الشاعر السوداني يوسف الحبوب 

الشاعر السوداني يوسف الحبوب  قصيدة النثر ليست منفصلة عن التراث الشعري العربي حوار : محمد نجيب محمد علي يعد الشاعر يوسف الحبوب أحد أميز الأصوات الجديدة في القصيدة المعاصرة في السودان, وأشد المدافعين عن قصيدة النثر, أصدر مؤخراً ديوانه "محاولة لتسلق ظل الوردة" عن دار صفصافة بالقاهرة وتمت ترجمته الى الفرنسية بترجمة الأستاذ الناقد صلاح محمد الحسن  .و

الشاعر السوداني يوسف الحبوب 

الشاعر السوداني يوسف الحبوب 

قصيدة النثر ليست منفصلة عن التراث الشعري العربي
حوار : محمد نجيب محمد علي

 

 

 

 


يعد الشاعر يوسف الحبوب أحد أميز الأصوات الجديدة في القصيدة المعاصرة في السودان, وأشد المدافعين عن قصيدة النثر, أصدر مؤخراً ديوانه "محاولة لتسلق ظل الوردة" عن دار صفصافة بالقاهرة وتمت ترجمته الى الفرنسية بترجمة الأستاذ الناقد صلاح محمد الحسن  .وإلى لغات أخرى  والحبوب من جيل الثمانينات شارك في العديد من المهرجانات الشعرية العربية,والعالمية اخرها كانت فى مهرجان الشعر العالمي بكوستاريكا.. التقيت به في حوار حول الكتابة وجدل القصيدة الجديدة وتحولاتها.. وكانت هذه الحصيلة..

 

 

 


× محاولة لتسلق ظل الوردة عنوان لمجموعتك الشعرية من أين جاء اختيارك لهذا العنوان؟

-تعلم يا صديقي العزيز أن القصائد تختار عناوينها كما ينبغي لها فهي حرة وطليقة في خياراتها واختياراتها كحرية الشاعر والقصيدة فالفضاءات التي تنطلق فيها كلمات القصيدة دائماً ما تعبر عن أشواق ما لتأطير القصيدة في دلالة العنوان وهو تأطير يسمح بالتأمل ويعطي مجالاً واسعاً لحرية التفكير في ما وراء العنوان ونسيج العمل..


× وكيف تأتيك القصيدة؟

-لقد عبر عني صديقي الشاعر الكبير أمجد محمد سعيد حينما كتب: "ظل يوسف شاعراً يتعامل مع الشعر تعاملاً آنياً, وقد أقول مزاجياً, ينتظر القصيدة الى أن تأتيه, وقد تأتيه ولا تجده في البيت, وقد تأتيه وتجده, ولكنها تجده مثلاً قد أضاع قلمه في مكان ما ونسيه البارحة فترجع الى حيث كانت فكرة عائمة على سطح الذاكرة".. صدقني أنا أكتب مئات القصائد يومياً ولا أكتبها.. لذا صرحت باعترافي بأنني شاعر مقل.. واعتز بذلك..

 

 

 

× متى تكتب.. أغلب الشعراء يكتبون قصائدهم ليلاً وكتاب الرواية يفضلون أول الصباح.. هل من علاقة بين الكتابة الابداعية والزمن؟

-المسألة في مجملها تبدو مزاجية عند الكثيرين.. إلا عندي الأمر يختلف فقد تأتني الفكرة والكتابة في أي وقت ودون توقع أو استعداد أو مزاجية محددة فهعي حمى تداهمك هكذا دون سابق انذار.. حمى الكتابة لا توقيت لها.. فقط تحتاج الى حرائق الاشتعال..

× هل قصيدة النثر هي خاتمة المطاف للحداثة؟

-هذا الأمر يتعلق بسؤال ضخم وجدل دائر وسيظل يدور حول الحداثة في الكتابة الابداعية عموماً وآفاق ما بعد الحداثة.. ولعل من خلال الحداثة ومشهد الحداثة أتت قصيدة النثر كنتاج طبيعي لتطوير القصيدة/ منهاج/ بنية.. الخ لذا فان الحداثة لا تتوقف في تجلياتها وحتماً في تحولاتها وعدم توقفها وحراكها الدائم هو الذي يشي بولادة ما بعدها أي ما بعد الحداثة واذا كنا بهذه النظرة في تتبع مستمر لتحولات الحداثة التي لا تتوقف فإننا دون شك لا نتوصل أبداً الى القبض عليها.. أو ما بعدها.. فالحداثة هي اللحظة ذاتها وما بعدها هي اللحظة القادمة بعد قليل والتي بعد برهة تتحول الى اللحظة ذاتها.. اذاً نحن نتحدث عن الطائر الموجود في كل مكان.. ولا مكان.. وعندما نريد القبض عليه حياً فانه يفتح جناحيه متحولاً الى قبضة من المقاطع.. والحروف.. واللوحات.. لكن ولكي لا ندخل في المتاهة المفهومية دعنا نقول بأن آفاق ما بعد الحداثة تتجلى بصفتها ظاهرة شمولية ويمكن القبض على جوانبها في مختلف الحقول الأساسية للمعرفة دون أن نتوصل الى وحدتها حيث لا يسهل علينا ذلك ويتعذر علينا القبض عليها كوحدة أو كتلة.. ولنقل بمعنى آخر ان الحداثة وما بعدها هي حالة نفسية فنية/ نفسفنية/ تتواجد في كل الأزمنة والعصور.. فشكسبير كان حداثوياً.. أو قل الحداثة تجسدت في شخصه مثلما تجسدت في ديستوفسكي أو بودلير أو رامبو أو أبي تمام أو المتنبي.. أو محمد عبدالحي. وهكذا نسعى بنفس السياق نحو ما يستمد من التوتر الابداعي وحساسيته والتي تكون جداراً وأفق ما بعد الحداثة.. وقد سماها البعض بالحساسية الجديدة إلا انها ليست جديدة بل متجددة.


× قصيدة التفعيلة قدمت نماذج رسخت في الوجدان العربي الى أي مدى استطاعت قصيدة النثر أن تحقق ما يماثل شعر التفعيلة وهل أضاف النقاد العرب جديداً يختلف عما قاله النقاد الأوروبيون عن قصيدة النثر؟


-هذا السؤال المركب يمضي كتكملة لسؤالك السابق لأنه يدور في فلك الحداثة فقصيدة التفعيلة أفسحت مكان ما قربها لقصيدة النثر.. وعلى ذلك فانني على يقين – حتى الآن – بأن من يعتقد بأنه يكفي أن نكون أحدث من حيث الزمن لكي نكون أكثر حداثة ممن سبقونا.. هذا محض هراء وهو لهاث وراء اللحظة.. وهكذا كل من يرى ويعتقد بأن كل لحظة أفضل من سابقتها – تفعيلة – نثر.. الخ لمجرد أنها أتت بعدها. لذلك أصبح البعض يحتفي ويتمسك بالصرعات الجديدة كلما ظهرت ثم يتخلون عنها بنفس السرعة اذا ما سقطت أو انصرفت عنها الأنظار. لذا فان حداثة اللحظة لا تكفي إنما ينبغي أن تكملها الحداثة الفنية أو الابداعية أن أي عمل حقيقي تفعيلة – نثر.. الخ انجاز عبقري وباهر وعلى هذا السياق يأتي فهمي الخاص لقصيدة النثر حيث لا جدال عند بأنه عند تطبيق هذا المفهوم تكون قصيدة النثر كائن شعري يحمل بين طياته حياته أو مماته باقتراب صاحب التجربة من العبقرية والابداع الحقيقي أو اغترابه عن هذا المكون "ثنائية وجدلية الحياة والممات"..

 

 

 

 


× يقول الشاعر محمد المكي ابراهيم ان قصيدة النثر تسمع ولا تقرأ.. كما وأن هنالك من يقول ان قصيدة النثر ليست من الشعر انما من النثر؟


-وأنها أقول أنها تسمع وتقرأ.. ككل القصائد ولابد من ذلك حتى تتلألأ الفكرة وتشع لتشتعل فراشات الشعر. أنا اعتقد تماماً بما أوجزه ادونيس بأن قصيدة النثر من الرسوخ الآن بحيث لم تعد بحاجة الى من يدافع عنها. وصارت أقوى من ان يشاع عنها بأنها نثر أو شعر بهذا التصنيف المخل وهي بالمفهوم الذي ذكرته له سابقاً وباستصحابها للحداثة وتفاعلاتها تؤكد بانها ليست منفصلة عن التراث الشعري العربي كما يشيع بذلك أعداء الحداثة باعتبار ان الرؤية الثاقبة تقول بأن المنجز الأدبي عموماً هو تجربة انسانية عامة ولولا الاطلاع على التجربة الانسانية الكاملة لهذا المنجز لما كان احتفاءنا بقصيدة النثر واهتمامنا بها.. وبالعموم تخضع المسألة برمتها الى رؤى شعرية وجمالية يؤسس عليها النص بغض النظر عن تصنيفات وتضيقات من يحشرون نصاً ما في زاوية مسمى منمط مسبقاً والأهم عندي أن تبنى قصيدة النثر كمشروع شعري/ مشروع/ برؤية حداثوية حتى لا تقع في الاستهلاك والاستسهال واليومية..