الوطن لا يبكي علي من يتركه

الوطن لا يبكي علي من يتركه عز الدين ميرغني ( الطائر الذي يندس بين الاغصان , يقرض جناحيه ) ( مثل أثيوبي ) في السنوات الاخيرة , اصاب الشباب هوس الهجرة النهائية من الوطن , وخاصة الي دول الغرب . وقد صوره البعض لهم , بأنه الجنة الموعودة . وهذه ليست حقيقة

الوطن لا يبكي علي من يتركه

الوطن لا يبكي علي من يتركه

عز الدين ميرغني


( الطائر الذي يندس بين الاغصان , يقرض جناحيه )
                ( مثل أثيوبي )

 


في السنوات الاخيرة , اصاب الشباب هوس الهجرة النهائية من الوطن , وخاصة الي دول الغرب . وقد صوره البعض لهم , بأنه الجنة الموعودة . وهذه ليست حقيقة . فالدعاية المغرضة تصوره بأن فيه ما تشتهيه الأنفس , وما يشرح الصدور . ويلبي الحاجات , ويحترم آدمية البشر , وحقوق الانسان . وهي سياسة مقصودة ومغرضة . لكي يعيش الشاب مشتت البال , هش الوطنية , حاردا للوطن , ولاعنا له . ظهر هذا واضحا في كل انواع الكتابة عند الشباب . فالشاب المزعزع , وذا البال المشتت لا يمكن أن يبني وطنا , أو يصلح أمة . والسعيد دائما من كان رزقه في بلده . وجاهل من كان يعتبر بأن أهل الغرب يرحبون بالمهاجرين . بل قد قامت احزابا ومنظمات عنصرية تبيح قتلهم , وازداد كثيرا قتل المهاجرين في أوروبا . والقاتل دائما برئ , لأن المهاجر يستفزه , بشكله , وبتخلفه , وبمزاحمته له في كل مكان . ومن أبجديات القانون أن الاستفزاز , يبرئ المتهم , ويعجل بالبراءة . وما أقسي أن يترك الانسان وطنه , ليقاسي من أبشع أنواع العنصرية . أن تعمل في أدني الوظائف , وأن تسكن في أحقر الأحياء , وأن تتعرض للإساءة حتي من أهل الإدمان , وساكني الشوارع . وقصة المبعوث السوداني المشهورة وقد صدم بعربته عربة مواطن اصلي , وكان مستعجلا , وقال له مستهزئا ( give me your address if you have any. ) . وقد شوه الأدباء اليهود في رواياتهم صورة العربي المهاجر أبشع تصوير . ودائما ما يدفع الثمن للهجرة ابناء المهاجرين . فقد قالت احدي العربيات من ابناء المهاجرين : - ( أنا لست عربية , ولست فرنسية , لست مسلمة , ولست مسيحية , أنا لا شيء ) . وهنالك كتابات كثيرة تبين مآسي الهجرة وآلامها ( روايات طاهر بن جلون , والسوداني جمال محجوب , والصومالي عبدالرحمن نور الدين وغيرهم ) . وقد صور جمال محجوب مأساة المهاجر عندما يكون هجينا , أم اوربية , وأب من جنسية أخري . فهو نصف مواطن , وهي ما يمكن ا، نسميه الانسان  , (المجوبك) . تذكرت كل ذلك وانا اسمع احدي القادمات من اوروبا وهي من ( فاتيات ) المواقع الالكترونية واللاتي دائما ما يلعنن الوطن ( كيف بالله تعيشون في وطن مثل هذا؟ . ) . فالمهاجر من وطنه , يصبح كالطائر الذي يندس بين الأغصان , فلا يجد ما يأكله غير جناحيه .
&: -المهاجر اما ان ينساه الوطن فيصبح بلا مكان , أو ينسي هو الوطن , فيصبح بلا هوية .