السياب والوهن الجميل 

السياب والوهن الجميل  الفاتح ميكا  الشمس في بﻻدي أجمل من سواها  والظﻻم حتى الظﻻم أجمل فهو يحتضن العراق.  《انشودة المطر 》  بدر شاكر السياب  من الصعب جدا اختزال مسيرة شاعر بقامة السياب في مقال او كتاب ﻻنه باختصار موسوعة شعرية مفعمة بالتجارب المريرة وبلاغة وفصاحة وجﻻل المفردة البكر التي لم تنتهك باللغة العادية والتقليدية .. وبرغم ما كتب ومازال يكتب من قبل النقاد والكتاب والمهتمين بالشان الثقافي عربيا وعالميا وتناول تجربته المتميزة والمتفردة يظل السياب بصمة شعرية لن تتكرر. .

السياب والوهن الجميل 

السياب والوهن الجميل 
الفاتح ميكا 
الشمس في بﻻدي أجمل من سواها 
والظﻻم حتى الظﻻم أجمل فهو يحتضن العراق. 
《انشودة المطر 》 
بدر شاكر السياب 


من الصعب جدا اختزال مسيرة شاعر بقامة السياب في مقال او كتاب ﻻنه باختصار موسوعة شعرية مفعمة بالتجارب المريرة وبلاغة وفصاحة وجﻻل المفردة البكر التي لم تنتهك باللغة العادية والتقليدية .. وبرغم ما كتب ومازال يكتب من قبل النقاد والكتاب والمهتمين بالشان الثقافي عربيا وعالميا وتناول تجربته المتميزة والمتفردة يظل السياب بصمة شعرية لن تتكرر. .
السياب .. - قصائد متلفحة بعشقه المزمن للعراق وحبه المتقد دوما إلى مدينته الصغيرة 《جيكور 》و وممهورة بالمعاناة منذ بداية حياته سواء كان ذلك من خﻻل معاناته الخاصة وصراعه مع المرض  ومعاناته العامة كمواطن وشاعر
 عراقي مسكون بعشقه للعراق ومهتما بقضايا اﻻمة العربية يظهر ذلك جليا في اصداراته الشعرية. .- أزهار ذابلة - أساطير - المومس العمياء - الأسلحة والأطفال - حفار القبور - أنشودة المطر - العبو الفريق - منزل اﻻقنان - شناشيل ابنة الجلبي - إقبال. وبجانب إصداراته الشعرية قام بترجمة العديد من الشعر العالمي الحديث  
فتجربة السياب تجربة شاسعة برغم قصرها ولهذا من الصعب الاحاطة بكل تفاصيلها وكما قال حاتم محمد الصكر 
《 .. إن إحياء ذكرى مبدعينا   تحتاج إلى جهد نقدي جماعي تتازر فيه أقلام المختصين لترى صورة المرئي في مرآة عصرنا 》
فكل قصيدة له عبارة عن مدرسة شعرية جديدة ينبغي دراستها بتأمل وعمق والوصول الى تلك النواة المبجلة  في خلايا كلماته حتى يتدفق ذلك الرحيق اﻻبداعى الشهي برغم مراراته ..مرارة نزفها السياب إبداعا ﻻ يضاهى ..
السياب ..-كان في عراك مع الحياة ..
يحمل الموت على اكتافه بقداسة مذهلة ووهن قوي ويتحرك بين الناس ممتشقا شحوبه وغربته والشعر يتألق بين تجاعيد  وجهه الضامر كمنارات صغيرة تضيء الدروب المعتمة وتفتح أبواب الأمل وتعيد للشعر حيوته بصورة مدهشة ... 
السياب ..-  يرتدي معطف الموت الداكن وينهض من انكسارته واحزانه وقسوة حياته كالاسطورة. .!!!
تحدث الكاتب رعد عبد القادر عن حياة السياب قائلا 
《.. الأعوام التي عاشها السياب إنسانا وشاعرا مرة .. كان هنالك القهر الاجتماعي والاضطهاد السياسي وشبح الاستعمار المخيم على امتداد خارطة الوطن العربي. . أحس السياب بهذه المرارة بدءا من جيكور قريته الصغيرة وانتهاءا بأقصى جهة في الوطن العربي كان يشهد موت الكثيرين في قريته وسقوط الكثيرين من المرض والجهل والجوع وكان يسمع شهقات الضحايا وهدير دم الشهداء في فلسطين والجزائر ومصر والمغرب امتزجت مرارة الاستلاب والقهر بمرارة العاطفة -أحب. . وفشل .! أراد أن يدوم حبه ولم يستطيع》
من ناحية أحب وفشل 
تعيد إلى ذهني قصة الشاعر السوداني الراحل 《 إدريس جماع》وهو من أكبر شعراء السودان وله تجربة مماثلة لتجربة السياب في العراك مع الحياة والموت والمرض والتنقل بين المصحات لقد أحب وفشل. .!! وحول فشله في الحب ومعاناته النفسية إلى قصائد  ظلت محفورة في وجدان المواطن السوداني  وبعضها أصبح اغاني مشهورة وأيضا تناولت تجربته الوطنية والعاطفية العديد من الدراسات والكتب وله بيت من الشعر أشاد به العقاد في مقال مطول وهو 《.أنت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا 》
وفشل السياب في الحب أطلق العنان لجمرة الإبداع واﻻحباط أن تشعل كل قناديل الشعر العاطغي وتمنحة قوة ورصانة 
كما قال - خليل اﻻسدي 
《.. تحول اخفاقه في الحب إلى قوة مذهلة في الشعر لقد تحول رد الفعل إلى إلى فعل ---- والألم العظيم خلق من السياب شاعرا عظيما والموت هو الذي منحه هذه القوة 》
----
أطل على الشاعر السياب من نافذة القاريء وانا استعرض مراحل حياته وكل ما كتب عنه ..أطل على ذلك البهاء الشعري من نافذة القارئ وليس الناقد او الكاتب والصحفي والروائي. .القاريء الذي أحب شعره منذ الصغر وبشاركني في هذا الحب معظم السودانيين عشاق الشعر المجيد ..- 
يشدني إلى السياب إنسانيته المشعة وذلك البريق في أشعاره الذي يعكس الهم الإنساني وترويضه للغة بمهارة وتكنيك خارج عن إطار اللغة التقليدية . .ويقوم بنسج البناء اللغوي من خﻻل مفرداته بحميمية يلتحم فيها الماضي والحاضر اﻻلم والأمل الموت والحياة وبرغم حياته القصيرة 《1926 -1964 》استطاع أن يحفر اسمه في جذع الشعر الحديث بكفنه ووهنه الجميل كأكبر شعراء الحداثة وصانع ثورة الشعر الحديث ومدرسة السياب الشعرية الجديدة
له الرحمة والمغفرة 
الفاتح ميكا 
كاتب صحفي ورئيس مركز الفاتح ميكا الثقافي بالخرطوم