الشاعرة والكاتبة إيماض مهدي 

الشاعرة والكاتبة إيماض مهدي  - انا كاتبة مغامرة في زمن انتحار هوية الكتابة  - لهذا السبب قمت باحراق كتاب " اخر السلاطين " لمنصور الصويم .  إيماض مهدي .. شاعرة وكاتبة .. بسيطة وقلقة ومتمردة .. تحب الهدوء والمغامرة في ذات اللحظة .. وتمتاز بحياء كثيف .. تحاول من خلاله الوصول الي اهداف هناك في البعيد .. كتب عنها الكثير من النقاد .. وبشروا بقدومها .. تحتفي بمدرستها التي تعمل فيها معلمة للغة العربية .. قالت لي انها تحاول ان تنشر المعرفة بين تلاميذها وتلميذاتها بطرائق اخري خارج حصار جرس انتهاء الزمن الرسمي للحصة .. وقالت لي أنها احرقت مكتبتها ذات يوم .. وروت لي الكثير .. 

الشاعرة والكاتبة إيماض مهدي 

الشاعرة والكاتبة إيماض مهدي 


- انا كاتبة مغامرة في زمن انتحار هوية الكتابة 

- لهذا السبب قمت باحراق كتاب " اخر السلاطين " لمنصور الصويم . 

إيماض مهدي .. شاعرة وكاتبة .. بسيطة وقلقة ومتمردة .. تحب الهدوء والمغامرة في ذات اللحظة .. وتمتاز بحياء كثيف .. تحاول من خلاله الوصول الي اهداف هناك في البعيد .. كتب عنها الكثير من النقاد .. وبشروا بقدومها .. تحتفي بمدرستها التي تعمل فيها معلمة للغة العربية .. قالت لي انها تحاول ان تنشر المعرفة بين تلاميذها وتلميذاتها بطرائق اخري خارج حصار جرس انتهاء الزمن الرسمي للحصة .. وقالت لي أنها احرقت مكتبتها ذات يوم .. وروت لي الكثير .. 
جلسنا في حديقة المتحف القومي ذات عصر مشتعل .. وفناجين قهوة .. ونعناع .. ولوحات في المرسم الحر .. وكلام وجمل تغازل افعالها ما بين الماضي والحاضر والمستقبل القادم .. وكنت  أدون بعض من البوح .. والاعترافات . 

حوار : محمد نجيب محمد علي


(*) لنبدأ بملامح من السيرة الذاتيةلإيماض بدوي ؟ 

السّيرةُ الذاتية محورُ سؤآلٍ يؤرّقُ كتابةً مستقبلية، تحدِّقُ بي ملياً كلّما اختلستُ النّظرَ إليها؛ حيث تدعوني كتابتها في زمن ربّما يأتي إلى الكثير من الشّفافية أو إن صحَّ إلى شفافية مفرطة فأتمنّى كتابتها كما هي . ولكن الآن تبدو :إيماض مهدي بدوي أنثّى تلوّحُ لأوآخر العشرينيات من عمرها تلويحةٌ تستعرض محطة الميلاد ومابعدها بحسب كشف نقلية المعلمين، حيث ميلادي بقرية الرِّبع العوامرة وتجوّل الأسرة في محطات الوطن المتباينة والتي تقاسمتْ مؤسساتها التعليمية مانلته من تعليم.أعمل معلّمة للغة العربية . أمٌ لقصيدتين "محمد ولبابة" 

(*)- إيماض شاعرة وقاصة وحاولت الرواية هل النّص ينتج نفسه أم أنه منتوج لحظات متعددة الأوجه ويرسخ فيها السرد والشعر والحكي؟

في الكتابة بصورة عامة النص هو أسلبة تفكير الكاتب في لحظة معينة والتفكير لا يشبهه الإستعجال،وينطبق هذا على الشعر في كثير من الأحيان،و كتابة القصة وكذلك الرواية تستدعيها اللحظات المتعددة بتعدد شخوص أو احداث العمل قد تمتد اللحظات السردية إلى أعوام وبالتأكيد ينعكس ذلك على تداعي الكاتب أو خطته ومن هنا يمكن أن نقول "من الصعب السيطرة على النّص وأن  يلزم الكاتب نفسه بكتابة لحظية أي مطابقة للحظة التفكير الأولى فمعظم الأعمال كتبت كتابها واقتادتهم قود ذي الرّسن لكونها ترجمة إنفعالات.

 


   
(*)- ماتعريفك للشعر، وهل تستوعب قصيدة النثر هذا العالم؟

الشعر كلّ مايسيل عن طبع النّفس الشاعرة أي أنّ الشعر حالة وصول لتوافق فكري  ووجداني في قالب لغوي يعيِّنه موضوع النص الشعري أو وعي الشاعر بطرائق ترجمة شعوره ، امّا فيما إذا كانت قصيدة النثر تستوعب هذا العالم أم لا؛ فهي قادرة على ذلك طالما حملت نعت القصيدة. 
(*)-هل تكتبين الشعر أم يكتبك الشعر؟

معظم شعري هو الذي كتبني ودون إذن فالقصائد تراودني عن نفسها بل تاتي كما الأحلام دونما استئذان، أما ماكتبته دونما انقياد ووفقا لإرادتي هي نصوص قليلة وظفتها لخدمة نصوص مسرحية قديمة شغلتني كتابتها فترة من الزمن ثم هربت.
(*)- يقولون أنّ الأنثى الشاعرة الأكثر تعبيراً عن ذاتها ولكن أشهر الشعراء من الرجال؟
أظن أنّه سؤال يوافق حقبة زمنية فائتة وهذه الإجابة ليست إنحيازا للشاعرات ولكن الحراك الثقافي الراهن يحِّدث عنهن كشريكات في الأطروحة الشعرية وقراءة المنصة الشعرية ربما انشغلن قليلاً بما لا يستطع الرجال معه صبراً من أعباء يومية لكن تظل أنفاسهّن ووجودهن حتى في شعر الشعراء الرجال نفسه.

(*)-كيف تنظرين للنقد ، بركة ساكن نصح الكتاب الجدد عدم الإلتفات له؟

النقد شريك أصيل في الإبداع بمختلف ضروبه وتحسين النظرة الى مغزى الناقد أمر مهم وأقصد هنا الناقد المستند على منهجية ومرجعية علمية تصاحب لذائقته ،فالنقد الحقيقي هو الصادر عن من يعي بالمسؤولية تجاه الإبداع. وأظن انّ الأستاذ بركة يقصد عدم الإلتفات لنقد من إعتمد على الذائقة وحدها فهي غير قادرة على تحليل خطابات الجنس الأدبي بإنصاف فلكل جنس نظرته التي تهذِّب وتدعم التذوُّق فثمة فرق أسمك من مقدار شعرة بين النّقد والتذوق رغم انّ كلاهما مكملا للآخر.

(*)-ماقولك في تداخل أجناس الكتابة.... الرواية أخذت من الشعر ترتيبه وأصبحت ديوان العرب؟

تداخل أجناس الكتابة خلق "هجين" من الإبداع يستنطق كل حواس الكاتب بشفافية ودون التقيد بما قد يعيق حركة التعبير داخل النص الواحد وهذا مايجعل البعض ينظر إلى الادب الحديث بأنه عبث، هو ليس كذلك ولكن بالمقابل نحتاج تطوير في مستوى استقبال التحديث وبالرجوع إلى علاقة الناقد بالكاتب تجد انّه إذا اراد الأول تقديم دراسة عن نص حداثوي فلابد من إمتلاك أدوات جديدة تحتمل نظريات سردية موازية للخطاب الإبداعي الحديث. 
فن الرواية قادر على احتواء ألوان ابداعية مختلفة من شعر وخطابة ومسرح وغيرها ولم تأخذ هذا الاثر في نفوس العرب إلا بعد أن أصبحت كتابة الشعر لدى الكثيرين منّا عبارة عن تقليد أعمى لمدرسة الحداثة،فالواقع يقول أنه لاتزال هناك فجوة مابين المتلقي العربي وأيدلوجيا الشاعر المتطّلع إلى التجديد
.  
(*)- جيلكم كيف ينظر للكتابة؟

كما نظر إليها جيل الرواد من قبلنا فهي ضرورة لا ترفا فكرياً وتدهشني وتستفزني كتابات أبناء جيلي للتحليق في عوالم تشبه تمرده العاقل وهدوءه المتمرد في آنٍ واحد بالرغم من أنّ الفرق واضح في مستوى التأسيس وإعداد روح كاتب بين ماقبل جيلي وجيلي نفسه من حيث المناهج التعليمية المحفذة وغيرها إلا أن هناك نماذج شابة " تسر القلب" تعي مفهوم التخصصية وترتيب الأفكار بأسلبة جديدة تستوعب كل معطيات الواقع والراهن المفخخ.

(*)-هل هذا يعني إعتقادك الجازم بأنّ مناهج العملية التربوية هي بذرة تشكيل وعي الكاتب الحقيقي؟

بلا شك ياعزيزي ؛ منذ سنوات وأنا مهتمة تماما بالرجوع إلى إرشيق مقررات اللغة العربية كدارسة لها واخيراً معلمة لها وكمهتمة بالأدب ، هنالك فرق واضح بين مادرسناه وتمرحلنا على خطوه وماتعرّف عليه من قبلنا ؛فما يدرّس في الثانوي مثلا لا يختلف تماما عما يدرسه تلميذ مرحلة الأساس" كرّة وااااااحدة " متشابه لاتعرّف بالفنون الأدبية تعريف شامل وتستمر الكرّة دي إلا أن يدخل الطالب الجامعة دون تمهيد او تعريف بمفهوم التاريخ الأدبي بشكل كافٍ حيث لاتوجد تبلدية ولا فردوس مفقود ولا عمر أبو ريشة يصل الطالب إلى الجامعة وكل مايعرفه عن محمد سعيد العباسي هو انّه شاعر لقصيدة مليط ودونما يعرف أين هي مليط حتى.
 
(*)- ظهرت أخيراً القصة القصيدة هل تساهم هذه الجسور المفتوحة في تطوير الكتابة أعني القصة مع ملاحظة أنّ النقاد لا يحبون القصة القصيدة؟

لو سعى الكاتب لتنال كتاباته إعجاب النقّاد أولا؛ لن يكتب حرفا فالكاتب إن لم ترضيه كتابته ولم تشبع رغبته في البوح وتفريغ الشحنات الإنفعالية بما يلائمه لن يحب كتاباته أحد .
في مؤآنسة أعتبرها إضافة حقيقية بالنسبة لي مع شيخ المترجمين السودانيين الأستاذ السر خضر حدثني عن القصة القصيدة والقصيدة القصيرة في بادئ الأمر لم أستوعب الأمر جيداً إلى أن ضرب ليّ مثلا من كتاباتي نفسها كمثال للقصة القصيدة ثمّ عرّج على نماذج من الأدب الإنجليزي قام بترجمتها وأخرى عربية نقلها للإنجليزية .فالقصة القصيدة لذيذة في التعاطي معها كقالب سردي متقبّل في العديد من اللغات ولكن لن يستقبله النقاد أيضا بأريحية إلا إذا وضعوا طرائق تحليل لبنية النّص المندرج تحت هذا التصنيف.

(*)- يقولون أنّ الكتابة تورّث الشقاء ماقولك، هل للجنون نافذة تطل منها الكتابة؟

يااااااه شقاء الكتابة وما ادراكما التلذذ بالألم ؛ إنها كما قال فرانز كافكا:"الكتابة إنفتاح جرح ما" والكتابة دون جنونٍ بالنسبة لي كأنثى بشعة تحلّت بالمساحيق فداهمها المطر" ولأنّ المبدع بطبعه قلق ويتعمّق في التخيّل يشعره مايسمى بالجنون بشيء من الراحة.

(*)ارتبطت الكتابة لدى أبناء جيلكم بالتمرّد ، مامفهوم ذلك ، هل أنت متمرّدة؟

أنا من جيل قادر على تحدي معوقاته بالكتابة وينظر إليه البعض من جيل الرواد بأنه متفائل زيادة عن اللزوم بواقع وحراك تقافي يحتمل كل طاقاته ،وصفنا بالمتمردين وياليتها استبدلت بالمغامرين أو المتماسكين في زمن انتحار هوية الكتابة بالتبعية لهويات أخرى.

(*)- هل الكتابة هي البحث عن الخلاص، وهل يتحقق، قال الشاعر التجاني سعيد إذا وجدت شاعراً سعيداً أعلم أنّه ليس بشاعر؟
الكتابة هي قدر الكاتب هي جبّهُ ودلو نجاته فنكتب لنعالج ونتعالج وللخروج من أزماتنا وكوارثنا المختلفة إبتداء بالعاطفية مرورا بالسياسة والإقتصاد وإلى ماقدر له أن يكن. سمي الشاعر شاعراً لأنه يخاطب ويتخاطب مع الشعور البشري والذي هو موضع محكات الأحلام والصراعات والتجليات ووووو صعوداً وهبوطاً .
(*)-كيف تقرأ إيماض الراهن الثقافي المشهد؟
بطبعي متفائلة إلا أنّ ذاكرة المثقف وعصا السلطة تدعوني لأنّ أكون "متشايلة" أحيانا إشتقاقا من التفاؤل ونقيضه ومايحدّث عنه الراهن الآن هو أنّه لا بد من إجتراج لغة تلبي نداء الطاقات التعبيرية والأجناس الأدبية المختلفة كتابة ودراسة وقراءة إذا الراهن الثقافي يحتاج لدعم الحركات الحديثة لأنها خطوة فعلية نحو فضاء معافى . 

(*)- الآن القصيدة العامية تتسيّد الساحة أكثر من الفصيحة لماذا في اعتقادك؟
الساحات المحلية فقط
(*).ماذا تقولين ؟ 

الفصيحة لغة مشتركة بإمكانها الوصول لجمهور عريض من ثقافات مختلفة وجنسيات مختلفة تجمعهم اللغة الفصيحة نفسها . وشعراء العامية في السودان جمهورهم داخل الوطن والخارج بين الجاليات .. والمستقيل بما يجمع كل الناس ..  

(*) هنالك ظاهرة تقول أن  . بعض الكتاب والمبدعين قاموا باحراق مكتباتهم الخاصة او ابداعهم .. وانت منهم  .. كيف تفسرين ذلك او لماذا؟ 

لحظة إحراق المبدع لمنتوجه الإبداعي ومايتعلق به بفتكر إنها بداية لحياة جديدة خالية من تفاصيل كتيرة أو كمن أشعل ماض ليرى مابعده بوضوح .الكاتب شديد الإرتباط بذكرياته من كتب ومفكرات وقصاصات وبالطبع لحظة الخلاص من هذه الذاكرة لحظة عصيبة تؤرجحه بين الوعي واللا وعي تماما وإن إتداعى بقصده ذلك . عندما جمعت كتبي وأوراقي من الأرفف وتحت المخدات والمراتب ووضعتها في خزانة حديد لم أكن أنوي حرقها تماما بل أهديت منها الكثير لأصدقائي واستبدلت عدد منها بكتب جديدة من وراقين البوستة الذين جمعتني بهم علاقة ورق طيبة وقوية في تلك الفترة كنت لا أفعل شيء تقريبا غير القراءة والكتابة حتى زيارة أهلي كانت شحيحة .

(*)ولماذا بدأتي المحرقة بآخر السلاطين .. ماذنب الصويم ؟ 

منصور الصويم فعلا آخر سلاطين الكتابة الحديثة بالذات ماكتبه عن أحداث تاريخية إستطاع أن يغير رأيي في فاتنة المهدي التي أنتظرت عملا موازيا لها من حقبة زمنية أخرى بدأت بآخر السلاطين لسببين الأول أو كما تبدى لي في لحظة جلوسي على باب الخزانة أنها الأكثر قدرة على الإشتعال.وستخلصني من ذاكرة ورقية امتدت جذورها لسنين وأخذت مكانها من كل "لوري" نقل أساس منزلنا من مدينة لأخرى. بعد أن احترقت كليا وبعضها حريق جزئي لم أتردد في رمي خرطوم المياه في الخزانة وبعد أن حدقت بها مليا وقلت كده كده تخلصتي منها أقنعت نفسي بأنها احترقت لغد جديد وأما كتاباتي ضيعتها لأكتب غيرها.
السبب الثاني بدأت بآخر السلاطين للتخلص من غواية أسلبة الصويم فقد كنت عندها أكتب في رواية الهبهانة التي هو أحد شخوصها .أظنني أردت أن أحرر كتابتي الجديدة دون تأثير واضح من ما قرأته سابقا . لكن مالا أعلم حقيقته تماما هي الأسباب الحقيقية للمحرقة نفسها.

(*) أخيرا ما رأيك في الشعراء من ابناء جيلك .. ما قولك ؟ 

هنالك شعراء يصيبون الشعر نفسه بالحمي ، مثلا شعراء ما يسمي بريحة البن .. هم لا يخدمون اللغة في شيء .. وهناك شعراء لهم بصمتهم وتأثيرهم منهم حاتم الكناني والمغيرة حسن حريبة وهنالك نصار الحاج ومحمد الحسن الشيخ واسامه سليمان وعصام عيسي رجب .. وهؤلاء مدرسة اضافوا لمفهوم الكتابة .. لهم اسهامات في التجريب .. وفي الجانب الاخر من نهر ادم  توجد اجلال الفاضلابي وفاطمة السلماني ونجلاء التوم فهن احترمن لغة تلبي الحاجة للكتابة .. ولك ان تضعني اين ما تريد ..!