أبجـديـة الفسـاد..!

أبجـديـة الفسـاد..! محي الدين محمد علي مع نسمات كل صبح جديد ... يهتز عود الإنسان ... وتسقط منه ورقة ذابلة من أوراق عمره المعدودة ... فلا يكترث لها البتة  ... ويستجمع قواه ثم يشهر مخالبه ... ويكشر عن أنيابه وينطلق كالوحش المجنون يطارد الحياة ... ليصطاد الأرانب غير عابئ بالقيم التي تتساقط منه ... قيمة أثر قيمة ... حتى ينكفي آخر المطاف على وجهه ... كومة من الوهن وقد ضاعت من بين يديه الدنيا والآخرة ... والعياذ بالله ... ويا له من خسران !!

أبجـديـة الفسـاد..!

أبجـديـة الفسـاد..!

محي الدين محمد علي


مع نسمات كل صبح جديد ... يهتز عود الإنسان ... وتسقط منه ورقة ذابلة من أوراق عمره المعدودة ... فلا يكترث لها البتة  ... ويستجمع قواه ثم يشهر مخالبه ... ويكشر عن أنيابه وينطلق كالوحش المجنون يطارد الحياة ... ليصطاد الأرانب غير عابئ بالقيم التي تتساقط منه ... قيمة أثر قيمة ... حتى ينكفي آخر المطاف على وجهه ... كومة من الوهن وقد ضاعت من بين يديه الدنيا والآخرة ... والعياذ بالله ... ويا له من خسران !!
إن هذا هو الحال الغالب للإنسان في كل أنحاء الدنيا ... وصدق الله العظيم القائل (والعصر إن الإنسان لفي خسر ) فقد استشرى الفساد بين العباد في البر والبحر ... وصارت الذمم تباع وتشترى بالدولار ... والين والإسترليني ... والمارك والروبل والفرنك ... وكل العملات السائدة في تلك الدول الغربية والشرقية التي لا تدين بالإسلام ولا تتقيد بمثله وقيمه ... ولا يكبح زمامها واعز ديني ... فالأمر عندها سيان ... وأصلها خسرانه ...  خسرانه ... إذا خسرت الدنيا أو الآخرة أو الاثنين معاً !! ولكن ما بالنا نحن المسلمون ... نسقط في الهاوية... بل ونكاد أن نفوز بكاس العالم في هذا المجال الفاسد !!
إن الدين الإسلامي الحنيف قد وضع حدوداً وضوابط ... للمعاملات في شتى صورها... وقال ( كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ) وقال ( الراشي والمرتشي والرايش في النار) وقال وقال ... ما تقشعر له الأبدان في عاقبة الفساد والمفسدين ...  ولكن الناس ... يقرأون ويسمعون ... بل ويحفظون كل ذلك ... ثم يقدمون على دفع الرشوة أو استلامها أو تسهيل أمرها ...  في رقة متناهية ودماثة خلق !! وقد بلغ أمر الفساد في العديد من الدول الإسلامية حداً لا يمكن تصوره أو وصفه ... ومجرد الحديث عنه قد يعتبر ... كذباً ومبالغة ... ويبدو أن السودان الحبيب ... قد تورط هو الآخر ... بكل أسف ... وظهرت قلة قليلة في القطاعين العام والخاص واستطاعت بما تملك من قدرات خسيسة أن توهم الناس بان الرشوة والمحسوبية ... حاجة اعتيادية خالص ... وان من لا يتعامل معها يضيع وقته ويخسر حقوقه في النهاية ... وانقلبت الموازين ... وصار النظيف العفيف ... معوقاً ...  ونجساُ ... وثقيلاً وربما بليداً وأهبلاً وعويراً ... وأصبح المفسد المرتشي ... هو التفتيحة ... والظريف وابن الحلال ... وود الناس ... وكلما أصدرت الدولة قوانين ولوائح ومنشورات لمحاصرة الفساد والرشوة ... استوعبوها بسرعة ... وحولوها في لمح البصر لتخدم مصالحهم !! 
إننا ندق الأجراس قبل وقت كافي جداً لمحاصرة هذا الداء الذي سيهزم نهضة أمتنا وعلى الدول العاقلة أن تبتر أصابعها ... قبل أصابع الغير إن هي امتدت للحرام ... وإلا فسيأتي اليوم ... ونصبح أمة يأكل بعضها بعضاً ... ويدرس تلاميذها وفق أبجدية عصرية جديدة ... والألف أكل ... وباء بلع ... وجيم جذر ... ودال دفع ... وهاء هنبتة و واو ورق ... وزين زلط ... ثم حاء حوافز ... وطاء طمع ... كاف كاش ... ولام لبع ... وميم مسك ... ونون نهب ... وصاد صقع ... ثم خاء خمش ... وراء رزم ... وضاد ضرب ... وظاء ظرف (مليان طبعاً) ... وعين عصر ... وغين غمت ... وفاء فكة ... ثم قاف قلع ... وسين سرقة ... وشين شبع ... وتاء تمساح ... وذال ذنب ... وياء يشوه ... لان المرتشي عندو (لجنة) تقلب الراء ياء ... كما تقلب الطلبات فوق تحت !!