غورباتشوف...السكرتير السابع والأخير "١". --عرض كتاب.. *عامر محمد أحمد حسين...... 

غورباتشوف...السكرتير السابع والأخير

غورباتشوف...السكرتير السابع والأخير "١".
--عرض كتاب..
*عامر محمد أحمد حسين...... 
أعلن في٣٠/أكتوير ٢٠٢٢.وفاة ميخائيل غوربات شوف آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي ، الإمبراطورية التي امتدت في الفترة من " ١٩١٧ وإلى _ عام استقالة غورباتشوف من رئاسة الحزب والدولة في ١٩٩٣ ". وبرحيله تنطوي حقبة من تاريخ العالم، شهدت "حربين عالميتين"  ، وأعقبت  الحرب العالمية الثانية.،ظهور حركات التحرر الوطني في كثير  من دول العالم الثالث إعلانا ببداية زوال الاستعمار بصورته القديمة ومع ظهور صراع الأقطاب الجديدة كانت، الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وريثة الاستعمار القديم، .والاتحاد السوفيتي العظيم ورافع لواء  الإشتراكيةالعلمية هي المحدد لكل دولة مساحة قربها او بعدها من قطب من اقطاب النظام العالمى  ،و اشتهر السوفييت بالوقوف مع نضالات الشعوب ضد الاستغلال ،والاستعمار هكذا كانت تقول ادبياتهم السياسية ومن ثمار ذلك التوجه الدخول .في مواجهة مباشرة  مع  الرأسمالية الأمريكية والأوروبية ..وهذا الكتاب يرسم صورة وبعدسة قريبة من  غورباتشوف تستنطق الوثيقة والعصر. . وبعيداًعن كل هنات انحياز هنا او هناك في تحليل، وسرد بعض وقائع  تلك الفترة و قد يكون من أسبابها الجمهور المستهدف بالكتاب وخاصة بعد انتهاء العصر السوفيتي و تفكك الدولة.. ،إلا أن الكتاب عكس  جهود مخلصة في البحث،  من الكاتب ميشيل هيلير ،و"المترجمين" الدكتور نظير جاهل.. والدكتور حسن الضيقة...
يقول ميشيل هيلير في كتابه"السكرتير السابع والأخير--نشوء وانهيار الإمبراطورية الشيوعية ".،واحد تلو الآخر اختفى ثلاثة أمناء عامين:بريجنيف في تشرين الثاني ١٩٨٢،ا اندربوف في شباط ١٩٨٤ ،وتشيرنينكو في آذار مارس١٩٨٥،فهل من شهادة افصح واجلى عن الأزمة التي يمر بها النظام ؟ لقد اصبح ملحاً وحيويا. إيجاد مرشد جديد يتمكن من إثبات أنٌ هؤلاء العجز الذين يبدون بوجوههم الشمعية على شفير الموت والذين يزينون منابر المؤتمرات  وشاشات  التلفزيون ليسو إلا امارات تدل على أفول  الدولة الإشتراكية الأولى في العالم،أو على سقوط آخر الإمبراطوريات في عصرنا. ويفسر ثقل الانتظار وكثافته - الانتظار الذي بدأ مع الوفاة الأولى- الاستقبال الذي خص به يوري اندربوف..وبصورة أخرى كيف نفهم أن يثير مجيء رجل إلى حكم الاتحاد السوفيتي،كان طوال خمس عشرة سنة أقوى  رئيس استخبارات عرفها التاريخ. ولكن اندربوف لم يتأخر عن مغادرة المسرح ،إلا أن الأمل لم يتبدد برحيله .فقد بقى ماتركه من مشاعر قوياً واستمر محرك الدعاوة في جهوزية عالية بانتظار أية إشارة،لابد من يأتي مخلص وقد أتى..


لماذا هو؟
يقول ميشيل هيلير:" هناك احتمال ضئيل جدا أن تكون "المحبة" قد دخلت في عداد المعايير التي أخذها بالحسبان أعضاء المكتب  السياسي بوصفهم "كبار الناخبين "عندما اختاروا في ١١ آذار مارس ١٩٨٥  خليفة لتشيرينيكو غير أن الأمر مختلف دون شك بالنسبة "لسلفة الثقة" ولكن يبقى سؤالاً: من يثق بمن؟ عندما ضبط لينين آلته السياسية التي كانت من نمط جديد لم يضمنها آلية لانتقال السلطة. إذ ربما كان مقتنعاُ بخلوده .وقد كان له حين حصول انقلاب تشرين الأول ٤٧ سنة ولم تكن مسألة خلافته مطروحة.وهي لم تبرز إلا في ١٩٢٢ حين اصابته شدة المرض .حينها نص رسالته إلى المؤتمر الثاني عشر للحزب .التي عرفت بأسم "الوصية" مستعرضاُ واحدً تلو الآخر،ستة من  بين أبرز قيادات الحزب .اصدر لينين على كل منهم حكما سلبياُ مركزاً على هذه  النقطة : ليس فيهم من يستطيع أن يحل بمفرده  مكان الأب  المؤسس ،وكما يشير خروتشوف ، عرف ستالين كيف بستفيد من ذلك ليمسك بزمام المناورة .وقد ردد مرات عديدة " لقد أفسد لينين حين كتب وصيته كل شيء بيننا وشوشنا جميعاً " لم يكن لينين في ١٩١٧ قد بلغ الخمسين وقد انتخب ستالين أيضا أمينا عاما في الواحدة والأربعين، فيما بلغ خروتشوف هذا المنصب في التاسعة والخمسين وبريجينيف في الثامنة والخمسين. ثم تدهورت الأمور: فأندروبوف لم يحظ بالسلطة إلا في الثامنة والستين وتشيرنينكو في الثالثة والسبعين. أما في آذار مارس ١٩٨٥ فكان عدد المرشحين ضئيلا  وإذا أخذنا بالاعتبار المبدأ الذي يوجب انتخاب الأمين العام بين الأمناء الأول،فإن مرشحين فقط كانا ممكنين : ميخائيل غورباتشوف وغريغوري رومانوف .ورومانوف الذي استدعي إلى موسكو من قبل اندربوف كان سيئ  السمعة : ففي ليننغراد حيث كان يحتل منصب السكرتير الأول  لم يكن مشهورا فقط بقساوته بل أيضا بعربدته.وان شائعات الفساد كانت لاتفارقه أبداً.وقد أتى به اندربوف إلى موسكو ولكن دون السماح له بأن يختار. ورغم ان انتخاب غورباتشوف بدأ مضمونا ، ولم يبق أحد غيره ..لم تكن الأمور بديهية إلى هذه الدرجة. فصغر سن المرشح كان عقبة أساسية. إذ أن متوسط الأعمار  الخاص بأعضاء المكتب السياسي يبلغ سبع وستين سنة  وعند  الأمناء اعضاء اللجنة المركزية سبعين .إلا أن انتخاب.غورباتشوف من قبل المكتب السياسي كان سريعاً.وهذا مايفسر  جزئيا بغياب ثلاثة أعضاء مهمين.بعد موت تشيرينينكو  لم يعد  المكتب السياسي يضم أكثر  من  عشرة  أعضاء  ثلاثة منهم كانوا غائبين فبقي سبعة .وفي خريف ١٩٨٩ لم يبق  أحد من هؤلاء في موقعه باستثناء آرباتوف .وهكذا اتبع غورباتشوف قاعدة الطغاة الذهبية:  وهي أن لايشرك المرء بالحكم  الذين أعانوه للاستيلاء على السلطة .بناء على دعوة عاجلة عقدت اللجنة المركزية جلسة بكامل أعضائها وصادقت على "توصية" المكتب السياسي. وهذا مايشير إليه غروميكو في مذكراته " اثناء جلسة اللجنة المركزية التى انعقدت مكتملة في آذار مارس ١٩٨٥ :أخذت  الكلام بناء على طلب  من المكتب كي أقترح  ميخائيل سرغيفيتش غورباتشوف لمنصب الأمانة  العامة ولتعليل هذا الاختيار وقد نشرت الصحافة  مداخلتي هذه..غير أن خطاب غروميكو وبعكس العادة الجارية لم ينشر في أي جريدة  يومية .وكان لابد من انتظار أسبوعين لقراءته بنسخته  المنقحة في مجلة  كومونيست ثم في كراس خاص .لقد قام غروميكو  ،كما  يشير هو نفسه ،بتعليل انتخاب غورباتشوف. وهنا أيضا وخلافا لجميع  الأعراف  لم يمتدح الخطيب إنجازات  المرشح المقترح والواقع  أنه  لم يكن هاهنا ما يمتدح : فالزراعة التي كان غورباتشوف  يديرها بين ١٩٧٨ و١٩٨٣ بوصفه اميناً في اللجنة المركزية،عرفت خلال هذه الفترة أزمة  عميقة لم يشابهها شئ  سوى كارثة التاميم .ولم يكن  من الممكن هذه المرة درء المجاعة إلا  من خلال استيراد  كثيف للحنطة من الخارج .قدم غروميكو مرشحه بوصفة"رجلاً عملياً مميزاً" وأعلن  عن "إعجابه  الشديد  بقدراته" ولم يوفر غروميكو ثناءه على  الرجل نفسه: فالمرشح لمنصب الأمين العام،كان لامعاً بإظهار مواهبه حين تولى رئاسة جلسات المكتب السياسي بغياب تشيرينينكو،وهو لايضاهيه أحد  في إيجاد الحلول  الأشد تلاءماً مع خطب الحزب . وهو أيضا  يعرض بوضوح  وجهة نظره بصراحة تليق بلينين .وهو ذو ثقافة رفيعة جدا،ولديه ملكة مقاربة المسائل  بطريقة تحليلية،مما يسمح له بدراسة  مختلف العناصر  قبل أن يصل إلى أى استنتاج ... إلا أن أبرز إطراء  وجهه غروميكو لغورباتشوف لم يرد في نص خطابه المنشور ولكن جميع كاتبي سيرة  الأمين العام  أشاروا إليه اضافة الى ذيوعه في أرجاء  موسكو  يوم الانتخاب نفسه "رقيق الابتسامة ولكن أنيابه من حديد " هذا ماقاله غروميكو. وكما يقول الطليان:إن لم يكن قولاً صحيحا،فإنه اختلاف حسن " ويورد أشهر  الدبلوماسيين  في القرن العشرين-- والإشارة  لغروميكو - في مذكراته تفصيلاً طريفاً .قبل وفاته بثلاثة  أيام  إتصل  به تشيرينينكو هاتفيا " اندريه اندريفيتش ،حالتي سيئة وأتساءل  إن  لم  يكن من الأفضل أن أطلب  احالتي للتقاعد ..أريد   رأيك..كان جوابي مقتضباً ولكن  واضح: هل أن  هذا  لايدفع بالأحداث في وجهة مناقضة  للحالة الموضوعية؟ فعلى حد علمي أن  الأطباء  ليسوا على هذه الدرجة من التشاؤم؟...إذن  بنظرك الأمر  ليس ...مستعجلا ...كلا الحالة ليست مستعجلة، والتسرع غير مبرر ..كان غروميكو  حريصاً على ألا يتسرع تشيرينينكو  إذ لم تكن  الأمور  التي  تسمح بانتخاب  غورباتشوف قد نضجت بعد..وفيما بعد  سوف ينقض خليفة غروميكو إدوارد شيفرنادزة الذي كان  يوم  انتخاب غورباتشوف عضواً احتياطياً في  المكتب السياسي، الرأى القائل "بأنه كان  لابد في  آذار مارس ١٩٨٥ ،من اتخاذقرارات مختلفة تماماً " كان شيفرنادزة حاسماً : " ببساطة لم يكن من خيار بديل  ، وكان ذاك خيار الحزب برمته "


*تواصل...