لبنان..انفجار للمرفأ والداخل..

لبنان..انفجار للمرفأ والداخل..
الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد

الإنفجار الذى ضرب مرفأ بيروت أمس الثلاثاء، هو اختبار  ماقبل  إعلان المحكمة الدولية المختصة،  بمقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق  رفيق الحريري وهو انفجار سياسي، بمقياس ريختر الدولة اللبنانية،  الهشة اقتصاديا، وسياسيا، واجتماعيا. تقول اسطورة الحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات القرن العشرين أن الخلافات العربية /العربية، يتم تصفيتها في بيروت، وتقول أسطورة اليوم أن المعركة  الأخيرة  في الصراع  آخر مراحلها هي بيروت.. قتل رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير 2005م. وبمقتله انتهت مرحلة سيطرة سوريا التى استمرت منذ العام1976، تحت لافتة (قوات الردع العربية) وكانت حقبة التدخل السوري، بداية نهاية منظمة التحرير الفلسطينية و التتويج للخروج الاخير من أرض المقاومة لبنان،  عقب الغزو الإسرائيلي للبنان في العام1982 م. في بيروت تتشكل القصص،  والقصائد،  والذخيرة، أرض السياحه والطائفية والانفتاح الثقافي، أرض التناقض واللادولة والديمقراطية المحكومة بميثاق طائفي وضعته فرنسا، قبل مغادرة جحافل جنودها أرض لبنان. قالت فرنسا على لسان المستعمر، الرئيس مارونى،  ورئيس الوزراء سنة، ومجلس النواب، شيعة. لا أحد في لبنان، يسأل عن عدد الناخبين أو مجموع كل طائفة، الأغلبية لامكان لها في هيكلة الدولة ووظائفها، دون المرور ببصمة الطائفي.

هيروشيما بيروت الاولى
اطلق مراقبون سياسيون،  على انفجار مرفأ بيروت، هيروشيما بيروت، فان هيروشيما الاولى التى اصابت بيروت وقلبها في مقتل، كان اغتيال رفيق الحريري، كتتويج واعلان انهاء حقبة اتفاق الطائف في العام1989م.  وقد فقدت الدولة اللبنانية، اول رئس جمهورية وفق اتفاق الطائف،  هو الرئيس رينيه معوض، وقبل مقتل معوض، قتل كمال جنبلاط، والشيخ حسن خالد، ورئيس الوزراء رشيد كرامي، وكل هؤلاء الشهداء، كان اغتيالهم بغرض   تأزيم، وزيادة اشتعال للنار في الجسد الطائفي،  المثخن بجراح الفرقة، والشتات،  والهشاشة، والتشرذم.

جراح الحرب.. 
يقول الصحفي اللبناني  (فؤاد مطر )في كتابه"سقوط الإمبراطورية اللبنانية -الجزء الثاني :المخاض". "بدأت السنة الجديدة  (1976) حزينة حزنا، لامثيل له.. الخوف في كل مكان، والحداد في معظم البيوت، والمستشفيات تكتظ بالجرحى، ولافرج على الإطلاق. أما الرصاص الذى انطلق بغزارة من فوهات البنادق والرشاشات  فكان توديع لسنة حافلة بالحزن والألم والدمار، واستقبالا لسنة قد تحمل في طياتها بعض الأمل.  لقد كان مفترضا بعد الهدوء النسبي الذى ساد طوال اليوم الأخير من العام 1975م واليوم الأول من الشهر الأول في العام1976م أن تفتتح الأسواق وتستأنف  المصارف نشاطها، لكن التشدد الماروني حيال المطالب الإسلامية خلق أجواء حذرة، ثم ازدادت حذرا في اعقاب انعقاد قمة إسلامية في منزل المفتي يوم الجمعة كانون الثاني -يناير -1976م، حضرها إضافة إلى الشيخ حسن خالد، الامام موسى الصدر رئيس المجلس الأعلى وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ محمد ابو شقرا ورئيس الحكومة رشيد كرامي " وكل اصطفاف كما هو معروف يقابله اصطفاف وقد استمر الحشد والحشد المضاد في التاريخ اللبناني إلى يوم الناس هذا. ويضيف الأستاذ فؤاد مطر قائلا :" في مجال تخفيف انعكاسات التصريحات التى بدرت عن القمة المارونية التى عقدت في القصر الجمهوري في بعبدا، وأثارت موجة من الاستياء في صفوف المسلمين، عقد المكتب السياسي لحزب الكتائب اجتماعا برئاسة الشيخ بيار الجميل، عرض خلاله البرنامج الشامل للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذى اعده الحزب لتقديمه في إطار البحث عن القاسم المشترك "
اتفاق الطائف.
"اتفاق الطائف هو الاسم الذى تعرف به وثيقة الوفاق الوطنى اللبناني التى وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان وذلك بوساطة سعودية في 30/يوليو /سبتمبر 1989م في مدينة الطائف وتم إقراره بقانون في 22/تشرين الأول أكتوبر 1989، منهيا الحرب الأهلية وذلك بعد اكثر من خمسة عشر عاما على اندلاعها وقد تم تصميمه لانهاء الحرب الأهلية وإعادة تأكيد السلطة اللبنانية في جنوب لبنان التى كانت تحتلها إسرائيل وحدد الاتفاق، اطارا زمنيا للانسحاب السوري في غضون عامين -- ويكيبيديا "

الانفجار الأول -مقتل الحريري.
أعاد رفيق الحريري، لبنان إلى الحياة وإلى العالم بعد طول خراب ودمار، استثمر في بيروت وبقية المدت، وبعلاقاته المميزة، حصن لبنان من الدمار وحرب العصابات وأقام اوتاد الدولة اللبنانية، دعم حزب الله لتحرير جنوب لبنان، كان قريبا من حافظ الاسد الآب، مؤسس السلالة العلوية الحاكمة جمهوريا منذ العام1970م ويبدو أن علاقة الحريري مع الأسد الأب، لم تجد التقدير من الأسد الأبن  (بشار) ودائما في علاقات لبنان مع سوريا وفي ظل التقسيم الطائفي، تظهر العلاقات مع إيران وتلعب دورا محوريا شديد التعقيد في علاقات سوريا مع الخليج والدولة العراقية. ومهما تكن التشابكات الدولية، فإن اغتيال الحريري كان ثمنه خروج سوريا النهائي، من لبنان وبداية العد التنازلي،  للنظام السوري،  من حيث التأثير في المحيط العربى واشتعال حرب اهلية طاحنة في سوريا، ساهمت في تشريد الملايين من الشعب السوري،  واعادة سوريا المزدهرة اقتصاديا، إلى حقبة ماقبل الدولة.
الانفجار الثاني.
تحول امس الثلاثاء مرفأ بيروت إلى ركام، وقتل مئة لبناني وجرح 3500 مع احتمالات عديدة بوصول الضحايا إلى مئات وخسارة مليارات الدولارات جراء تدمير المباني.. والسؤال من المستفيد الأول، والأخير من الدمار الثاني،  في ظرف خمسة عشر عاما للبنان،  مع وضع خسائر الحرب الاهلية السابقة في دفتر التاريخ.
المستفيدون :
- قتلة رفيق الحريري.. المحكمة الدولية ستعلن عنهم بعد غدا  الجمعة.
- إسرائيل التى اعلنت عن حرب شاملة ضد الدولة اللبنانية، إذا قام حزب الله بالرد على مقتل أحد عناصره في سوريا.
-إسرائيل وقتلة رفيق الحريري، إذ كانت المصلحة مشتركة في تغييبه عن مسرح الأحداث.