رسالتي الأولى إليك في العام الجديد 2021

رسالتي الأولى إليك في العام الجديد 2021 د. ريم احمد محمود  كل عام  أنا و أنت - إذ لم ترغب في أن أختار الضمير نحن !-  إذن ، كل عام أنا و أنت و الإنسانية بخير و رضا و أمان و مغفرة من رب كريم  .  لا أصدق أننا قد نجونا حتى هذا اليوم من الموت! لقد نجونا بفارق ساعات قليلة!  هل تصدق ذلك ؟

رسالتي الأولى إليك في العام الجديد 2021

رسالتي الأولى إليك في العام الجديد 2021

د. ريم احمد محمود 

 

 

 


 
كل عام  أنا و أنت - إذ لم ترغب في أن أختار الضمير نحن !- 
إذن ، كل عام أنا و أنت و الإنسانية بخير و رضا و أمان و مغفرة من رب كريم  . 
لا أصدق أننا قد نجونا حتى هذا اليوم من الموت! لقد نجونا بفارق ساعات قليلة! 
هل تصدق ذلك ؟! 
نعم ، الحمد لله  . علينا ألا ننسى شهداء كوفيد19 لابد أنهم سعداء اليوم ايضا بنجاتنا المحفوفة - في كل ساعة - بالخطر و أعرف بأنك سعيد لأجلنا ايضا . ما حدث في العام الماضي 2020 و قبل ساعات قليلة من الآن ، كان جنونا حقيقي.. لقد كان الجحيم بذاته ،إذ لم ولن نعرف أبدا  في لعبة الموت هذه من منا التالي ! .. علينا ألا ننسى كيف ماتوا ، لقد ماتوا مختنقين! 
لا زلنا نتنفس تلقائيا و بلا وعي لعملية التنفس المعقدة ، حتى إذا تذكرنا كوفيد19 اختنقت انفاسنا و نسينا مهارة التنفس. 
في العام الماضي كنت كلما خرجت من البيت ، ابقى بعد ذلك ليومين أو ثلاثة اراقب انفاسي و اتحسس حلقي و درجة حرارتي، افعل ذلك كل يوم ! قبل أن ابتسم بعدها ممتنة و أقول ( الحمدلله ، لقد  نجوت من تلك النزهة الملعونة !) 
ربما لم تكن موجودا لتلاحظ كم أثرت الكمامة على شكل انفي ، لطالما اعجبتني استقامته و فتحتيه كقلبين صغيرين .. اليوم أراه مفلطحا قليلا ! و كذلك أثرت على عيني و صلبتهما على تلك النظرات المتسعة بالدهشة ، لأجل الخوف وحده ..في المواصلات ..في الطرقات ..في المتاجر ..في المشافي  و أمام نشرات الأخبار  .
ربما لم يتسنى لك الوقت أيضا ، لتلاحظ كيف دفعني الخوف من المرض إلى الشك في أنفاسي وأنفاس من احبهم ، و في ارتعاش أكفهم الممتدة نحوي ،  فكان كوفيد19 يهز رأسه و يهمس في اذني دوما ، و أنا اقاوم حنين الاختباء في حضنهم 
( أ أ أ آ ،ما زلت هنا !) 
الهواء خارج البيت خطر جدا! كيف تحيا و انت تخاف الهواء و الحب معا ؟!  
أعرف الآن أن اهتماماتنا صارت مختلفة ، و أن حديثا عن الهواء ربما لم يعد يهمك ، فماذا عن الحب ؟! ( اها ..فهمت ، ليس علي أن أسألك بعد الآن). 
قبل ساعات من بداية العام الجديد 2021 ، كنت فوق ..على (السطوح).و لم أشعر بالبرد ،اطمئن ! فقد كانت يدي اليمنى تشد بقوة و حب و امتنان على يدي اليسرى فأحظى بدفء مجاني  ، و نظرت الى السماء من فوقي حيث صاح الناس فجأة بصوت واحد ، و اطلقوا المفرقعات و الالعاب النارية.. 
   كان المشهد جميلا من الأعلى ، حيث لا يبعدك عن السماء سوى أن تمد يديك و تلمس وجه النجوم الملتمعة. 
تلك الالعاب النارية كانت جميلة جدا و مذهلة ، كانت ذات صوت صاروخي متواضع و ما إن تنفجر في الافق ، حتى تتناثر أضواء ملونة ، تتخذ اشكال متداخلة أو متسعة و متزامنة  على أشكال دوائر أو قلوب  أو نوافير تتدفق عاليا في قبة السماء ..سمعت الناس مبتهجين ، نعم سمعت صوت البهجة و همهمة الفرح ، كانوا محتفلين برغم كل شيء ..ألم أقل لك ؟! مشهد رائع .. 
مشهد مشتعل كثيف الفرح و الروعة لو تدري ! و كأننا في قلب مجرة تولد الآن  تحت الاضواء ،غير أنه مشهد رائع جدا ..جدا على أن يحتمله شخص واحد يقف فوق (السطوح ) وحده ، و يمد نحو السماء يده و يمسح دموع النجوم .  
    كن بخير ، و قبل أن انهي هذا ، تعرف كم أنا متفهمة وأعرف انك لم تنسى أن تتفرغ لأجلي في هذه الساعة لتقول لي ( كل عام و نحن بخير) ، لكنك فقط كنت مشغول بموتك !.و اقدر هذا ..نعم اقدره جيدا . 
د. ريم احمد محمود 
في أول ساعة من 2021 
تحت سماء الخرطوم الجميلة ابدا