق عامة مثلاً ، يالو ، عمواس ، الكابري ، لوبيا ، دلاتة ، قولة ، المزيرعة " ويضيف ممداني " تكتب الانثروبولوجية الفلسطينية هديل عسالي عن ميناء يافا " حيث تمت إعادة تشكيل المنازل والمباني الفلسطينية القديمة لتصبح معارض على آخر طراز : طرق المشي حول الميناء تضم علامات للسياح ، لتوضيح تاريخ المنطقة ، بينما تستبعد الفلسطينيين تماما منه ، إنها ليست بلدة اشباح لكن الفلسطينيين أشباح بالتأكيد _ ص ٣٦٧"
لغة قادة المليشيا المتمردة المجرمة في خطابها للشعب كانت عبارة عن رسائل يتم تبطينها حتى تصيب البعض بالاهتزاز واختاروا مفردات محددة تقع كلها تحت دائرة التهديد ومثال اخ قائد العصابة ( الخرطوم حقت منو ) وهو خطاب للتمهيد بان ما لم نشتره ، قادرون على الاستحواذ عليه وهو ماحدث ويحدث .وخطاب مجرم صغير في عربة عسكرية مسرعة نحو حاضرة الجزيرة ودمدني وهو يطالب من جحافل جراد دول المسغبة والجوع بالقدوم الى الجزيرة الخضراء والاستيلاء عليها. وخطاب مستشار الدعم والروائي السابق والمتمرد الحالي ( يوسف عزت) وهو( يرغي ويلوك الكلام ) بانهم سيسلمون بيوت المدنيين لحكومة منتخبة او ديمقراطية وفي الفترة الانتقالية من سيكون صاحب الدار الغريب المغتصب ام المالك المظلوم ..هكذا..وسؤال سردي هل سرق يوسف عزت اجواء روايات الصحراء واصبح الخيال الواسع مبتدأه ومنتهاه ،من السارد العظيم " إبراهيم الكوني" حتى اصابته عين الخسوف، بموت الضمير. وماعلاقة المواطن البسيط المنتهك بيته والمحتل من "لصوص اجانب" ،ماعلاقته بشكل الدولة عدلها ،او ظلمها ، مركزها وهامشها ؟.استخدم المستوطنون الجدد ، لغة الكلام البسيط لصالح مشروع استيطاني مدعوم صهيونيا وبواسطة الدعم السريع الإفريقي ودولة الامارات العربية المتحدة؟
..واخيراً الشكوى..
يقول مندوب السودان الدائم لدى الامم المتحدة في خطاب لرئيس مجلس الامن الدولي " بناء على تعليمات حكومة بلادي ، ارجو اوجه لكريم عنايتكم هذه الرسالة حول العدوان الإماراتي على شعب السودان وسيادته وسلامته الاقليمية واستقلاله السياسي .ويضيف مندوب السودان الحارث إدريس " إن خطورة الاعمال العدوانية واتساع نطاقها والاستخدام غير المشروع للقوة وماسببه من دمار هائل للانفس والارواح والبنية التحتية والمرافق والاعيان المدنية والاسواق والمنشآت الحكومية والبنايات ودور العبادة والكنائس والاضرحة ، وماتسبب فيه من انقطاع الخدمات وتوقف دولاب العمل ونهب السيارات والمصارف وتدمير المصانع ومواقع الانتاج ، ومالازمه من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة وعنف جنسي واغتصاب ، فضلاً عن الفجوة الغذائية وكافة عواقب تلك الاعمال العدوانية وانتهاك السلم والامن الدوليين وذلك من طبيعة وخطورة ونطاق ذلك العدوان المسلح "
..المشروع ..
يقول عصام سخنيني " نالت الحركة الصهيونية إذاً حصة وافرة من خلال إنخراطها في حمى هذه الموجة من التنافس الاستعماري عندما وضعت نفسها في خدمة احد اطرافه ، بريطانيا التي امدتها الصهيونية في المقابل بذخيرة إضافية لدعاواها بتملك فلسطين ، فلكي يصبح اليهود متراساً لأوروبا ضد آسيا ومحفزاً امامياً لها بحسب ماكان يبشر هرتسل ، كان عليهم ان يشكلوا كثافة سكانية عالية فيها تجعل هذه الصورة المشتهاة قابلة للتحقق بينما كان الامر غير ذلك في الزمن الذي شهد البدايات الاولى للمشروع الصهيوني عام ١٩٠٠ لم تزد نسبة اليهود في اعلى التقديرات من إجمالي عدد سكان فلسطين على ستة في المئة _ كانت معالجة عيب نقص السكان كامنة في بنية المشروع الصهيونى نفسه من بين جميع النماذج الاستعمارية الاوروبية التي ترعرع في كنفها اختار نمط الاستعمار الكولونيالي / الاستيطاني ليحذو حذوه ، يقوم هذا النمط على عدد من الركائز ، هجرة بشرية ( على الاغلب مترافقة مع قوة مسلحة ) الى المنطقة المستهدفة. الاستيلاء على الارض ياتي بالوسائل المتاحة ( حالة القوة المسلحة ) طرد السكان المحليين من ديارهم (.استئصالهم ) والحلول محلهم اوحصرهم في معازل منفصلة عن السكان المهاجرين .تحطيم البنى الاجتماعية و السياسية والاقتصادية للسكان الاصليين المستهدفين "
* المراجع..
*كتاب (.الجريمة المقدسة _ الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري الى المشروع الصهيوني _ عصام سخنيني_ المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات .ط.اولى بيروت أغسطس ٢٠١٢م.
*لامستوطن ولامواطن _ صنع اقليات دائمة وتفكيكها.محمود ممداني _ ترجمة عبيدة عامر .الشبكة العربية للابحاث والنشر .ط اولى بيروت ٢٠٢٣م
* خطاب مندوب السودان الدائم لدى الامم المتحدة والمعنون لرئيس مجلس الامن.