الشاعر السوداني حسن إبراهيم الأفندي

الشاعر السوداني حسن إبراهيم الأفندي (*) أنا أشعر شعراء هذا العصر (*)الوزير اللواء محمد طلعت فريد صعد المنصة وحياني بالتحية العسكرية حين القيت هذه القصيدة (*) أتسلي بقصيدة التفعيلة ولا استسيغ قصيدة النثر (*) أنا أول من بشر بالروائي ابراهيم إسحق (*) أدونيس ليست له صلة بالشعر والأدب (*) مدحت الأمراء والسلاطين ولا أرغب أن أكون وزيرا (*) هذه قصة شعراء الكتيبة حوار : محمد نجيب محمد علي حسن إبراهيم حسن (الأفندي ) الشاعر السوداني الذي إتسعت شهرته خارج الوطن ، وضاقت في داخله ، ربما بسبب الإغتراب الطويل

الشاعر السوداني حسن إبراهيم الأفندي

الشاعر السوداني حسن إبراهيم الأفندي

(*) أنا أشعر شعراء هذا العصر
(*)الوزير اللواء محمد طلعت فريد صعد المنصة وحياني بالتحية العسكرية  حين القيت هذه القصيدة   
(*) أتسلي بقصيدة التفعيلة ولا استسيغ قصيدة النثر
(*) أنا أول من بشر بالروائي ابراهيم إسحق
(*) أدونيس ليست له صلة بالشعر والأدب
(*) مدحت الأمراء والسلاطين ولا أرغب أن أكون وزيرا
(*) هذه قصة شعراء الكتيبة

حوار : محمد نجيب محمد علي

 

 

حسن إبراهيم حسن (الأفندي ) الشاعر السوداني الذي إتسعت شهرته خارج الوطن ، وضاقت في داخله ، ربما بسبب الإغتراب الطويل ، وربما لأن ذلك من طبعنا . شعره يقول الكثير وحياته وذكرياته وأحلامه وهو في مطالع السبعين في معاشه الإختياري ( والإجباري بحسب النصوص الرسمية ) يجلس ما بين أوراقه وأقلامه ومحبرة الأحلام وشباب السبعين ، وألقاب تداعت إليه تنافس وتصارع بعضها ما بين المتنبي ، وشوقي وشاعر الوادي وشاعر معهد المعلمين ونائب أمير الكتيبة .. يقرأ الشعر بصوته حتي يبين إعصار الصدي ويصرخ للحروف لتجلس في( قواعدها ) سالمة .

 


دخل قصور الملوك والأمراء شاعرا ، وألقي بعصا الشعر وحكمة الكلام ، فصفق له الملوك ( وأجازوه كما كان يفعل ملوك وأمراء الزمان ) وما راوده يوما أن يكون حاكما أو ملكا أو أميرا ، ولكنه يأبي أن تكون أمارة الشعر لغيره ، قال لي وأنا أحاوره) : ( أنا أشعر شعراء هذا العصر ) .
وقلت وقال

حوار : محمد نجيب محمد على

(*) نبدأ بملامح السيرة الأولي أين ومتي وكيف ؟

(_) كان ميلادي في 2ديسمبر الأغبر من عام 1943يمدينة (ارقو ) وكان تعليمي الأولي والأوسط بها ومنها لوادي سيدنا ثم معهد المعلمين العالي بأمدرمان ،
ومن بعدها معلما ( للرياضيات ) بمدرسة تلود ي _ حيث رافقت فيها الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر إبراهيم تلودي ثم عملت مساعدا فنيا لمدير التربية والتعليم بمحافظة مسندم بسلطنة عمان وبعدها عدت للسودان مديرا لإدارة التعليم الثانوي بالوزارة ثم مديرا للإحصاء والتخطيط وتقدمت بطلب ( التقاعد المبكر ) تحت إلحاح العمانيين بعودتي اليهم وبقيت معهم منذ 1989وحتي 31/12/210 حيث تقدمت بإستقالتي لأبقي حبيس داري في إنتظار القطار
(*) وماذا عن الشعر عن صرخاته الأولي ؟
(_) أنا ولدت شاعرا ، ولعل أبي يرحمه الله لاحظ أني غريب الأطوار فحاول أن يعاملني معاملة خاصة ، لقد قلت أولي قصائدي وكانت باللهجة الشعبية في 1/1/56كان عمري (13) عاما وكانت عن إستقلال السودان ثم أردفتها بقصيدة أخري عن العدوان الثلاثي كنت حينها ما أزال في المدرسة الأولية ( الإبتدائي )
(*) إذا بدأت بالكلمة العامية ؟
(_) أجل ، وجاء الشعر العربي الفصيح بالمرحلة المتوسطة ، كنا نلقي بقصائدنا في الجمعية الأدبية مساء كل إثنين وقد شجعني كثيرا أستاذي عبد الرحيم عبد القادر مثلما كان يشجعني كثيرا بالمرحلة الثانوية أستاذي محمد محمد علي لقد قال لي مرة ( أنت لا تكتب بطالا أبدا) . رغم أنه كان هنالك بعض المعلمين الذين ينتقدوننا ،أذكر أن أحدهم قال لي وأنا ما زلت في نعومة أظافري :ماذا تكون بالنسبة لشوقي ، ومن غريب الصدف أن شيخا يعمل بوزارة القاف بالكويت هو الشيخ عبد الله السالم تحدث عن شعراء المديح في العصر الحديث فوضعني في مرتبة شوقي  

 


(*) هذا يعني أن ميلادك الشعري كان في وادي سيدنا ؟
(_) كانت لنا في المدرسة إحتفالات بالمولد النبوي الشريف وبالهجرة والإسراء وكانت الإذاعة السودانية تأتي خصيصا لتنقل إحتفالاتنا وكثير من قصائدي كانت تبث من خلال تلك الاحتفالات بالإذاعة وأذكر من تلك القصائد إحداهن وكانت عن المولد تقول
أواه منك بذا الغرام سعاد
                       طارت إليك جوارحي وفؤاد
مالي علي شفتيك أطبع قبلة
                        والناس حولي    ناسك عباد

إلي أن أقول :

هو أحمد بالله قوم دولة
                     دانت لها الآباء والأجداد
أمحمد يا خير من وطأ الثري
                     هذا شباب المسلمين يساد
(*) بلغني أن اللواء الراحل محمد طلعت فريد أدي لك التحية العسكرية يوما ، ما هي القصة ؟
(_) اذكر فترة الكديت حين كنا طلابا في مدرسة وادي سيدناعام (63)  كانت تجمع المدارس الثمانية في طابور التدريب وكان من ضمن الطلاب فيما أذكر الزبير محمد صالح وصابر محمد حسن وعمر البشير ، وما دفعني لكتابة تلك القصيدة أنني كنت أريد انهاء معسكر الكديت ، وكان المعسكر في مدرسة وادي سيدنا ، كنا نعمل من أجل إضراب في المعسكر ذلك إضطر اللواء محمد طلعت فريد للحضور إلينا وكان هو وزيرا للتربية والتعليم ، وأنا كنت أحبه جدا وكنت معجبا به ورغم أنني كنت من زعماء الإضراب إلا أنني كتبت القصيدة وقد كانت وطنية وطلب مني أن أقرأها في حفل التخريج بدار الرياضة بالخرطوم ونقلها التلفزيون علي الهواء وأعجبت القصيدة سعادة اللواء محمد طلعت فريد فحضر أمامي وهو الوزير ليعطيني التحية العسكرية قائلا لي : ( إن الضابط العظيم لا يعطي التحية العسكرية لنفر  إلا أن يستشهد في ميدان القتال وترفع جنازته ولكني أحيي هذا المواطن الصالح )

 


(*) هل تذكر لنا شيئا من تلك القصيدة ؟
(_) أذكر منها :
أهوي بلادي لو أساق إلي السما
                               وأعيش في ثبج الذي برضاة
هو موطني ولإن عشقت جماله
                               لعشقت فيه الحسن والحسنات

(*) ليتك تعود بنا إلي معهد المعلمين العالي حين كنتم طلابا في ستينات القرن الماضي والمناخ الثقافي الذي كان سائدا ؟
(_) لقد رأست نادي الشعر بالمعهد في الفترة من 64/ 68 وكنت حينها بصحبة الأخوين المرحوم محمد سعد دياب والأخ مجتبي عبد الله ، كان لنادي الشعر دور فاعل في تنشيط الثقافة والشعر وهذا أكسبنا معارف كثيرة وصلات متعددة بجهابذة الشعر : المحجوب وصلاح أحمد ابراهيم والعبادي والنور إبراهيم (أمير الكتيبة ) ومحمد محمد علي وابوالقاسم عثمان ومحمد المهدي مجذوب ومنير صالح عبد القادرولقد كانت هناك مشاركات من الجنس الآخر في بعض ليالي النادي إذ شاركت بالقراءة رجاء محمود أبوبكر وشاعرة سورية لا أذكر إسمها الآن . وخلق لنا ذلك النادي صلات بالندوة الأدبية

(*) هل كانت هناك صلات ما بين الندوة الأدبية ونادي الشعر ؟
(_) بداية علاقتي بالأستاذ عبد الله حامد الامين صاحب الندوة حين كان يحضر إحتفالا أقيم بجامعة أمدرمان الاسلامية بالذكري الأولي لثورة أكتوبر وكان قد دعاني للمشاركة في الإحتفال رئيس الإتحاد يومها علي محمد بابكر الذي أصبح مديرا للجامعة فيما بعد ، قرأت يومها قصيدة بعنوان ( فوارس النيل ) وقد وجدت تلك القصيدة إستقبالا رائعا من الجمهور حتي أن أحد المواطنين صعد إلي المنصة وأقسم (بالطلاق ) أن لا أنزل ما لم أقرأ قصيدة أخري ،وبالتأكيد أزعنت لطلبه حفاظا علي ( بيته ) ، وأذكر أن الندوة الأدبية قدمت دراسة لأشعاري آنذاك (1965) وأن إسم ( البوادر ) أطلقه عبد الله حامد الأمين  علي ديواني الشعري وهو الىن من عشرة أجزاء لم يطبع منه إلا أجزاء قليلة بعدد محدود  ، كان المناخ الأدبي حيا في ذلك الزمان
(*) وأعلم أنك كنت نائب أمير الكتيبة ، هلا حدثتنا ؟
(_) الكتيبة كانت سابقة لنا وكان أميرها النور ابراهيم ، وأذكر أنني كنت قد هجوته يوما ، وأردت أن أقدم قصيدتي في هجائه من خلال ندوة نادي الشعر فطلب مني النور ابراهيم أن لا أقدمها مقابل أن ينصبني نائبا للأمير ، ويومها سبقني النور للمنصة وقال :طلب مني الأستاذ حسن إبراهيم أن يكون نائبا لي وأنا أرد عليه :
أبا الحسن إن الشعر يعرف أهله
                              ولست له أهلا بغير( النور )
وهجوته بقصيدة من بعدها

(*) وإشتهر شعراء الكتيبة بالهجاء ؟

(_) لم يكن ذلك حبا في الهجاء إنما كان نقدا لعادات إجتماعية غير مرغوب فيها ، كان الهجاء ليس للشخص إنما لعادة نريد محاربتها مثلا التدخين ، البخل الخ
(*) إذا كانت هناك علاقة بين شعر هجاء الكتيبة وشعراء الحلمنتيش ؟
(_) شعراء الكتيبة ساهموا في تطوير وترقية الشعر الحلمنتيشي وهو أقدم ، وشعراء الكتيبة إستمروا حتي جاء نميري إلي الحكم   وكل مسجلاتهم وأشعارهم كانت كان الأستاذ طه المجمر يفرد لنا عمودا في صحيفة (السودان الجديد )بعنوان طرائف كانت تنشر فيه أشعارها  ولكن للأسف لم تجمع ليؤرخ لها والكتيبة كانت تضم شعراء كثر منهم أحمد علي طه وإبن عمر وإمام دوليب والشيخ كرف وغيرهم
(*) أستاذ حسن أنت أحد الشعراء الكلاسيكيين ؟
(_) لا .. أنا لست كلاسيكيا ، وهذه أنا لا أقبلها ، أنا شاعر أجمع بين القديم والجديد في كف واحدة ..وما الجمع بين الماء والنار في يدي بأصعب من أن أجمع الجد والحزم ..ولي من شعر التفعيلة الكثير
(*) جربت كتابة شعر التفعيلة ؟
(_) جربته أتسلي به
(*) لتتسلي به ؟
(_) لأنه سهل ..ولكن الشعر العمودي هو أساسي غير مقلد لأحد

(*) كيف ؟
(_) قد يكون هناك بعض التناص في شعري من بعض الشعراء ولكني عندما أكتب القصيدة أكتبها دون أن أضع في ذهني أني أجاري قصيدة فلان أو فلان .. فقد كنت جاريت قصيدة الحمامي ( علمتني الحياة ) وهي من قصائدي المشهورة وقد أطلق عليها البعض المعلقة الحادية عشر يقول مطلعها :
علمتني الحياة أن لا أغالي
                      فالمغالاة شيمة الأنذال
علمتني الحياة أن لا أتراخي
                     رغم أن الحياة دار زوال

(*) وماذا عن قصيدة النثر ؟
(_) لا أستسيغها .. ولكني أطرب جدا لقصيدة التفعيلة من نزار وصلاح أحمد ابراهيم ومحي الدين فارس ومحمد الفاتح الجزولي .. وقصيدة النثر لم تسترع إنتباهي يوما
(*) وأدونيس ؟
(_) أنا أكثر الناس بعدا منه ، ولا أري فيه لا شاعرا ولا ناثرا ولا أري له علاقة بالشعر والأدب
(*) وكيف تري الواقع الآن ؟
(_) هنالك شعراء ولكن إعلامنا هو المشكلة
(*) أنت شاعر عشت كثيرا بين الأمراء والقصور كيف تري ذلك العالم ؟
(_) نعم .. يكفي أن كرمني السلطان قابوس إستدعوني بوزارة البلاط السلطاني وسلمت شيكا بمبلغ لا بأس به آنذاك ، كما كرمتني وزارة داخليتهم بمبلغ بسيط وهذا يكفيني فخرا ،وكرمني الملك عبد الله بأن دعاني لحضور الجنادرية (26) وهي لا يدعي إليها إلا الأفذاذ
(*) أنت مدحت السلاطين ؟
(_) مدحت
(*) ألم تحلم بأن تكون سلطان ؟
(_) لا أريد أن أكون حتي وزيرا ولو شاء القدر أن يعرض علي أي منصب عام لن أقبل لخوفي من الله وخوفي من نفسي
(*) لم تهجو السلاطين ؟
(_) أمتنع عن الإجابة
(*) ماذا عن ظاهرة الشاعرة الأنثي ؟
(_) هن يزن شعرهن بالإلقاء الجميل
(*) وروضة الحاج ؟
(_) زميلة صديقة أخت أعتزبها كثيرا وأحفظ لها بيتا واحدا من الشعر :
وأنت تبكين يا خنساء صخرا واحدا
وأنا بكيت لألفصخر كلها
(*) وهي أميرة الشعراء ؟
(_) لا أعرف
(*) كيف يكتب حسن إبراهيم القصيدة ؟
(_) عندما تأتيني القصيدة لا أجد تعبا ولا عناءا وأكتبها علي الفور سواء كانت ثمانين بيتا أو مئة أو مئتين أو خمسة ابيات ، ولو لم يأتني الإلهام لا أستطيع أن أنتقل من المطلع للبيت الثاني .. لا أكتب إلا بإلهام
(*) يقولون هذا زمن الرواية وليس الشعر ؟
(_) هذا كلام لا حقيقة له ، في الواقع الرواية لها ميدانها والشعر هو ما يعبر عن ما بداخل المرء ، الشعر هو التنفيس الحقيقي والفرق كبير ما بين الرواية والشعر
(*) وإن سألتك عن الرواية السودانية ؟
(_) لا شك أن الطيب صالح قد أجاد وأبدع في كل أعماله ووجد الظروف المساعدة للظهور والإنتشار من خلال عمله وقد رثيته بقصيدة

 


(*) وابراهيم إسحق ؟
(_)أنا أول من كتب عنه مقالا بعنوان حدث في القرية عام 69 وتنبأت له بمستقبل باهر كان قد أهداني نسخة كتابه هذا حين كنا نعمل بمدرسة واحدة ومن بعدي كتب عنه عبد النبي والنور عثمان أبكر
(*) وعيسي الحلو ؟
(_) قرأت له منذ سنوات طويلة مجموعته ريش الببغاء وهو سبق أن نشر لي
(*) أخيرا أستاذ حسن من هو أشعر شعراء السودان؟
(_) أنا بلا منازع