مسامرات حظر التجوال
مسامرات حظر التجوال نيالا مدينة في القلب عثمان أحمد حسن. الوجبة في سوق المدينة هي اللحم، سلطة الخضار و قليل من الخبز، اللحم المشوي و يسمونه المُنصاص، يقطع الخروف لست قطع تُشوى على اللهب، بسبب المرعى الطبيعي و السلالات المميزة
مسامرات حظر التجوال
نيالا مدينة في القلب
عثمان أحمد حسن.
الوجبة في سوق المدينة هي اللحم، سلطة الخضار و قليل من الخبز، اللحم المشوي و يسمونه المُنصاص، يقطع الخروف لست قطع تُشوى على اللهب، بسبب المرعى الطبيعي و السلالات المميزة و طريقة الطهي فإن من ذاق المنُصاص قد لا يستسيغ ما عداه من طعام، رغم أن المائدة في نيالا لا تشبهها مائدة في طول البلاد و عرضها، النساء ماهرات في صنع الطعام، جبلن على الصبر و التجويد، من مهام العجائز في الأسرة تدريب الفتيات على فنون الطبخ، وقد شهدت مسابقة في إعداد وجبة و تركها لمدة ثلاثة أيام، كانت الفائزة فيها من جفت و جبتها و لم تتخمر.
في مناسبات العيد و الأفراح تتفنن النساء في صنع الطعام بمهارة و دربة، مرة و نحن نتناول العصيدة بادامها المميز نفاجأ بافخاذ الضأن و الدجاج و كاسات السمن و العسل مخبأة داخل إناء العصيدة، يثير الأمر بهجة الحضور و تتباهى النساء ايهن ازكى طعاما، فيمتلئ إناؤها بالنقود تحفيزا لمن تجود صنعتها. فتنطلق الزغاريد من الطاهية و صويحباتها.
إن دعوك لبيوتهم، فستعرف كيف نقصر في مدح كرامنا، ههنا كرم و اريحية لا تجد من يخلدها و يتغنى بها.
تأكل حتى الشبع الصريح و حين ترفع المائدة تكتشف أنك لا تزال في العتبة، أطباق التحلية دنيا قائمة بذاتها، الحلويات الشرقية و الغربية تتراجع في خفر فالسيادة للمنتج المحلي، خلطات قوامها الدخن مطحونا و مجروشا و مهروسا و اللبن و الزبادي، الإضافات تشمل العسل و السمن و السكر و الزبيب و عصير الليمون و عصير البرتقال و شرائح الموز و شراتح التفاح وشرائح المانجو و الجوافة ثم تأتيك العصائر للهضم، العرديب و الجوغان وبرتقال جبل مرة و برتقال سندو. ستجد أن ما تشربه من المشروبات الغازية مجرد JUNK DRINKS
أما الشاي في نيالا فهو سيد الكيف، نتناولة بالهيل و بالقرنفل و بالنعناع، كبايات الشاى تعطرها النساء كالعروس، فلا أدري اي الكيوف اتبع.
في العصاري يخرج البرامكة، و هم مجموعات من الأقران يشكلون حلقات لشرب الشاي، لهم قوانينهم و أعرافهم، يحرصون عليها و ينفذون بنودها، يغلب عليهم طابع المرح الجاد، يتغنون و يمدحون الشاي، يشمل المدح منتجيه و تجاره و صانعيه و شاربيه، يمدحون حتى الورل الصحراوي لأنه يأكل بقايا الشاي، وهو في نظرهم حريف يستحق المدح. يحتقرون من لا يشرب الشاي و يهجونه بمرارة، وهو عندهم متهوم بالجبن و الخيانة و الضعف إلى أن يثبت العكس بتناول الشاي، و يبلغ الأمر حدود المأساة برفض البنات الزواج من رجل لا يشرب الشاي.
من كتاب المنسيون، سلطنات جنوب الصحراء.