محمد نجيب..اناشيد فقراء الليل... *عامر محمد أحمد حسين.

محمد نجيب..اناشيد فقراء الليل... *عامر محمد أحمد حسين.

محمد نجيب..اناشيد فقراء الليل...
*عامر محمد أحمد حسين.
*تقديم..
يقول الشاعر محمد نجيب محمد علي: "هذه القصيدة ضاعت مني زمنا طويلا ،هي وبعض إخواتها وفاجأني الصديق علي سيد أحمد من دبي بها فأفرحني طويلا ، الشكر أجزله له ولأخيه عمر الذي كان يحتفظ بها"
*مقدمة..
يكتب" محمد نجيب محمد علي" الشعر بسهولة ويسر ،وتلقائية، وعذوبة، ورغم عمله في الصحافة ،واجادته ودراسته  للفلسفة ،وممارسته لها "حياتياً" إلا انني لا اتخيله إلا "شاعراً "،ولأرتباطي معه بالعمل  في مؤسسات صحفية متنوعة ،وذات اجراس تدق نواقيسها، احياناً بايقاع متزن موزون، وايقاع" اشتر "في احايين كثيرة ،ظللت دائماً ما اقرأ شعر "نجيب "وانعكاسات الواقع ، والصدق المهيمن على القصيدة وصاحبها..يكتب" محمد نجيب" الشعر في كل الاوقات تحاصره، القصيدة فيحاصرها، إذا كنت جالساً معه وحاصرته القصيدة فلاتسأله:، لأنك لامحالة فاقد صداقته للأبد..دعه يكتب وانتظر..الشعر عند "محمد نجيب "فكر كوني متقدم، تذكرة، وتذكار ،بصمة ،وضحكة وماساة ،وامراة جميلة، ولم ارّ في حياتي جميلً يعشق مثل" نجيب" يرعى الفراشات، وهي في بستان الزهور، يمضي معها وهي تطير بعيداً، وهو يعلم بأن الفراشة ستعود اراهنه بانها "شتت" "شتت _مصطلح شعبي شبابي سوداني بمعنى الذهاب او الهروب "يجاوبني "انت مابتعرف موسم عودة الفراشات، وهي فراشة تغرس الوفاء في نبات الارض ،شيمتها التعرف على الزهور. ..اشتبك معه في خلاصة الزهر،والرحيق ،وموسم الفراشة ،ويهزمني بفراسته، وتعود الفراشة. وينتظر وينتظر ،فإذا طارت قال بلسان عاشق الفراشات والضياءات وانوار الشتاء..يقول:هزمتني؟ ولكنه غداً يتابع الفراشات وينسج  مع رعايته حركتها   داخل الزهر، مواويلها الحزينة. وساحة معرض الزهور في "مقرن" الشعور بالجميل.
*مشهد
..تقول الاستاذة الدكتورة " بشرى البستاني" في كتابها "في  الريادة والفن _قراءة في شعر شاذل طاقة_"  "إن اندماج الذاتي بالموضوعي في القضايا الكبرى  للنص لدى "شاذل طاقة" كان يرفعه إلى درجة البوح ،فالشعر فعل ذاتي بامتياز ،فضاؤه الذات والرؤى التي يطلقها إنما تنطلق من الذات بعد استلامها واستلهامها ،إشارات الواقع ليكون الفن نتاج هذا التفاعل الخلاق بين الذات وواقعها،وبين الذات وظروفها ،إذ ترشح الرؤيا المحركة تلك الإشارات عبر آلياتها الفذة لتشكل الموهبة المثقفة ماستؤول إليه التجربة من بنى فنية ،ولذلك فإن زراعة البذور الموضوعية،معرفية كانت ام وطنبة ام إنسانبة ستؤدي إلى اجمل النتائج إن كان تلقي الإشارات سليما ولاشك في ان فضاء هذه البذور في صميم ذات شاعرنا كانت  مصحوبة بالإيمان ،ومروية بالحب الكبير الذي ظل يتوهج بومض الفن "_ كتاب في الفن والريادة ص( 53) ".
يقول الشاعر محمد نجيب في قصيدته  
" أنا شيد فقراء الليل".. 
"كتبوا علي سور المساجد يالطيف 
صرخوا علي باب المخابز يارغيف 
حملوا متاع الحزن فوق عظامهم 
وشما 
يبين علي هياكلهم
 ويعلوه النزيف"
يضع الشاعر حيوات "فقراء الليل وإنشادهم " في حركة لاتهدأ في نزاعهم مع الظلمة، والظلام، وهم في تسبيحهم ياتيهم المدد..مدد..مدد"يالطيف..يالطيف..يالطيف" هل ثمة تناقض بين مدد الروح وصرخاتهم  على" باب المخابز :يارغيف..البحث عن الحدود، وتجاوزها ،البحث عن اليقين وتثبيته، ..لاتوجد حقيقة مختلفة بين المد والاستمداد من اناشيد فقراء يقرأون بالليل ،ويغرفون من لحظة تجليهم  في لحظة الغياب وغيابهم حضور، وحضورهم" غياب،"مما هم فيه يجلسون على رصيف الحياة ،وبهجة الحياة امامهم  "المخابز" وفي شرودهم حكمة وفي حكمتهم" شرود" هي الموجة تعلو، ثم تعلو يالطيف، يالطيف، وترتفع حتى تنبت من النداء شجرة تغطيهم من "الصف، والنزف، والحر، وتملأ الجراب بالخبز، ويذهبون ،وقد ذهبوا ولم نراهم من" شهور "فأحترقت بعدهم الخرطوم.."حملوا متاع الحزن فوق عظامهم "وشما" يبين على هياكلهم ويعلوه النزيف" 
ورأيتهم يلقون أجساد الطفولة
 تحت أحذية الرصيف 
وسمعتهم يتشاجرون  ويصرخون 
يجادلون الليل عن :
غول خرافي مخيف " ويمضي "نجيب "،في سوحه ويسيح بينهم  ويصيح :
أنا لم أكن أعرف شيئا إسمه
(( الغول الخرافي المخيف )) والرؤيا تكتمل، عندما راى حملهم متاع الحزن فوق عظامهم، وشماً يبين على هياكلهم ،ويعلوه النزيف" .للصورة الشعرية عند "محمد نجيب" "،قولاً حفياً بالناس" بالاصوات بالجماد ،وصوت الطفل في رصيف الجوع ،ولديه إنذار صافرات حريق، ويحمل معهم من بعيد اثقالهم، وهو ينظر في عيون البؤس والايمان، والصبر، وهو بارع في وصف الحالة الشعورية، والجو العام وهي من اهم سمات الصورة الشعرية، وقلائل من يجيدون وصع السمات، على بساط الرؤيا ،وينعكس الضوء على مرآة الحنين .وياتيك الصوت الحزين عن "الغول الخرافي :
"الا من الحجوة ما يحكيه لي جدي، يقول:

يوم أن ضلت عن الشارع فاطمة الجميلة

يوم أن قصت ضفائرها الطويلة

قرب ماء البئر،
 كان الغول مختفيا،
 وكانت فاطمة

تسحب الجرة، لكن العيون المظلمة
 فقزت من الماء عليها
 كممت فمها
 فصرخت من يديها"
 تتبدى هنا الاسطورة،" الغول وفاطمة الجميلة" وتبدا الاسطورة  بغناء الروح في فضاء الذات.واوجاع الطريق، لفك الحصار والاغلال. إذ ترسم "الجرة" البحث عن الماء ، وهي في حالتها تلك تسعى للماء من اجل من ينتظره هناك "العيون المظلمة قفزت من الماء عليها وكممت فمها فصرخت من يديها " بغياب الصوت بالتكميم كان الشاهد على المأساة " قيد اليدين " ورمزية الإشارة في تثبيت صورة الواقع الجديد بعد وصول حالة الظلام والظلمة ووأد المستقبل .والناظر لشعر "محمد نجيب"  يلفت نظره هذه الرموز الخاصة التي يستخدمها في البناء المعرفي ،والبناء المعرفي تجده في شعره عنواناً واثقاً ،لخطاب فلسفي موغل في تثبيت الزمن حيث يحيط الواقع بالقول الفصيح فيخرسه، الاسطورة هنا  يستدعيها "نجيب دائما" وعند كل لحظة صفو واصطفاء ،يستدعيها في اعتيادية، وكانها لاتحتاج فك لشفرة، ووضع اللغة موضع التأويل..الغول والظلمة  ومابينهما "فاطمة السمحة _ الجميلة.". ورمزية الغول الكائن الخرافي ، ولكنه يتحول إلى حقيقة لاتنتهى عندما :    
 "ظهر الغول 
فوجمت فاطمة
هجم الغول ولكنّ
 نام جدي قبل أن يكشف سر الخاتمة"  ..
الوجوم من هول ظهور الغول _جسداً ومجسداً لخوفنا من المجهول" المتجسد" في صورة مادية تحيط بنا من كل اتجاه ،ثمة نزوع إلى تغيير صورة الحسي، الى معنوي والمجهول إلى "معلوم"،وتبلغ الصورة اقصى مدى في اقسى تصور للخوف، والرعب ،وحالة الوجوم ،تمثل حلقة او درجة من درجات الخوف"فوجمت فاطمة _هجم الغول ولكن_
 وجوم ':سُكُوت وَصَمْت من غَضَب أو خَوْف.
2.
قَلَق، جَزَع، اكتئاب..ومع فوجمت فاطمة ،وهجم الغول ،ولكن يستدرك القارئ وليس الشاعر ماحدث "هجم الغول ولكن نام جدي قبل ان يكشف سر الخاتمة" في هذا المشهد تنظر وتكون في نظرتك منتبهاً للخاتمة لقد استعار الراوائي الشاعر من جده الحكاية لبحكيها لنا بلسانه إنابة عن جده،اعطيناه كل حواسنا ولكنه في استدراك ،يقول لنا "نام جدي قبل ان يكشف سر الخاتمة"
*اسرار المدينة..
يرسم الشاعر" محمد نجيب" لوحة مرور:
"وأنا أعبر ميدان "أبو جنزير" في هذا المساء
 المح الآن صفوف الفقراء
 الفقراء الغرباء
 كل اطفال بلادي الفقراء
 الفقراء الغرباء
 الشيوخ الفقراء
 النساء المهملات الفقراء" ..في طريق العودة من رمضاء النهار، إلى ضوضاء الليل ،يلمح في ركن وهو العابر من نهار في سماء يومه كل الرهق ،يلمح "صفوف الفقراء
الفقراء الغرباء
الشيوخ الفقراء..ومكان المرور "ابوجنزير " كان فسيحاً، ثم حاصرته المدينة، وانزوى الضريح تقلص إلى علامة ،وقبر مجهول هوية صاحبه ،ليست هوية الشخص، بل هوية "الشيوخ الفقراء "،كانوا هنا في ملاذٍ وروح شفيفة تحيط بهم ،تحيط بميناء واسع فيه البحر" الهائمون" في امواجه ،شجرة ظليلة تقف على راس الشارع وتهدي اغصانها "الظل الوراف ويسمعون الكلم الطيب، وفي ممرات صغيرة وسط حوانيت صغيرة،يضعون الراس على حجر وينامون  ،اقاموا الليل_ وناموا ،وقبل ماتشرق الشمس ،ضربوا اسواق المدينة ،يمدحون المصطفي ويصطفون الاخيار ،من لم يحبهم لايعطونه من حبهم حبة ولسان حالهم "الماعندو محبة ماعندو الحبة ،والعندو محبة ماخلى الحبة."*..وفي بحر هؤلاء المتلاطم وليلهم الطويل ،تطل هناك وبالقرب منهم طائفة "الفقراء الغرباء" وهم غرباء المكان، وليس الروح ،نزحوا من بعيد حملوا جراحهم ويمموا وجوههم شطر المدن ،في كل مدينة تراهم وكانت لهم في تلك الامكنة "ابوجنزير "نار بالليل تشتعل لتطفئ نار الجوع والشتاء.. ويمضي" محمد نجيب" في رسم لوحته الحزينة بمداد الدموع 
" والشباب العاجزين تلفحوا في جامع " الفاروق" أثواب البكاء

كلهم الا العمارات التي شقت الى كبد السماء 
وأضاءت عورة الجوعى،
 وأفخاذ اليتامى 
والصبيات اللواتي، أخذ الجوع بهن 
وتنامى
 فتكشفن عظاما
 وتكسرن عظاما 
كان سوق الليل مزدهيا بآلاف الفواجع 
طفلة الحرب التي فرت من البيت
 الى موت الشوارع
 صرخة الجوع التي مدت يديها 
وافاقت مقلتيها
 فوق بركان من الجوع 
وكان الصوت جائع "..
للملك" فاروق الاول" ،معالم في السودان تختلف عن سيرته في مصر مابعد ثورة يوليو ١٩٥٢.وفي قلب الخرطوم يوجد مسجداً باسمه وتروى الحكايات عنه وتأسيسه من الشيخ" ارباب العقائد " في الفترة التركية في السودان "١٨٢١_١٨٨٥" وتم تدميره مع تدمير الخرطوم ابان الثورة المهدية"١٨٨٥_١٨٩٨" وهناك مقابر في الخرطوم تقع في شارع مهم وحيوي "شارع اللواء محمد نجيب " بأسم فاروق ،والمفارقة ان اللواء "محمد نجيب" هو اول رئيس لمجلس قيادة الثورة التي اطاحت بالملك فاروق الاول"ملك مصر والسودان " تلفحوا في جامع الفاروق اثواب البكاء _كلهم إلا العمارات التي شقت إلى كبد السماء واضاءت عورة الجوعى وافخاذ اليتامى " هذه رحلة البؤس التي تثير المواجع، بين شاهقات استجمعت كل ماهنالك ومع هبوط الليل اظهرت انياب الفقر وانكشفت عورة الجوعي وافخاذ اليتامي_ صورة الشارع / الجامع _ مسجد الفاروق_ الفقراء الغرباء وصداع الليل فظيع لهؤلاء الجوعى اليتامي وبشعور من يحيا في اللاوقع ،وهم يعيشون في الواقع المخيف تراهم كما يرسم الشاعر "كان سوق الليل مزدهياً بآلاف الفواجع" ماذا في سوق الليل ونحن في صورة مصغرة راينا كل المواجع..
_طفلة الحرب التي فرت من البيت
إلى موت الشوارع
_صرخة الجوع التي مدت يديها
وافاقت مقلتيها فوق بركان من الجوع
وكان الصوت جائع.."
وكان الصوت جائع، وهنا اللغة هي "الحقيقة الكبرى "مع صوت الجوع، وما ابلغ صورة الرائي الشاعر وهو ينقل صوت الجوع ودقة مايرسمه تحسب كأن الصوت تسمعه ان" الشاعر" يحررنا من قيد المشاهدة إلى يقين المشاركة، وينصب لنا الخيمة حتى يزداد الصوت رسوخاً إذ كان الصوت نفسه" جائع "
*البحث عن الوطن..
هل كان الشاعر محمد نجيب،يقرا" الكف" وتاتيه مع خطوط" اليد" وشروحات النفس تاريخاً قادماً بعد ثلاثة عقود، من إلهامه وتدفقه إنسانياً شعوراً ،وشعراً في تجاوز قلمه للواقع الماثل، وهو ينظر هناك إلى القادم إلى الماساة /الملهاة..الجغرافية الحزينة جدران بيت الجار، والصديق، والاب ،والام ،والخال والعم ،والجد ،والجدة،،جغرافية الخروج من بيتك حزناً وقهراً ..يقول محمد نجيب:
"آه يا وطني الذي’ أبحث عنه دونما جدوى
 غريباً في دروب الليل
 تزحم صدرك الأحزان
 لا ضوء ولا مأوى".. نكتشف في كل اليوم ما اصاب الوطن، وفداحة تفاصيل الحزن اليومي لمن غادر الوطن في هجرة خارجية، ومن غادر تعريشة بيته،اسوار مكتبته، وذاك كتاب فتح صفحته وتركها كي يعود في" المساء" فوجد ان الغرباء احتلوا البيت وقالوا بصوت جماعي بشع :"خذ متاعك واذهب وإن لم تذهب، سنذهبك بالرصاص" ، لم يتركوك في تلويحة او صورة تذكارية بالقرب من شارع بيتك اوتحت ظل شجرة النيم وجلسة الاصدقاء..هي جغرافية "غريباً في دروب الليل 
تزحم صدرك الاحزان"  وتزدحم الشوارع كلها بالفقد كانت الصورة للجغرافية المنهوبة بائسة حزينة تقول طردوا" الجمال "من هنا وناموا، على "وسائد" صاحب البيت..ويخط في جدار الليل محمد نجيب رسماً بديعاً ويقول :
" وأنا أقفز من حزن
 إلى حزن 
إلى  ظل تلفح بالضحايا
- كانت الخرطوم غائبة,
-  تغازل عريها الليلي,
-  تفضحها الخطايا
-  كانت الخرطوم أول شاهد يخفي شهادته
-  وينكر أن نهر النيل لا يجري
-  فأسألها
- : علام، علام، يا خرطوم
-  تنكر مرة أخرى".. يقفز بنا "نجيب " من حزن إلى حزن وعندما تكتمل دائرة الاحزان يقودنا "إلى ظل تلفح بالضحايا " ونحن في المأساة غرقى بالضحايا ،ينقلنا  إلى جغرافية الحدث_كانت الخرطوم غائبة _تغازل عريها الليلي _ تفضحها الخطايا." غياب الخرطوم وسط الضحايا والخطايا والدم والدموع.ويردد محمد نجيب ، السؤال ، يكرره ...
"-  فأسألها: 
- فتنكر مرة أخرى
-  وتنكر مرة أخرى
-  فأنهرها:" الخرطوم الكائن الليلي الخرافي الاسطوري، المحاصر بالغول يسألها الشاعر وتعتصم وترفض الاجابة ..وتنكر مرة اخري "فانهرها" يالجمال استخدام الكلمة في قاموس معجمها الفصيح والعامية السودانية"فانهرها" يرفع صوته في غضب وضجر محتجاً على إنكارها للضحايا والخطايا وحينما يغلبها الإنكار ..
"تقول بأنها للآن لا تدري" هي حوارية رائعة استفاد الشاعر من" النفس الفلسفي ومسرحة الوجود "
اي " القدرة على التفاعل مع الواقع (أو الكون) بشكل مباشر أو غير مباشر."___ويكبيديا." وعندما يفشل في اخذ الاجابة منها تاتيها الأجابة: أنا أدري
 فهذا الليل يا خرطوم
 أغرق نورك القدسي
 بين الحرب والفقر
 وبين الغدر والقهر
 وبين بلاغة الأسماء 
والخطباء
 والحكم المسائية
 فهل تبقين يا خرطوم،
 عاجزة ومنسية!
! ومسبية!

يصيح عليك في الأسواق،
 تجار،
 سماسرة، 
وأفاكون
 يصيح عليك من باعوك يوم ولادة الشهداء
 وأندسوا بحضنك يجأرون
 من ساوموا فيك اللصوص
 وعاشروا فيك اللصوص
 وغامروا بموائد الفقراء في سوق النخاسة 
وتدثروا ثوب النضال وخبأوا 
من تحتة جسم الخديعة والنجاسة
 يا أيها الوطن الحزين 
الآن تنبت أرضك الفقراء
 والبؤساء 
والشعراء

"والشماسة" المتجولين
 الآن تظهر فيك رايات الأنين 
يا أيها الوطن الحزين 
يا أيها الوطن الحزين"...
عند هذا النهر المتدفق شعراً في سخاء ،وعند هذا القول الفصيح المعبر عن الشعر في رؤية الاشياء كما هي تسقط كل" سلطة" تكبل ،وتقيد اتجاهنا نحو "المدينة" وفي تمييز الاتجاهات التي تصل بنا إلى "يا ايها الوطن الحزين..الآن تنبت ارضك الفقراء" الخرطوم مدينة في ازقتها يقتسم الناس "النبقة_ الحزن" ويرسمون دوائر الخوف ،ومدارات الظنون وبين كل حجر وحجر، تجد من يغني لها ،ويغني عليها ويغني فيها ،وينتظر ظهيرة الغد ،وكيف سوف يمضي نهار يوم الغد في عزف على "الكمان" ام يذهب لسماع الطار في ليل" السائحين" "الآن تظهر فيك رايات الانين_ سيصيح عليك تجار سماسرة وافاكون "سيصيح عليك من باعوك يوم ولادة الشهداء".
*المراجع..
*كتاب "في الفن والريادة _قراءة في شعر شاذل طاقة" ص ٥٣..دار مجدلاوي للنشر والتوزيع ط.اولى ٢٠١٠_٢٠١١..المملكة الاردنية الهاشمية....
*شاذل طاقة شاعر عراقي راحل عاش في الفترة ١٩٢٩_١٩٧٤م" "
*مقولة "الماعندو محبة ماعندو حبة والعندو محبة ماخلى الحبة _ تنسب الى الشيخ العبيد ودبدر احد اشهر متصوفة السودان..والمعنى ان من لايحب لايملك شيئاً ومن يحب الناس يحبونه ويحبه كل الكون وهي للحض على إفشاء الحب بين الناس..