الحلقة الثالثة والأخيرة

الحلقة الثالثة والأخيرة الأستاذة عائشة موسى عضو مجلس السيادة في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي (الحلقة الثالثة والأخيرة ) حوار محمد نجيب محمد علي... عامر محمد أحمد حسين (*) محمد قال لي ( أنا لاغابه .. وصحرا... ولا حاجه ) (*) جامعة الخرطوم .. هي التي قلصت مكتبة محمد عبد الحي

الحلقة الثالثة والأخيرة

الحلقة الثالثة والأخيرة

 

الأستاذة عائشة موسى عضو مجلس السيادة  في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي
(الحلقة الثالثة  والأخيرة )  


حوار محمد نجيب محمد علي... عامر محمد أحمد حسين

 

 

(*) محمد قال لي ( أنا لاغابه .. وصحرا... ولا حاجه )

(*) جامعة الخرطوم .. هي التي قلصت مكتبة محمد عبد الحي
(*) كان محمد يصحح رسالات الدكتوراة والتخرج وهو علي فراش الموت

(*) هذه هي قصة ( الصايم ديمة ) مع محمد عبد الحي

(*) محمد كتب عني قصيدة واحدة لم تعجبني ..!!!!

(*) محمد لم يكن له اتجاه سياسي معين .. وكان من المتصوفة

(*) هذه هي الأنفاس الأخيرة لمحمد عبد الحي

 

 

ما قبل الحوار

في هذه الحلقة  من الحوار مع الأستاذة عائشة موسى السعيد، نقف  حول افكار محمد عبدالحي السياسيةوالفكرية، عن اليسار في حياة الزوجين المبدعين وهل كان محمد، غابة وصحراء. وكيف كانت حالة الدكتور محمد عبدالحي المرضية وايامه الأخيرة حاصرة في ذاكرة الزوجة المكلومة. وماذا عن تصوف محمد عبدالحي وعلاقته بشيوخ التصوف وعلاقة عائشة بالطريقة الختمية؟وبالحزب الشيوعي. وعن درجة البروفسور التى يستحقها عبدالحي ولم تعطيها الجامعة له في حياته وماذا كان القول من الجامعة بعد رحيله. وأخيرا كيف طردت الإنقاذ عن طريق إدارة جامعة الخرطوم أسرة محمد عبدالحي من المنزل في غياب الأم. وكذلك من الذى قام بتغيير إسم قاعة محمد عبدالحي.. وإلى الحلقة الثالثة والاخيرة.

 

.


بوابات الأسئلة  

كنا حينها نتخيل وكأنما روح محمد عبد الحي تستمع معنا إلي حكايا عائشة عن محمد عبد الحي .. قلت لعامر أحس بأن عائشة تري حضوره بيننا أكثر من غيابه .. ونحن  نبادر بالسؤال :
هل كتب محمد عبد الحي قصيدة لك ؟
قالت عائشة  : ( وضحكة عميقة ترسم لونها علي وجهها ) كتب عني قصيدة واحدة .. قال لي ذلك .. وقرأها علي . والحق لم تعجبني تلك القصيدة .. كان بها وضوح كبير ومباشرة لم اعهدها في شعره .. وأنا كنت قد تعودت علي رموزه وتلميحاته .. كنت ولا زلت أري( الرمز التلميحي)  أجمل من المباشرة .. قلت له ذلك .. ولن أبوح لكم  بها لانها لم تعجبني ..
قلنا  لها كيف هو الزواج من شاعر .. هل هو جميل ؟
قالت عائشة : مسألة الزواج من شاعر مسألة مرهقة جدا .. ومحمد رجل وسيم ويهتم بنفسه ، ومعجبيه من النساء أكثر .. وهذه ( مصيبة ) تجاوزناها .. لحسن حظ محمد أنه تزوج ( بعائشة موسي ) .. انا بطبعي لا أهتم بهذه الأشياء كثيرا .. بل بالعكس معجبة بها .. جدا .. وهي وعرفتني بالكثير من الناس لم أكن أتعرف عليهم لو لم أكن زوجة محمد ..
قلنا  يا عائشة : ماذا عن مرض محمد .. عن الداء الذي لازمه حتي آخر أيامه ؟ قالت : تزوج محمد بعائشة عام 68 وبدأت معه رحلة المرض والمعاناة عام 80 .. ولم تنقطع دورة مرضه حتي عام 89 ورغم كل المعاناة التي كان يحتملها صبرا وايمانا .. تواصلت حياتنا العائلية بالأمل والإصرار والأحلام .. وحياته العملية لم تتوقف ..حتي وهو علي فراش الرحيل في مستشفي ( سوبا ) الحق حياته تدعو للإعجاب .. أذكر ونحن في البيت وهو كان علي كرسية يعاني من ( الشلل) كنت في أحاول دائما أن ارتب البيت قبل خروجي من المنزل ، كان محمد يصر علي أن أخرج دون أن أفعل شيئا .. وكان هو من يتحرك علي كرسيه لينظم كل البيت ... ويرتبه ..
( ربما حينها راودتنا دمعة علي نفسها وهي تحكي القليل من الذكريات الكثيرة البعد )
..  يا عائشة : هل كان محمد يقرأ لك ما يكتبه ؟ قاطعتنا وهي تقول : لازم .. لازم .. والشي الذي كان لا يقرأه لي كان يرسله إلي أصحابه .. كان محمد يجود عمله .. يحب ذلك .. وكان يحترم وجهة النظر الأخري ويسأل كثيرا .. حتي في معني كلمة .. يمضي ساعات طوال لمعرفو معناها في كل اللغات .. كان يبحث في كل القواميس .. وكلما يكتب قصيدة يجلس ليشرحها بشطب كثيرا ويكتب فيها كثيرا حتي يطمئن ثم بعد ذلك يخرجها للناس
قلنا  يا عائشة : وكان محمد مشغولا بالهوية .. بالغابة والصحراء ؟ قالت : كان محمد يري أننا سودانيين .. وإثبات أننا سودانيين كانت مهمة جدا له ، سمعته مرة يقول ( أنا لا مع غابه وصحراء ولا أي حاجه ....) انا مع السودانية .. وكان كل ما تحدث عن الغابة والصحراء يربطها بأصدقائه النور عثمان ابكر ومحمد  المكي ابراهيم

محمد المتصوف الشاعر

 

 

تقول عائشة موسي _ أقرب الناس لمحمد عبد الحي _ وهي تحكي ..كان محمد متصوفا في كل شيء في حياته وكتاباته .. كثير التأمل والدعاء والتبحر في عوالم الله .. وقدرة الله .. وحتي في ( مرضه ) وهو علي الكرسي كان يحرص كثيرا علي أداء الصلوات في وقتها .. وإن تأخر عن صلاة يتضايق كثيرا .. ولم يكن المصحف يفارقه ابدا .. وكان بعتقد في شيوخ يزورهم في مدني ..واذكر ذات مرة وهو في مرضه الأخير أن حضرت لي صديقتي الدكتورة رفيعة لنذهب للشيخ ( الصايم ديمة ) رحب محمد كثيرا بذهابنا .. وسعد كثيرا بذلك .. كان الوقت ( في شهر رمضان ) ذهبت وصديقتي .. كان الشبخ في غرفة صغيرة ..وبداخل الغرفة ما يقترب عدد هم من المائتين شخص .. ( كانت الغرفة مثل علبة الكبريت ) وكان الشيخ صائما .. أذكر أنه شرب من ( كوره ) بعض الماء ودارت (الكوره ) علينا جميعا فشربنا منها .. وأشار الشبخ علينا وجاءنا من يكلمنا أن الشيخ يريدنا أن ندخل .. فدخلنا .. كانت ( الكورة أمامه ) ولا تزال فيها بقية ماء .. وناداني الشيخ الصايم ديمه فجلست قربه وسلمت عليه فقال لي :
الدكتور كيف ؟
قلت له : كويس ..
سألني الدكتور قال ليه شنو ؟
وحكيت له ما قاله الدكتور .. قال لي دا .. نحن بنسميه الفالج .. وهو بيشفي .. وهنالك ( حاجه ) رسلت أجيبها ليهو .. والحاجه دي لو جات أنا بجيبها وبجيكم ..
قلت له بتجينا ؟
قال لي :أيوه بجيكم في البيت ...
وحين عدت من ( الصايم ديمه ) كلمت محمد بكل ما جري .. فضحك محمد ضحكة شديدة .. وقال لي : ما فهمتيهو ؟ أجبته : ما فهمتو ؟ .. قال لي أنا فهمته ... وفهم محمد الرسالة .. ( إنو هو ماشي ماشي ) .. والرسالة كانت بتقول ( مافي طريقه أجيكم النجم ده غايب ) .. في تلك الايام توفي محمد ......................

 

 

سالنا  عائشة : هل كان محمد يحفظ المديح ؟ قالت : كان يحفظ الكثير .. وكان يمشي لنوبات الذكر .. ولأننا ( ختمية ) كثيرا ما كانت تقام نوبات وختم للقرآن في بيوت أهلنا كان محمد يحرص علي حضورها ...
قلنا لعائشة : هل كان محمد ( ماسك طريقة )؟
قالت : والذكريات تتداعي .. في مرة ذهبنا الي ( مكة ) وكان حول الكعبة زجمة كبيرة .. وامام الحجر الأسود فج أحد العساكر الناس ونادي لمحمد : يا شيخ .. ولم يكن محمد صاحب لحية او شيخ كبير كان شابا .. الحق دهشت من مناداة العسكري له .. وابعد الناس من امامه حتي بلغ محمد الحجر الاسود ... .. وفي ذات تلك الرحلة ونحن في المدينة المنورة طلب أحد الشيوخ وإسمه محمد وهو من الكباشية .. لا اذكر الاسم كاملا .. من زوج أختي أن يحضر له الدكتور في البيت .. وذهبنا له وكان بيته في عمارة في الطابق الخامس .. فنزل الشيخ لمحمد ورفض ان يصعد له محمد .. واذكر أنه أعطي محمد عسلا وقال له أنت سألتني من الطريقة .. واداهو الطريقة ..

صور عائلية  

(*) تقول عائشة .. بأن محمد كان يحب بطبعه الونسه مع الناس الكبار .. في السن .. حتي أنه كان دائما ( يرقد ورا أمي .. ويقرأ في كتاب أو جريدة .. وكان بطبعه يحب ( الحاجات القديمة ) والي اليوم توجد بعض أشيائه .. كراسته الاولي ودولابه وكتبه.. وشقيقه سعد أيضا يحتفظ ببعضها في منزله بمدني ...
(*) وتقول عائشة ان محمد كان ديمقراطيا يشاورني حتي في أسماء أبنائنا .. أحيانا يقترح هو وأحيانا أنا .. حين سمي إبنته شيراز كان يقرأ في كتاب ويقول لي أن مدينة شيراز تعجبه جدا .. فاسميناها شيراز .. وجاء وضاح علي وضاح اليمن وجاء اسم محمد المعتز من جلسة عائلية ثم ريل ...

حوار في حوار

(*) ماذا يا عائشة عن إتجاه محمد السياسي ؟

(_) محمد لم يكن له إتجاه سياسي معين ..

(*) هنالك من يقولون أنه كان يساريا ؟

(_) محمد يتهم عن جهل .. وأنا  شخصيا أميل لليسار ومحمد يختلف معي في ( القصة دي ) لذا هذا الكلام غير صحيح
(*) أنت يسارية الهوي ؟
(_) لوسألني الآن أي إنسان هل عائشة موسي عضو في الحزب الشيوعي سأقول لا .. ولو خيرت لانتمي لا تجاه سانتمي لليسار ..
(*) هل تفسر لنا عائشة أكثر ؟

(_) الفكر في السودان مبني علي قواعد إسلامية .. ولكن هنالك فعالية يجب أن لا نغفلها لليسار في بناء السودان الثقافي ..
(*) وماذا عن معارك محمد عبد الحي الثقافية ؟

(_) ربما لم تكن تعجبني .. محمد عنيف ( شويه ) في إبداء آرائه .. وهذه صفة تنطبق علي كل الشعراء .. بالذات الشباب مع الشعراء الكبار .. والمعارك الثقافية دون شك تثري الساحة ..

حكايات من تاريخ شاعر

تقول عائشة موسي أن هنالك ثلاث حقائق لابد من ذكرها

1/ توفي محمد بعد أن كان قد قدم لدرجة ( البرفسير شب ) وخطاب قبول الترشيح احضره لي البروفسير يوسف فضل في بيتي وانا في شهور ( الحبس ) وقال لي (أصدر مجلس الجامعة اليوم الخطاب المبدئي بقبول محمد عبد الحي من المتقدمين لدرجة البروفسير ).. كان ذلك بعد رحيله بشهرين .. وحين سألت عن معاش (البروفسير شب ) لمحمد جاءتني الاجابة ( الخطاب طلع وقبل تنفيذه محمد توفي ) .. وهذه في اعتقادي من أخطاء الجامعة .. فالسيرة التي قدمها محمد لنيل درجة البروفسير شب تعطيه درجة أكبر  منها إن كانت هنالك درجة فوقها .. مع إحترامي لكل البروفسيرات .. لا اعتقد أن هنالك من له كل إنجاز محمد في هذا العمر ..

2/ محمد مات وتحت وسادته في ( مستشفي سوبا ) (4) أو (5) رسائل  دكتوراه وتخرج .. كان يصحح فيهم .. قال لي قبل ايام قليلة من وفاته ( يا عشه .. ديل لازم يتقفلو ا بالشمع الأحمر ويسلموا لدكتور محمد محمود في يده لأنو ديل اوراق الأولاد ) يعني هو بموت وبصحح لجامعة الخرطوم !!!!!!!!!!!!!!!!!!!

وجامعة الخرطوم طردتنا من البيت .. طردت ابني وانا مسافرة ووالده مات ..... وانا سخصية أدين جامعة الخرطوم في أن مكتبة محمد عبد الحي تضاءلت كثيرا بسبب ما فعلته معنا ... هذا حدث عام 92

3/ لقد قمت باجتهادات كثيرة لتثبيت بعض الحقوق في جامعة الخرطوم .. فحين اعلن مدير الجامعة بأن هناك قاعات لمن يريد من الأسر أن يسجلها لشخص ما عليه ان يقوم بترميمها وتجهيزها لتمنح اسم الشخص .. ذهبت الي قاعة في المتحف _ بين فاعة الشارقة والمتحف .. طلبت هذه القاعة ومنحوني لها .. وقمت بصيانتها وتجهيزها من مراوح وشبابيك وابواب وكراسي وترابيز وفرشتها ( موكيت ) .. وسافرت للسعودية .. وحين عدت وجدت اللافته وقد انزلوها وذهبت والدكتور البروفسير محمد المهدي بشري والناقد مجذوب عيدروس لمدير القاعة .. و( تكلم معاي كلام شين جدا ) ولا احب أن اعيده .. قال لي ( محمد عبد الحي .. دا منو ؟ ) أجبته ( إن كنت لا تعرف محمد عبد الحي فالقضية خسرانة ) .. قلت له اعيد لي اللافته التي تركتها .. قال لي  :أنا غيرت العفش الكان فيها ... وبالزعل قلت له ( خلاص أكتب فيها إسمك ..........)
هذا حدث قبل شهر وهذه القاعة أسستها من لحمي ومن قوت اولاد محمد عبد الحي ...!!!!!!!!!!!!!!!

الانفاس الاخيرة لرحيل محمد
تقول عائشة ما زلت ما زلت اذكر ذلك اليوم ، ونحن في مستشفي ( سوبا ) كان من المفترض أن تجري لمحمد عملية في ذلك اليوم ولأن قلبه لا يحتمل أجلت العملية بعد إدخاله لغرفة العمليات .. وفي ذلك اليوم طلب محمد حضور كل أبنائه وجاءت لنا زيارات كثيرة .. وعند ( المغرب ) طلب مني محمد ـ أن أقوم بتوصيل أبنائنا لباب المستشفي وأن أحضر له معي ( جرايد ) وفعلت وحين عدت وجدته ( قلقان ) .. قال لي ( أديني حاجه بارده أشربها ) وكان هناك (أبري ابيض ) اعطيته ( شربو شراب زول عطشان ) وقال لي ( جيبي القميص .. جيبي القميص ) قلت له (إنتي في المعاد دا بتقلع عشان تنوم عايز تلبس ؟ ) قال لي ( قلت ليك استريني ....!!) وما تماها .. كانت أول مره أشوف الموت قدامي ... جا دكتور داخل زميل وضاح .. وطلعوني بره ... وكان جنبو المصحف ... والمتنبي .... ورسائل الدكتوراه التى كان  يصحح  فيها .... و  ..... و .... و......