العروس السودانية بين الامس واليوم

العروس السودانية بين الامس واليوم فاطمة محجوب كرار لم يكن احد يتخيل  مدى الاختلاف الكبير جدا الذى طرأ ومازال فى تتفاصيل الزواج فى السودان ،ربما يرى البعض ان التغيير والاختلاف مع مرور السنوات شيئا عاديا وطبيعيا وانه  من سنن الحياة ، ولكن ليس من الطبيعى ابدا ان تصل تكاليف اقل زيجة لمئات الالاف

العروس السودانية بين الامس واليوم

العروس السودانية بين الامس واليوم

 

فاطمة محجوب كرار

 

لم يكن احد يتخيل  مدى الاختلاف الكبير جدا الذى طرأ ومازال فى تتفاصيل الزواج فى السودان ،ربما يرى البعض ان التغيير والاختلاف مع مرور السنوات شيئا عاديا وطبيعيا وانه  من سنن الحياة ، ولكن ليس من الطبيعى ابدا ان تصل تكاليف اقل زيجة لمئات الالاف من الجنيهات فى بلد يعانى نصف سكانه من نقص فى الحصول على مستلزمات الحياة الاساسية  ويعانى شبابه من العطالة بنسبة عالية .

تصف الخالة (عائشة محمد) حال الزواج قبل عقود ليست كثيرة بأن اسرة الفتاة والشاب كانت تعى الهدف الحقيقى من الزواج وهو الاحصان وتكوين اسرة مستقرة لذلك كانت تسعى لتبسيط تكاليفه ، وتتم كل التفاصيل من تجهيز المسكن ووليمة الزواج ب (النفير)حيث  يساعد الاقارب والجيران  نساء ورجالا بالجهدوالمال لأتمام الزواج فى بساطة  ، وكان من العيب لسنوات قريبة ان (يفاصل)والد العروس فى مسالة المهر ومستلزمات الزفاف ،فالعروس تقبل بوضع العريس المادى وتجهز نفسها بما تيسر عن رضى وقناعة تامة ، ورغم ذلك تظهر فى ابهى حلة يوم زفافها ويخرج الاحتفال بأحسن صورة، وتفسر ذلك الخالة عائشة بأنه زواج يبارك الله فيه لبعده عن مظاهر التبذير والمغالاة والمباهاة

 وشيئا فشيئا تعقدت المسألة ،فجأة وجدت الاسر ان الزواج صار يمر بمراحل كثيرة لابد منها ،بل الأصح أنها فرضت عليه من جهة غير معلومة وان الاخلال بمرحلة او تفصيلة من التفاصيل سوف يدرجك فى خانة المقصرين وسوف تسير ببساطة زواجك وقلة  صرفك عليه الركبان . ويعزى البعض البداية ل (هيلمانه ) وبذخ الزواج فى السودان لما يسمى (بزواج المغتربين )،حيث شهدت البلاد فى اوئل ثمانيات القرن الماضى تزايدا ملحوظا فى الخروج لدول الخليج بحثا عن وضع افضل ،وماتبع ذلك من تغيير فى مظاهر الزواج حيث كان (المغترب)حلم كل فتاة ولا بد لعروس المغترب وأهلها (بحبحة)الاحتفال ،فكانت تفاصيل الزواج المعروفة ك (سد المال والشيلة وليلة الحنة وحفلة العرس )تتم بصورة تليق بأهل العريس المغترب ومدعويه ،وكان لابد للعروس من تجهيز معتبر (فستان زفاف وطرحة وتجميل وتصوير)وقبل ذلك كله (حبس ) لمدة اقلها شهر تتم فيها عناية خاصة بها ،اما والدة العروس فتكون مشغولة بتجهيز التفا صيل والمتغيرات التى تحدث بين لحظة واخرى مثل فطور العريس او موية رمضان اذا تصادف ذلك او خبيز العيد .....الخ المستجدات.

 

العروس اليوم او هذه الساعة بالتحديد كما تصفها الدكتورة فى علم الاجتماع نجلاء عبد الرحمن عروس رغم نيلها اعلى درجات العلم ، لا تقبل بعرس بسيط التكاليف الا فى النادر جدا ، فهى تشترط فى العريس مستوى اجتماعى وعلمى مكافئا لها وان يوفر لها كل مستلزمات زواج يليق بمكانة اهلها  ومكانتها (شيلة ومهر وذهب وليلة حناء وزفاف وزفة ورحلة شهر عسل ....الخ )وعليه

 

بعد  كل ذلك  توفير مستوى معيشى مريح  ،وهى لن تتنازل عن ذلك ولو (مشطت البيضا مع الزرقا) وهو مصطلح يعنى وان كبرت فى السن وشاب شعر رأسها.اذا كان هذا حال المتعلمة والكلام لازال للدكتورة فما بالك ببقية الفتيات ،بالتأكيد التقليد سمة فى المجتمعات التقليدية كالمجتمع السودانى وواضح ذلك مما نراه فى تجهيزات الزواج سواء كان فى مقدورك او لا ،وكى نخرج من هذه الدوامة لابد من وقفة جادة يشترك فيها كل افراد المجتمع من اسر ومعلمين وخبراء لنتجنب سلبيات المباهاة والمظاهر والمغالاة فى تكاليف الزواج والتى وصلت مرحلة ستؤدى بالشباب لهاوية العنوسة والعزوف عن الزواج وما ينتج عنهما من مهالك للشباب والمجتمع معروفة للجميع.