أرْبَعَةً كُنَّا فِي سُوقِ النّاقَة

أرْبَعَةً كُنَّا فِي سُوقِ النّاقَة محمد نجيب محمد علي. فِي سُوقِ النّاقَةِ وَنَهَارُ الصَّبْوَةِ يَرْقُصُ فِي صَحْنِ الأَحْلامِ الْبَرّاقَة وَالشَّوْقُ صَبِيٌّ يَحْمِلُ فِي كَفَّيْهِ دِثَارَ الأسْفَارِ الْمُشْتَاقَة

أرْبَعَةً كُنَّا فِي سُوقِ النّاقَة

أرْبَعَةً كُنَّا فِي سُوقِ النّاقَة


محمد نجيب محمد علي.


فِي سُوقِ النّاقَةِ

 

 

 

وَنَهَارُ الصَّبْوَةِ يَرْقُصُ فِي صَحْنِ الأَحْلامِ الْبَرّاقَة

وَالشَّوْقُ صَبِيٌّ يَحْمِلُ فِي كَفَّيْهِ

دِثَارَ الأسْفَارِ الْمُشْتَاقَة

مَا بَيْنَ ضَجِيجِ الْبَوْحِ

وَدَوْزَنَةِ شِوَاءٍ يُشْعِلُ بَرْقَ الرَّغْبَة

وَغِنَاءِ فَتَاتَيْنِ عَلَى إيقَاع ِالأيّامِ الصّعْبَة

كُنَّا نَخْتَلِسُ الْفَرَحَ الْهَارِبَ

مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِنَا

كُنَّا نُلْقِي بِالضَّحْكَاتِ

عَلَى صَدْرِ مَوَاجِعِنَا

نَتَلَصَّصُ مِنْ غُرْفَةِ إمْرَأَةٍ

تَرْفُسُ كَفَّيْهَا فِي النّار

وَتَفُضُّ بَكَارَةَ حُزْنِ الْوَقْتِ

وَتَنْشُرُ عِطْرَ النّشْوَةِ فِينَا

وَتَغَار

قُلْتُ :

وَصَدِيقِي كَانَ يُوَجْوِجُ فِي كَفّيْهِ

وَيَمْشِي فِي كُلِّ مَدَار

مَاذَا لَوْ نَحْنُ خَطَفْنَا هَاتَيْنِ الرّائِعَتَيْنِ

وَغِبْنَا فِي تِيهِ الصّحْرَاء ؟

مَاذَا لَوْ طَارَدْنَا صَخَبَ اللّيْلِ هُنَالِكَ

فِي صَمْتِ الأصْدَاء؟

مَاذَا لَوْ ...؟

وَانْدَاحَتْ إِحْدَاهُنَّ، وَقَالَتْ أَوْ .

وَالْأُخْرَى كَانَتْ تَعْبَثُ فِي مَوْجِ ضَفَائِرِهَا .

كَانَتْ تَتَعَلَّقُ فِي أَشْجَارِ مَشَاعِرِهَا .

وَتُمَازِحُ طَيْفَ خَيَالٍ كَانَ يُغَامِر

وَأَرَانِبَ لَيْلٍ

غَافَلَتِ اللّيْلَ

وَجَاءَتْ تَمْشِي وَتُكَابِر

أَتَذَكّرُ أَنَّ الْأُخْرَى

قَالَتْ لِصَدِيقَتِهَا :

هَلْ سَنُطارِد؟

قُلْتُ :

وَنَحْنُ نُطَارِدُ فِي غِزْلَانِ الشّوْقِ

وَنَعْدُو مِنْ خَلْفِ أُنُوثَةِ

وَجَعِ الظّلِّ الشَّارِد .

....

وَضَحِكْنَا

وَسَرَحْنَا فِي أَوْدِيَةِ الْحُلْمِ

وَتُهْنَا

مَا بَيْنَ رِجَالِ السّوقِ وَزُوّارِ الْغُرْفَةِ

مَنْ جَاءُوا صَفّاً صَفّا

مَنْ جَاءُوا بِسُيُوفٍ وَخَنَاجِر

وَسَكَاكِينَ تُحَدِّقُ فِينَا وَتُفَاخِر

وَعُطُورٍ تَرْكُضُ كَيْ تَنْدَاحَ عَلَيْنَا

كُنَّا نَدْفَعُهُمْ عَنَّا

لَكِنَّهُمُ كَانُوا يَنْدَفِعُونَ إِلَيْنَا

قَالَتْ إِحْدَاهُنّ :

أَيَا أُمِّي ..

_ كَانَتْ تَتَلَهَّى فِي نَبْرَاتِ الْهَاتِف _

مَنْ يُنْقِذُنَا مِنْ هَذَا الدَّفْقِ الطّائِف ؟

وَتَسَاءَلَتِ الْأُخْرَى :

هَلْ ؟

فَأَجَبْتُ :_وَعِطْرُ الرَّمْلِ الْبَارِدِ كَانَ يُعَافِرُ فِي الْأَقْدَامِ وَيَسْرِي _

بَلْ .

وَصَدِيقِي مَلْهِيٌّ

يَتَجَاذَبُ أَطْرَافَ حَدِيثٍ مِنْ بَلَدٍ آخَر .

قَالَ :سَتَأْتِي إمْرَأَةُ التَّوْقِ اللّيْلَةَ فِي زَمَنٍ سَافِر .

فِي نِصْفِ اللّيْلِ تَمَاماً سَأَكُونُ هُنَاك

كَانَ صَدِيقِي مُمْتَلِئاً بِالشّوْقِ الْفَتَّاك

وَبِرُؤْيَا خَارِجَ رَحِمِ الْغُرْفَة .

وَثَلَاثَتُنَا كُنَّا مِثْلَ تَلَامِيذِ الْفَصْلِ

نُشَاغِب ،

وَصَدِيقِي كَانَ الْاُلْفَة .

كُنَّا نَتَنَفَّسُ أَنْفَاسَ شِوَاءٍ أَوْشَكَ

أَوْ كَاد

كُنّا أَوْغَاد

....

وَكَأَنِّي بِخَرُوفٍ كَانَ يُجَادِلُنِي .

كُنْتُ أُمَازِحُهُ سِرّاً : لَا تَسْأَلَنِي

أَنْظُرُ فِي عَيْنَيْهِ وَأَغْمِزُ وَأَقُول .

يَا حَظَّكَ هَذَا الْيَومَ تَكُونُ طَعَامَ الْحَسْنَاوَاتِ

وَتَعْبُرُ مِنْ بَيْنِ شِفَاهٍ

لَمْ يَلْمَسْهَا أَحَدٌ يَا مَخْبُول .

يَا حَظَّكَ إِذْ مَا تَمْشِي بِجِوَارِ (القلبين ؟)

وَتَقْرَأُ كُلَّ الْأَسْرَار

وَتَلْمَسُ مَا لَا أَحَدَ يَطُول .

يَا حَظَّكَ

يَا لَيْتَ الْمَأْكُولَ أَنَا

آهٍ لَوْ كُنْتُ أَنَا يَا صَاحِبَ كُلِّ الْحَظِّ

الْمَأْكُول.

كُنْتُ أُمَازِحُهُ بَعْضَ خَيَالَاتِي سِرّاً

كَيْ لَا تَكْشِفَنِي الْبِنْتَان

وَلِكَيْ لَا تَحْرِمَ إِحْدَاهُنَّ

خَيَالَ خَرُوفِي مِنْ شَيْءٍ مَأْمُول

كُنْتُ أُصَادِقُ وَهْمَ شِوَاءٍ سَوْفَ يُكَلِّمُنِي

إِنْ كُنْتُ أَنَا مَنْ دَخَلَ إِلَى قَلْبِ الْبِنْتِ الْ..

أَمْ كُنْتُ أَنَا أَتَعَلَّقُ فِي شَيْءٍ مَجْهُول .

آهٍ يَا سُوقَ النَّاقَةِ يَا مَنْ يَجْمَعُنَا فِي مَائِدَةِ الْأَحْلَام

يَا مَنْ يَجْعَلُنَا نَجْلِسُ فَوْقَ أَسِرَّةِ إمْرَأَةٍ

كَانَتْ تَتَبَسَّمُ سِرّاً وَهْيَ تُغَازِلُ فِينَا

وَتَقُولُ سَلَام

آهٍ يَا عِطْرَ " الشَّرْبُوتِ الْأَبْيَضِ "

حِينَ أَتَانَا

فَعَصِرْنَا مِنْهُ وَشَرِبْنَا حَتَّي

قَالَتْ إِحْدَاهُنّ :

أَرَى شَجَراً يَمْشِي وَالنَّاسُ نِيَام

وَالْأُخْرَى كَانَتْ تَضْحَكُ وَتُتَمْتِمُ

وَتُهَمْهِم

لَكِنْ مَا كَانَتْ تَقْوَى أَنْ تَنْطِقَ أَيَّ كَلَام.