هيكلة الجيش.. خطوات تنظيم.. 

هيكلة الجيش.. خطوات تنظيم..  الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد  التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله الله حمدوك، في وجود الرئيس الألماني (شتاينمار) حول ضرورة هيكلة الجيش السوداني والمنظومة الأمنية، اعادت هذه التصريحات وتوقيتها، السؤال المتكرر، حول هذه القضية المعقدة، وهل تسمح المؤسسة العسكرية في بلاد مثل السودان، بأن تتم هيكلتها وتغيير عقيدتها القتالية، وكذلك تبديل تبعيتها وفق خارطة جديدة؟  وهل هذه الخارطة الجديدة تنظر إلى دور الجيش في دول العالم الثالث.  الجيش والسلطة 

هيكلة الجيش.. خطوات تنظيم.. 

هيكلة الجيش.. خطوات تنظيم.. 


الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد 


التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله الله حمدوك، في وجود الرئيس الألماني (شتاينمار) حول ضرورة هيكلة الجيش السوداني والمنظومة الأمنية، اعادت هذه التصريحات وتوقيتها، السؤال المتكرر، حول هذه القضية المعقدة، وهل تسمح المؤسسة العسكرية في بلاد مثل السودان، بأن تتم هيكلتها وتغيير عقيدتها القتالية، وكذلك تبديل تبعيتها وفق خارطة جديدة؟  وهل هذه الخارطة الجديدة تنظر إلى دور الجيش في دول العالم الثالث. 
الجيش والسلطة 
تنقسم فترات تأسيس الجيش السوداني إلى مرحلتين. تبدأ المرحلة الأولى ماقبل الاستقلال، وتكوين قوة دفاع السودان، وكانت أبرز الأحداث في تاريخ هذه القوى العسكرية، حركة اللواء الأبيض، بزعامة الضابط علي عبداللطيف، والوعي المبكر بأهمية خروج الاستعمار من وادي النيل. انتهت حركة اللواء الأبيض، إلى  نتيجة أن الجيش السوداني في نشأته الأولى لم يعد بعيدا عن حراسة الدولة والعمل على تحديد مستقبل هذه الدولة في المستقبل، وأن الاستعمار، شآء أم أبي، فإن مصير دولة مابعد الاستقلال، ستكون لقوات دفاع السودان فيها مساحات سياسية وأن الجيش ليس بعيدا عن السياسة في ظل بقاء الاستعمار مهيمنة جحافله على جغرافية السودان. وكان الحدث الثاني في تاريخ قوات دفاع السوداني، المشاركة في الحرب العالمية الثانية،  وكانت هذه المشاركة، أول  علاقته مع قضايا العالم والمحيط الإقليمي في أفريقيا والعالم العربي، ومن هنا نشأت علاقة عاطفية بين الجيش والمواطن، اخذت تتبلور إلى تفويض دائم يراه العسكريين لحراسة الدولة، واعطاء إشارة التدخل  عندما  يصبح  أن لاخيار إلا تدخل الجيش لانتقال السلطة من الحكم إلى آخر، والمفارقة أن كل تدخلات الجيش السوداني في كل المراحل كان الانحياز لصالح انهاء حكم  عسكري، وقيام فترة انتقالية تنتهي إلى حكم ديمقراطي، ينتهي بانقلاب عسكري. . 
مابعد الدولة الوطنية 
في العام 1958 م، وصل الفريق إبراهيم عبود، قائد الجيش السوداني إلى السلطة بانقلاب أبيض، ظل سؤاله مطروحا، هل كأن الأمر تسليم و تسلم  بين الفريق إبراهيم عبود، وزميل السلاح القديم الاميرالاي عبدالله بك خليل رئيس الوزراء آنذاك. وانقلاب عبود، سيظل ألغاز التاريخ السياسي السوداني، في توقيت الانقلاب، ومن هو صاحب المصلحة الكبرى في الانقلاب ولماذا؟. عرف انقلاب عبود، بانقلاب الجنرالات، وكان المجلس العسكري الأعلي، تكوينه الأساسي يعتمد على كبار قيادات للجيش، دخلت المجلس الحاكم، بحكم الرتبة والخبرة الطويلة في الخدمة العسكرية.اهتمت الدوائر البريطانية والأمريكية بانقلاب الفريق عبود، وكان السودان في فترة نهاية خمسينيات القرن الماضي، يعيش مخاض صعب في الانتقال من الإدارة البريطانية إلى الدولة الوطنية، وصراع مابعد الاستعمار. 
في كتاب "السودان في الوثائق البريطانية، انقلاب الفريق عبود 1958م-جمع وتحقيق دكتور وليد سعيد الأعظمي نقرأ الآتى : "وفي تقرير مطول، تناول السفير البريطاني في الخرطوم، تفاصيل الانقلاب العسكرى، فكتب إلى حكومته مايلي:
سري:
من الخرطوم إلى وزارة الخارجية 
السير أي تشامبان اندروز
رقم1424 
17/تشرين الثاني 1958، بالرغم من أن موضوع انقلاب الجيش كان في الحسبان، إلا أن التوقعات لآخر محطة، كانت بأن ذلك لايحدث على أية حال. وقال لي زميلي الأثيوبي، بشكل شخصي بيني وبينه يوم السبت بأن الإمبراطور "ويقصد هيلا سلاسي" قد أجرى تلات محادثات، مهمة وسرية مع عبدالله خليل -رئيس وزراء السودان-في أديس أبابا يحثه فيها على عدم حكمة اللجوء إلى الانقلاب العسكرى. إذ إن الإمبراطور لايريد دكتاتورية عسكرية عربية على حدوده" وتحت عنو "اسرائيل وموقفها من الانقلاب -رقم الوثيقة131723
 /571 fo
من تل ابيب الى وزارة الخارجية 
السير. اف. برندال
وزارة الخارجية برقية رقم 700 -في 18/تشرين 2 
1958
مكررة للمعلومات 
إلى واشنطن ومكاتب بريد قوات الشرق الأوسط 
"بسبب نقص المعلومات، فقد كان رد فعل الصحافة الإسرائيلية، من انقلاب السودان، يشوبه الحذر، اذ اعتبرت أكثرية الصحف، بأنه معادي لناصر - الإشارة للرئيس جمال عبدالناصر - ويحظى بتأييد قادة رجال الدين للانقلاب كدليل لذلك " 
والمفارقة في هذه الوثائق أن عملية التسليم والتسلم بين عبدالله بك خليل والفريق إبراهيم عبود، لاتجد المجال للنفي إلا بتأكيد أن الإمبراطور هيلا سلاسي، يطالب رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا، عدم تسليم السلطة للجيش، خوفا من ديكتاتورية عسكرية عربية على حدوده. وفي مقالات عن ثورة اكتوبر 1964-وتحت عنوان -استقالة عبود. يورد  الصحفي السوداني محمد علي صالح  عن وثائق امريكية  الآتى :
استقالة عبود
من:السفير الأمريكي 
الى:وزير الخارجية 
الموضوع :نهاية عهد الفريق عبود
.. أمس أنتهي رسميا حكم عسكري، أستمر  ست سنوات في السودان، باستقالة الفريق إبراهيم عبود، الذي كان قاد في عام 1958م، انقلابا عسكريا ضد حكومة 

ديمقراطية.. وبعد مناورات منذ أن بدأت الثورة قبل ثلاثة أسابيع، يبدو أن عبود أقتنع بقبول الأمر الواقع، وكان الثوار وافقوا كحل وسط على أن يبقى عبود رأسا للدولة، بينما يحكمون هم السودان، بواسطة مجلس وزراء من قادة الثورة بمختلف تياراتهم السياسية. 
رأينا :
أولا :ثورة أو غير ثورة، فقدنا صديقا في شرق أفريقيا. زار الولايات المتحدة، واستضافه الرئيس كنيدي في البيت الأبيض، وتعاون معنا في جوانب كثيرة من جوانب سياستنا في أفريقيا. 
ثانيا :لم يؤيدنا عبود في كل سياستنا. حاول بطريقته الخاصة، أن يتودد معنا، ومع غيرنا. زار دولا شيوعية في شرق أوروبا، وعقد صفقات تجارية وعسكرية، وبنى له بعضهم مصانع عسكرية، وغير عسكرية، مثلا :مصنع الذخيرة، وسلاح البحرية السودانية "
ثانيا :ثورة أو لاثورة، كان عبود رمز استقرار استمر، ست سنوات، لم يكن ديمقراطيا، لكنه كان حاكما فعالا"

 

             


ثالثا :بطبيعة الحال، يظل السودانيون، يبتهجون بالحرية التي حرموا منها لست سنوات. وبطبيعة الحال، يواجهون مشاكل الحرية، خاصة حرية جاءت فجأة. وخاصة في بلد فقير، وتعصف به خلافات قبلية، وخاصة الحرب الدموية القاسية بين الشماليين والجنوبيين، التي بلغ عمرها عشر سنوات تقريبا. 
رابعا:لهذا مثلما حدث في دول أخري في العالم الثالث، شهدت ثورات شعبية ضد انظمة دكتاتورية أو ملكية، مثل العراق قبل ست سنوات، يبدو أن  دول العالم  الثالث، بصورة عامة تواجه مشاكل أساسية في ترسيخ الحرية التي من أجلها قامت تلك الثورات الشعبية. الوقت مبكر للحكم على مستقبل السودان بعد ثورته الشعبية، لكن يبدو أنه لن يشهد استقرارا سياسيا خاصة بسبب مشاكله الاقتصادية والقبلية السالفة الذكر "
هذا التقرير من سفير الولايات المتحدة، عقب استقالة الفريق إبراهيم عبود من رئاسة الدولة وانهاء شراكة قصيرة العمر"ثلاثة أسابيع "بعد حل المجلس العسكرى الأعلي وانتهاء حكم العسكر الأول، يشير صراحة إلى علاقات العسكري والمدني، ورؤية أمريكا وأوروبا، لثورات الشعوب. فقط إبدال مصالح أمريكا مع نظام عبود بالمساعدة والمساهمة في قضايا أفريقيا والوقوف مع رؤية امريكية لأزمات أفريقيا، ابدالها في الراهن بالحرب على الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية فإن الدولة المدنية التي لاسلطة على العسكر عليها، تحتاج إلى 56 عاما قادمة وأن تقرأ الأجيال القادمة وثائق ثورة ديسمبر 2019م.  أو ماذا قالت سفارة امريكا بالخرطوم عن مطالبة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بهيكلة الجيش السوداني. او بلغة الثوار والساسة انهاء تعاقب العسكري والمدني في حكم السودان. انقلاب فثورة