الروائي والأكاديمي الجزائري صديق الزيواني 

الروائي والأكاديمي الجزائري صديق الزيواني  *الرواية تعاني من إزدحام المناكب.  *معرفة المثقف العربي بالأدب الأفريقي "معدومة" *تقسيم افريقيا الى شمال وجنوب من عمل الاستعمار.  حوار  -كليك تو برس - عامر محمد أحمد  حسين  أكد الأكاديمي والروائي الجزائري صديق حاج أحمد "الزيواني" ان هناك جهل عربي بثقافات افريقية جنوب الصحراء وأن الصورة النمطية لا تزال تحكم نظرة النخبة المثقفة العربية لهذه الثقافات. واوضح " أن الرواية العربية تعاني من إزدحام المناكب.  ودعا الى انفتاح عربي على الثقافة الافريقية الغنية بالموروث الثقافي.والأستاذ الدكتور صديق الزيواني، اكاديمي و روائي ، صدرت له روايتي  " كاماراد-رفيق الحيف والضياع " ورواية مملكة الزيوان.

الروائي والأكاديمي الجزائري صديق الزيواني 

الروائي والأكاديمي الجزائري صديق الزيواني 
*الرواية تعاني من إزدحام المناكب. 
*معرفة المثقف العربي بالأدب الأفريقي "معدومة"
*تقسيم افريقيا الى شمال وجنوب من عمل الاستعمار. 
حوار  -كليك تو برس - عامر محمد أحمد  حسين 

أكد الأكاديمي والروائي الجزائري صديق حاج أحمد "الزيواني" ان هناك جهل عربي بثقافات افريقية جنوب الصحراء وأن الصورة النمطية لا تزال تحكم نظرة النخبة المثقفة العربية لهذه الثقافات. واوضح " أن الرواية العربية تعاني من إزدحام المناكب.  ودعا الى انفتاح عربي على الثقافة الافريقية الغنية بالموروث الثقافي.والأستاذ الدكتور صديق الزيواني، اكاديمي و روائي ، صدرت له روايتي  " كاماراد-رفيق الحيف والضياع " ورواية مملكة الزيوان.  
× لماذا ارتبطت تسمية الأدب الأفريقي جغرافياً بمناطق ما وراء الصحراء الكبرى والإصرار من البحاثة على أن أفريقيا مقسمة الى شمالي عربي اسلامي وقسم جنوبي يطلقون عليه "أفريقيا السوداء"؟
-اصطلح على ذلك, "مستفرقون" وهم مع "المستشرقون" أنداد في الظهور على الساحة, وهذا تقسيم استعماري بامتياز وسياسي،  ويجهل مكونات الشمال والجنوب الأفريقي. واذا نظرنا الى الكتابة بكل أشكالها في دول الجزائر, المغرب, تونس في الاتجاه الجغرافي شمالاً فهي أفريقية. ولكن درجت نخب افريقية درست في أوروبا،  على تصنيف ماهو موجود وراء خط السافنا الذي ينتهي في نهاية جنوب الصحراء على أنه أدب أفريقي, ترسبات الاستعمار ومدرسة "الاستفراق" وهي مدرسة قديمة ظلت تسعى لبناء هذه العزلة بين مكونات سكانية وثقافية افريقية. والعلاقة قديمة تحدها الجغرافيا بمسميات الالتقاء التجاري والثقافي والاجتماعي, طريق القوافل والهجرات والتجارة ما قبل السيطرة الاستعمارية على القارة بأكملها.


× الناقد الجنوب أفريقي "حزقيال مالفيلي" يرى أن لا علاقة بين أدب وثقافة جنوب الصحراء وشمال أفريقيا؟
-الحس الاستعماري ظاهر جداً في البحث عن إضفاء الطابع العنصري لا الأوروبي التاريخي لتمرير اللغة, وأن الرأي هذا أخير وناتج قراءة. هذا القول خطأ بامتياز. هناك تداخل كبير وقديم وناضج تماماً مثل ذهاب أهل منطقتي في الجزائر "أدرار" و"توات" بالتمور الى مناطق السودان الغربي كما يسمى قديماً أو أفريقيا الغربية حالياً. العلاقة قديمة وثقافية ولكن قياساً بالمبرمج في ذهنية النخب الافريقية, تعاني من انفصامية حادة على مستوى التنظير. وبالنسبة للساكن عندنا مثلاً هناك "خليط" من الثقافة العربية والأفريقية والبربرية.
× العادات والتقاليد؟
-العادات والتقاليد والمخيال العام للثقافة الشعبية, ومكون التفكير الجمعي, لذلك تجد أن القراءة السياسية الحادة والنية المبيتة تلعب الدور في تجذير رؤية أمثال "مالفيلي" والمؤسف تبنيه من النخب والعامة. وهناك هجنة كاملة التعقيد تحتاج للبحث الجيد لمقاومة دعاة عزلة المكونات الأفريقية.
× الاستعمار ودوره في هذه الانفصامية النخبوية وترسيخها شعبياً؟
-سعى الاستعمار فرنسياً أو انجليزياً لعزل هذه الشعوب عن بعضها والعمل لترسيخ ذلك واحاطته بالنخب التي درست في أوروبا ودرجت في منظوماتها التربوية على أن "النور" يأتيهم من الشمال فقط وأن ما يأتيهم من أسفل القارة لا يستحق الإلتفات.
× الناقد الانجليزي "جيرالد مور" وهو مستفرق في كتاب "الأدب الأفريقي" للراحل الدكتور علي شلش. يصر مور على أن "أفريقيا الشمالية منفصلة تمام الانفصال, تنتمي الى العالم الاسلامي والعربي"؟
-هناك تلاحم وتداخل وتثاقف قديم للثقافات في الشمال الأفريقي وجنوب الصحراء, وهناك مشترك كبير. ولكن تحويل الاختلاف لدرجة الإقصاء لا يرتبط بالأمانة الفكرية والقراءة, كما قلت سابقاً, العلاقة قديمة جداً ومتجذرة تحتاج للإكتشاف تنمية المشترك الثقافي والانساني.
× مثقفون وكتاب عرب يجهلون ثقافة جنوب الصحراء, الى ماذا تعزو ذلك؟
-مرده الى المنظومة التربوية والثقافية المرتبطة بالأطر الاستعمارية في الإبعاد وإقصاء الروابط التاريخية والجغرافية بين شمال القارة وجنوبها.
× الكتابة السردية الشمال أفريقية, لا ترى للثقافة والمكان الأفريقي, كبير الأثر رغم ما ذكرته عن التلاحم والعلاقة الثقافية؟
-الكتابة السردية في موقع الرواية أو غيرها هي كتابة "كونية" والكاتب عليه أن لا ينظر الى الجغرافية الضيقة والعمل على معالجة القضايا الانسانية بأبعادها كلها, والتعرف على المكان الأفريقي ثقافياً وتاريخياً وإزاحة المفاهيم الخاطئة عن ظلام "الجنوب" و"نور" الشمال.
× اللغات الفرنسية والانجليزية, ساهمت في "التفرقة" بين شمال وجنوب أفريقيا؟
-الاستعمار ساهم في خلق فجوة بين هذه الشعوب. وقد لاحظت في معسكرات الهجرة للوصول الى ما يرونه "فردوساً" في أوروبا. أن هناك حساسية بين من كانت ثقافتهم "انجلوساكسونية" وفرانكفونية وهذا المثال يعطيك ما زرعه المستعمر.
× الكتابة باللغة العربية ما وراء جنوب الصحراء؟
-القبائل العربية ثقافاتها متواجدة في شمال مالي وشمال النيجر وغيرها من المناطق ولكن الكتابة هناك ترتبط بالفقه والقضايا الدينية والشرعية والكتابة الأدبية, لا ترتبط إلا بمن درسوا في المدرسة الفرانكفونية في "نيامي" مثلاً وغيرها, العرب البدو في مالي والنيجر لا صلة لهم بالمدرسة, يعيشون على رعي الأغنام ويرفضون المدرسة الفرانكفونية. وهم عائلات محافظة جداً. وصحيح يملكون اللغة العربية كآلية ولكن يفتقدون آليات الكتابة, وبالنسبة للأدب لا يعرفونه "مطلقاً" ويعرفون حواشي ومتون دراسة العلوم الشرعية. وهناك أمثلة لنخب مثل "عمر الأنصاري" وهو من شمال مالي ومقيم حالياً بالخليج وأتيح له الدراسة في المدرسة النظامية ولها روايات عن عالم الطوارق "طبيب تمبكتو" "حرز تالا".
× كأستاذ جامعي, كيف تنظر الى معرفة وقراءة الأدب الأفريقي في الوطن العربي؟
-لا أريد أن أدخل في احصاءات ولكن المعرفة بالأدب الأفريقي على المستوى الأكاديمي الدراسي أو مستويات النخب تكاد تكون معدومة. وقد اطلعت على الأدب الأفريقي في السنغال ومالي وبوركينا فاسو وساحل العاج هناك يكتبون بمستوى رائع بالفرنسية وحتى بالانجليزية في جنوب افريقيا وبنين والكنغو. هناك أدب ممتاز, وهذه الثقافات الأفريقية غنية بالموروث الشعبي والأساطير.
× لماذا في اعتقادك هذا التجاهل لكتابة تصفها بالأدب الممتاز؟
-الدور يقع على الترجمة. المترجمون لهم نظرة نمطية حول الأدب الأفريقي وهي موجودة عند الكاتب والمثقف العربي والقاريء لا يلام. اذ لم يجد رواية أو كتاب عن الأدب الأفريقي إلا ما يندر, باشتهار كاتب افريقي في أوروبا, وفوزه بجائزة عالمية, وتبدأ مرحلة ترجمة أعماله مع تغييب المبادرة. وأيضاً اللوم مع المترجم الى اللغة العربية يقع على النقاد, والمؤسسات الثقافية التي تعمل في الحقل الثقافي ودور النشر التي تنظر تجارياً لما يحقق لها الربح السريع.
× بعيداً عن ترجمة الأدب الأفريقي من لغاته الى العربية. هل تجد الترجمة الأدبية المطروحة في سوق الكتاب جيدة؟
-يفقد النص جزءاً من روحه عند خروجه من لغة الى أخرى, ولكن مهما يكن فإن جودة الترجمة ترجع للمترجم, هناك من تقرأ ترجمته وكأنها اللغة الأصلية للنص, وهناك من تقرأ ترجمته وتجدها لا تمت للنص الأصلي إلا بقليل صلة.
× دور النشر؟
-يقع عليها ما يقع على المترجم والناقد والمثقف العربي في نمطية النظرة وتجارية المحتوى ورفض المغامرة والإكتشاف. وهناك أسماء روائية وشعرية افريقية تستحق أن يقرأ منتوجها القاريء العربي.
× الواقعية السحرية الأفريقية؟
-لا مثيل لها ولا تقل عن أدب أمريكا اللاتينية والذي نجده بكل اللغات. ولكن الأدب الأفريقي, مهمل ومبعد والمنظومات الثقافية من كتاب ونقاد ومؤسسات دورها غير موجب في التواصل ثقافياً مع المحيط الأقرب. والمنظومات هذه عليها من موقعها تغيير نمطية النظر للأدب الأفريقي.
× الرواية العربية, تقود حالياً المشهد الثقافي, وبرزت أسماء روائية تحولت الى الصف الأمامي في عالم الكتابة؟
-هناك حركة انفجارية للرواية في العالم العربي, يقابل ذلك تقزم للشعر. الصحفيون والشعراء, هاجروا من مواطنهم الأصلية صوب الرواية.
× لماذا؟
-الأضواء المسلطة على الرواية وكتابها جذبت هؤلاء الكتاب وصار في مخيلهم أن الرواية هي "ديوان العرب".
× دور الجوائز في استقطاب وهجرة الكتاب الى الرواية؟
-جوائز في مرتبة "الطيب صالح وكتارا وغيرها من جوائز في عالمنا العربي, ذات القيمة الأدبية والمالية العالية, لعبت دوراً كبيراً باعتبار أن الكاتب يشكو على مر العصور من التقييم المادي والمعنوي.
× غياب القصة القصيرة من المشهد؟
-القصة القصيرة في الغرب لها حضورها الكبير على مستوى الكتابة والجوائز. وفي الوطن العربي, القصة "أهملت" وهاجرت أسرابها نحو الرواية.
× اهتمام طلاب الجامعة بالقصة القصيرة في بحوث التخرج, كيف تراه؟
-لا يهتمون بها ويلجأون في مباحث التخرج لدور الرواية. وهذه معضلة كبيرة في إخراج الشعر والقصة من دائرة القراءة الأكاديمية, ويسري ذلك على الكتاب في كل مراحل تواجدهم في الصحافة والنقد.
× الرواية الجزائرية, ما كتب بالفرنسية والانتشار في الراهن باللغة العربية. ماهو موقعها في خارطة الرواية العربية؟
-هناك انفجار روائي كما هو الحال في كل أنحاء العالم العربي. وإزدحام للمناكب معرض الجزائر للكتاب في العام 2017 شهد دخول "180" رواية جديدة  لكتاب جزائريين باللغة العربية "هذا رقم قياسي على معدل كتابة الرواية في تاريخ الجزائر. شيء هستيري".
× معدل جودة النص الروائي المطروح في الساحة؟
-هناك إستسهال لبناء الرواية والرواية صنعة متعبة, شاقة ومضنية. والشباب لاثبات ذواتهم روائياً عليهم زيادة معدل الاطلاع سردياً ونقدياً.
× هل الرواية الأكثر تعبيراً عن حال الشعوب العربية في أحلامها وكوابيسها وخيبات الأمل الحياتية والتطلع الى مستقبل أفضل؟
-هناك أسباب موضوعية لتصدر الرواية مشهد الأجناس الأدبية لأن الرواية ملتقى الخطاب وتضيف التاريخ, التراث الشعبي, الخطاب السياسي الايديولوجي, الفلسفي, وهذا لا يتاح في القصة القصيرة لضيق حيزها ولا يمكن للكاتب التعبير عن جميع القضايا التي تشغله. والشعر يتميز بتكثيف اللغة.

× زيادة كتاب الرواية ساهم في زيادة القراء؟
-عموماً, القاريء العربي "سماعي" وهو لا يكتشف بنفسه ولا يغامر في شراء وقراءة كتاب لا يعرف صاحبه أو سمع عنه من صديق له "مدح الروائي والرواية" وهناك من يشتري الرواية بحافز ما سمع عنها ولا يقرأها.
× النقد ودوره في تمحيص الكتابة؟
-يعاني من "الشلليات" ومن شأن ذلك إبراز أصوات ضعيفة لا تضيف للكتابة والوسط الثقافي العربي, يعاني من التشظي وحروبات "المثقف" وانتقلت هذه الحروب الى مرحلة كاتب مع كاتب, كاتب ومجموعة مع مجموعة وهناك إشكالية تتمثل في أن الأجيال المتعاقبة, تضيق بالنقد وإعطاء الناقد رأيه "سلباً" في عمل أدبي لا ينتقص منه, بل يضيف لكاتب النص رؤية ونظرة مختلفة وتوضح له مواقع الزلل. واذا لم يتقبل الكاتب النقد عليه بمغادرة "الورق".
× رواية "كاماراد" ماذا أردت أن تقول بها؟
-التعريف بثقافة "بكر" يجهلها القاريء العربي. وإبراز مأساة الهجرة وحلم الفردوس الأوروبي. مأساة انسان حاصرته الأزمات وسعى للخلاص الشخصي ومع خيبة الأمل في الوصول الى الفردوس إلا أن إشارة البقاء في الأرض وإعمارها من شأنه إعطاء الأمل بالغد الأفضل.
× زيارة السودان؟
-سعدت  بالدعوة التي وجهت لي  في اكتوبر 2017من اتحاد الشباب العربي الأفريقي للحديث في ندوة بالخرطوم "عن الهجرة غير الشرعية – رؤية أدبية" ونموذج رواية "كاماراد" و كم كنت سعيدا بهذا الوطن الجميل وشعبه المضياف.