زمن الديم.
زمن الديم. .. فى مديح البساطة عامر محمد أحمد حسين تنتهى الصلاة (عصرا)فى تمام الساعة الرابعة والنصف، يخرجون من مسجد السوق الشعبي في سرعة شديدة،
زمن الديم.
.. فى مديح البساطة
عامر محمد أحمد حسين
تنتهى الصلاة (عصرا)فى تمام الساعة الرابعة والنصف، يخرجون من مسجد السوق الشعبي في سرعة شديدة، و الباقيات الصالحات تأخذ منهم مسافة الزمن بين المسجد وموقف مواصلات السوق وهما يحاولان الركض ب؟ خفة ورشاقة، الأول طويل القامة يميل وجهه إلى الاصفر، والثاني قصير قامة ينظر دائما فى اتجاهات مجهولة غير مرئية. ويتحدث مع نفسه بهمهمات خفيفة وخفيضة الصوت، مع ابتسامة لا تعرف إن كانت ترحيب أو خجل، يظهران فى هذا التوقيت فى كل فصول السنة، ولم يسبق لكائن التصريح برؤيتهم فى الظهيرة او المغربية ، وبينما يفرشان البساط ينظران للحضور لمعرفة العدد و لبدء الحفل في توقيت معلوم. والديكو حتى يكتمل فإنهما، يجلسان و أمامهم (صحن) اصابته القروش الحديدية بالتصدع. وكان الأول يعزف على آلة موسيقية لا أحد يعرف ماهيتها قد تكون ربابة او عيدان متشابهة بسلوك كهربائية وخيوط طول وعرض من (الدلاقين)تحتوى أقمشة بهآ كل الألوان. والأول دائما، يلبس عمامة لونها من لون اصفرار لونه وتراب روح الفن الذى يمسك بتلابيب حياته. والثاني صوته حزين يلونه كما يشاء إلا أن ما يعانيه، من تنازع وخجل، يساهمان فى جعل الصوت مفقود فى موازاة الجملة اللحنية، يحرف الكلمات عن جهل بها، وسوء حفظ . وكم كان مؤثرا والعازف الماهر يعزف فى اندماج والمغنى يرفع صوته عاليا حزبنا، فى إيقاع لحزين لمقطع من أغنية ثنائي العاصمة (حيرت قلبى معاك خليتو بيك مشغول ) إلى (وقطعت حبل الود الكان زمان موصول ) و تتحول الجملة اللحنية إلى (وقطعت حبل العود الكان زمان معقود) و مع النغمات الحزينة تغيب الكلمة وأصلها الصحيحين ، ويرتفع الصوت اكثر وأكثر وحبل العود المربوط يحاصر المستمعين وسط صخب الباعة الجائلين. وفى يوم من ذات الأيام وفى نفس المكان والتوقيت كانت الجلسة للثنائى، والصوت الحزين يسيطر (يمه الله من الريد يايمه الله من الريد )والأغنية مشهورة لثنائي النغم والصوت الحزين يسافر بعيدا ويرجع ويعلو الصوت فى رقة ام بلينة السنوسي وزينب خليفة ( مشيت نباري الصيد كان نروى من الريد، يومي النشوف تومي داك يبقى يوم العيد... يمه الله من الريد يايمه الله من الريد فات الفريق صبح لوين -(الى اين) نقول روح، عيني مجافية النوم قلبي ليك يشرح) يغيب الصوت في ملكوت الجمال، يغيب المغني في حالة جذب لايعرفها الا من عاش الوجد واعتصر الألم.. وفجأة يقف أحدهم ولم يكن من الحضور ولم يعش لحظة التجلي ويصيح زاجرا وبعنف (هذا غناء بنات)وكان الصوت الحزين ماقبل هذا القول بثواني قد تلبسته روح ثنائي النغم وازداد (ليونة)ومحنة. لم يعرفان من قبل لغة الحجر، والمنع، أو من يرفض فنهم. وجاء اليوم التالي ولم يظهر لهم أثر حتى تم العام والثاني والثالث والآن يمر عامهم العشرين بلا ظهور كما أفاد بذلك من لازالت لهم بالسوق الصلات .. واتمني ان يكونا بخير