الموسيقار الدكتور الماحي سليمان 

الموسيقار الدكتور الماحي سليمان  - لا توجد الآن زعامة غنائية عربية بعد رحيل معظم الرواد الكبار - هوية السودان هي التي حددت الوعاء الفني الخماسي وشكله - الأغنية القصيرة تحتاج إلي منهجية جديدة تستوعب حركة المجتمعات الحديثة حوار - محمد نجيب محمد علي 

الموسيقار الدكتور الماحي سليمان 

الموسيقار الدكتور الماحي سليمان 

- لا توجد الآن زعامة غنائية عربية بعد رحيل معظم الرواد الكبار

- هوية السودان هي التي حددت الوعاء الفني الخماسي وشكله

- الأغنية القصيرة تحتاج إلي منهجية جديدة تستوعب حركة المجتمعات الحديثة


حوار - محمد نجيب محمد علي 

يعد الأستاذ الجامعي والدكتور الموسيقار الماحي سليمان أحد أركان الموسيقي والأغنية السودانية ،فهو متخصص في الموسيقي الشرقية وعضو المجمع العربي للموسيقي بجامعة الدول العربية سابقا ،ورئيس لجنة الألحان والأصوات بالإذاعة السودانية ومدير إدارة الموسيقي بالهيئة القومية للثقافة والفنون بجانب أنه عضو المجلس الإستشاري لوزير الثقافة وله إسهامات عديدة في مجالي التأليف الموسيقي والتلحين .التقيته حول العديد من قضايا فن الغناء في السودان والعالم العربي وكانت هذه الحصيلة 

_   هناك حوار مستمر يدور مستخدما مصطلع هبوط الأغنية ، وهذا يشيع غموضا في القضية ،فهل المقصود بالهبوط هو هبوط شعر الأغنية أم الترتيب الموسيقي واللحن ؟ 

ما يسمي بالغناء الهابط ظاهرة حتمية لهذا التردي الذي أوصلنا إلي أغنيات تجاوزت الخطوط الحمراء ، كما أن بعضها يصيب بالإشمئزاز لأن المنتوج الفني الحالي ضعيف ومتخبط لإبتعاده عن طاقة المجتمع الثقافية ، إضافة إلي التلوث السمعي الذي ظهر لكثرة المدخلات الفنية التي تلتقطها الأذن عبر الفضاء الواسع ، ولذلك فقدت الأجيال الجديدة من الفنانين البوصلة التي تحدد لها الإتجاهات الصحيحة ، وإستمرار هذه الظاهرة يجعل الخصوصية النغمية التي نتحدث عنها في خطر ، وهذا النوع من الغناء موجود في كثير من عواصم الدول العربية وغيرها ويسمونه غناء التسلية ولكنه محصور في حدود ضيقة للغاية لأن المؤسسات الفنية الرقابية مفعلة بالقانون ولا تسمع بظهور هذا النوع من الغناء . 

 

- ماهو السبب الذي جعل السودانيين ينحصرون فقط في السلم الخماسي ، ولماذا يشيع الخماسي السوداني في الجوار الأفريقي ولا يسود في الجوار الآسيوي ؟ 

هوية السودان هي التي حددت الوعاء الفني الخماسي وشكله ، وذلك بالنظر إلي عوامل التاريخ والجغرافيا إضافة إلي المكونات الأنثر وبولوجية وما ينتج عنها من تراث نغمي جاء خليطا بين الأفريقانية والعروبية ولكن نلاحظ بأن معظم السلالات البشرية في السودان أصولها أفريقية ، ولذلك برزت الخماسية بإعتبارها مزاج أفريقي عام موجود في كل مناطق الحزام السوداني ودعونا نسميها بالخماسية السمراء مقابل الخماسية الصفراء في منلاطق آسيا وغيرها . 

-أغنية " الحقيبة " السودانية هي أغنية تسير في التقاليد العربية ، ولكنها ترتبط بتركيب اللحن الأفريقي ما قولك ؟ 

بالفعل إذا نظرنا إلي أغنية الحقيبة من ناحية النصوص الشعرية فإنها تمثل الإتجاه العروبي القوي الذي ظهر في تلك الفترة ، والذي قادته مجموعة من المثقفين السودانيين مع ظهور الجمعيات والمنتديات الثقافية التي كانت تعني بالشعر وتأثرهم بالمدارس المصرية . أما من ناحية اللحن فقد إحتفظت أغنية الحقيبة بالسلم الخماسي بحسه الإفريقي ، وبإعتباره الناقل الوطني للموسيقي السودانية . وبذلك شكل ظهور أغنية الحقيبة إتجاها توفيقيا بين العروبية والأفريقانية . 

-الأغنية السودانية لماذا لم تخترف الأذن العربية . ما السبب ؟ 

الإتجاه الصحيح لموسيقانا هو الإتجاه الافريقي أولا ، ثم العربي ثانيا . وفي ذلك نجد بأن الاغنية السودانية وجودها مطمئن جدا في كل منطقة الحزام السوداني ، أما بالنسبة للأذن العربية فلها خصوصية نغمية تعرف بموسيقي " السيكا " وهو إسلوب عربي أصيل إعتادت عليه الأذن العربية ولا تقبل خلافه . كما أن مشاركة السودان في المهرجانات العربية محدودة للغاية ولك أن تتصور بأن معظم العلرب يرددون المامبو السوداني حتي الآن ولا يعرفون غيرها . 

- معهد الموسيقي والمسرح لم يستطع أن يضع الموسيقي السودانية في مقام يتوازي مع البعد الحضاري للسودان ؟ 

لولا وجود معهد الموسيقي والمسرح لوقفت الأغنية السودانية في مرحلة الحقيبة قرنا آخر، لذلك أعتقد بأن المعهد أحدث نقلة نوعية كبري في الحياة الموسيقية بالسودان من حيث المهارة العزفية وظهور الكورال وتطور التأليف وظهور التوزيع الموسيقي وتحريك الموسيقي الشعبية بكل أشكالها إضافة إلي البحوث والدراسات التي غطت جانبا كبيرا من موسيقي التراث ودراسات ثقافة السلالم وارتباطها بالهوية السودانية . ولكني أري أن المعهد يحتاج إلي جهات راعية توفر له البيئة الفنية المناسبة ، وأتمني أن تتغير النظرة السطحية لهذه الكلية وكل المؤسسات الفنية الأخري حتي تحقق دورها الثقافي والحضاري .

 
- كيف تنظر إلي مساهمات الأصوات النسائية السودانية في الغناء ؟ 

من الطبيعي أن تساهم المرأة السودانية في مجال الغناء لأنه مرتبط بالموروث الشعبي الذي ورثناه من مهيرة وبت المكاوي وبت مسيمس وبنونة بت المك ومندي ومجموعة كبيرة من الحكامات واللائي تناولن في أعمالهن الغنائية الصفات السودانية الأصيلة الشجاعة البطولة الكرم الدوفاع عن الوطن ، وكلها نماذج تعبر عن التحولات الإجتماعية والسياسية وعن النازحين ، ولعلنا حتي الآن ومع ظاهرة النزاعات القبلية نجد دور الحكامة دخل في دراسات ثقافة السلام . أما عن الرائدات في الغناء الحديث نجد أسماء كثيرة عائشة الفلاتية ومني الخير والبلابل وحنان النيل والقائمة الآن تطول بوجود أعدلاد كبيرة من المبدعات في مجال الغناء والعزف علي الآلات الموسيقية . 

- هل تخلت مصر عن الزعامة الغنائية فتوزعت سلطات المراكز الغنائية علي العواصم العربية . وكيف تري غناء الخليج ؟ 

لا توجد الآن زعامة غنائية عربية بعد رحيل معظم الرواد الكبار في مصر ولبنان وغيرهما ، والآن ومع هذا الإنفجار الفضائي أصبح السماء مفتوحا علي مصراعيه لكل التجارب الإنسانية نع وجود أجيال جديدة متطلعة للحداثة وأصبحت الآن الفنون أكثر إستهدافا بالعولمة من غيرها . أما عن غناء الخليج فقد تأثر تأثيرا مباشرا بالمدرسة المصرية ولكنه بالرغم من ذلك إحتفظ بخصوصيته النغمية والإيقاعية . 

- يقولون أن هذا زمن الأغنية القصيرة ؟ 

نعم هذا زمن الأغنية القصيرة ، ولكن ليس غناء التسلية والألحان الكاريكاتورية والنصوص التي صارت أرباع . وعموما الأغنية القصيرة تحتاج إلي منهجية جديدة تستوعب حركة المجتمعات الحديثة بعيدا عن أساليب التطرف التجديدي الذي ظهرت بوادره عند بعض الفنانيين الشباب وهي إتجاهات لا تناسب هويتنا وخصوصيتنا الموسيقية . 

- الأجيال الجديدة أغلبها مقلد؟ 

التقليد أصبح ظاهرة كارثية علي الإبداع ووصل لدرجة الألحان المشتقة أو التشابه لدرجة السرقة ، أما الأصوات فحدث ولا حرج ونجد بعضها وصل لدرجة التقليد في عيوب الصوت . ولكن بالرغم من ذلك توجد أصوات واعدة . 

- أخيرا الأغنية تحتاج إلي نقد ، وأكثر أنواع النقد تخلفا هو النقد الغنائي ؟ 

النقد الفني يحتاج إلي عرض الجوانب الموجبة والسالبة بعد تفكيك العمل إلي عناصره الأساسية من إيقاع وميلودي وهارمونية وطابع صوتي كما يحتاج للمعرفة الأولية للتأليف الموسيقي من حيث العبارة والجملة والفقرة ثم معرفة عناصر الأداء التعبيري وللأسف الشديد مثل هذا الناقد المتخصص في الموسيقي لا يوجد عدا قلة من أساتذة وخريجي كلية الموسيقي .