السودان مرة أخرى

السودان مرة أخرى سوسن دهنيم... المنامة الصور التي نشرت في المواقع الإخبارية وعلى شبكات وسائل التواصل الاجتماعي لفيضانات السودان ذكرتني بكل تلك المشاعر التي اجتاحتني بعد زيارتي له قبل أعوام، وأنا التي لم أشفَ بعد من صدمتي حين زرت هذا البلد. صدمة بكل معانيها الإيجابية، وبقليل من الخجل

السودان مرة أخرى

السودان مرة أخرى

سوسن دهنيم... المنامة

 

 

 

 

 

الصور التي نشرت في المواقع الإخبارية وعلى شبكات وسائل التواصل الاجتماعي لفيضانات السودان ذكرتني بكل تلك المشاعر التي اجتاحتني بعد زيارتي له قبل أعوام، وأنا التي لم أشفَ بعد من صدمتي حين زرت هذا البلد. صدمة بكل معانيها الإيجابية، وبقليل من الخجل، حين رأيت ما رأيت هناك.
كان السودان الذي زرت عظيماً أكثر مما تخيلت، جميلاً أكثر مما شاهدت في الإعلام، بهياً أكثر مما قرأت عنه في الصحف، متواضعاً كما ظننته، كريماً كما لم أنتبه له من قبل، وديعاً كما عهدته.
كان السوداني نشيطاً، لا كما يقال، شهماً كما أعرفه، ذا أمجاد وتراث وحضارات يغفل عنها الباحثون ويتغافلون عنها أحياناً، عالماً في شتى المجالات، متميزاً في الأدب والشعر والفن كتميزه في العلوم والإدارة.
في الصور المنشورة إثر الفيضانات المدمرة، وجدنا السوداني العظيم الذي يكابد العيش ويحاول الابتسام برغم كل ما يلقاه من تهميش وظلم.

 

 


رأينا سودانيين يقفون أمام أبواب منازلهم المغطاة بالمياه لنصفها لكن الابتسامة مرسومة على شفاههم وكأنهم يقولون «سننجو كما نفعل دائماً».
رأينا آخرين يحاولون جاهدين إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أنفس وعتاد.
كان في الصور أبطال كما في الواقع، يلقون بأنفسهم في وجه المياه كي ينقذوا أطفالاً ونساء ورجالاً، فيما كان غيرهم يحاول إنقاذ كلب أو قطة أو ماشية.
وكما رأينا مواقف السودانيين العظيمة، رأينا الانتقاء في التضامن مع البلدان والشعوب؛ ورأينا مرور الكارثة مرور الكرام في وسائل الإعلام، وعلى المسؤولين في بلدان عربية والبلدان الأجنبية وكأن هذه البلاد ليست على الخريطة إلا ما ندر.
اليوم والسودان ما زال يعاني والمياه لم تجف بعد، والأرواح لم تكمل مسيرتها للسماء ولم توارَ كل أجسادها الثرى، نعلم تماماً أن هذا الشعب العظيم، صاحب الأهرامات الكثيرة والحضارة الممتدة والشهامة الرفيعة والخلق النبيل سينهض من جديد، لكنه مازال يتوقع كوارث أخرى مع قلة حيلته أمام إعلام اعتاد تجاهله وموارد تستنزف ولا يرى منها إلا القليل.

 

 


لك الله يا بلد النبل والحضارة. لك الله يا السودان.