القاص والروائي الدكتوربشري الفاضل 

القاص والروائي الدكتوربشري الفاضل  - لاأؤمن بنظرية موت المؤلف وأنا كاتب بلا مدرسة  - القرية الكونية  جعلت الفنون جميعها ننطلب مهارات هائلة حوار - محمد نجيب محمد علي  يعد الدكتور بشري  الفاضل أحد  أميز كتاب القصة والرواية في السودان ، عمل أستاذا بجامعة الخرطوم  وهو متخصص في اللغة والأدب الروسي، ويعمل الآن في مجال الترجمة ، وسبق أن  فاز بالجائزة  الاولي في

القاص والروائي الدكتوربشري الفاضل 

القاص والروائي الدكتوربشري الفاضل 

- لاأؤمن بنظرية موت المؤلف وأنا كاتب بلا مدرسة 
- القرية الكونية  جعلت الفنون جميعها ننطلب مهارات هائلة
حوار - محمد نجيب محمد علي 

يعد الدكتور بشري  الفاضل أحد  أميز كتاب القصة والرواية في السودان ، عمل أستاذا بجامعة الخرطوم  وهو متخصص في اللغة والأدب الروسي، ويعمل الآن في مجال الترجمة ، وسبق أن  فاز بالجائزة  الاولي في  مسابقة الطيب صالح العالمية فرع القصة القصيرة بمجموعته " فوق سماء بندر " ،و فازت مجموعته الققصصية "حكاية البنت التي طارت عصافيرها " بجائزة "كين الأفريقية ".  وله تجارب في كتابة الشعر صدرت له   خمس مجموعات للقصص القصيرة هي "حكاية البنت التي طارت عصافيرها" و"أزرق اليمامة "و"فزيولوجيا الطفابيع" و"فوق سماء بندر" و"أشرقت في ظلام"  كما صدرت له مجموعة شعرية (هضلبيم: عن الأنهار وضفافها) ورواية بعنوان  (تعيسة)، و صدر له عن دار مدارات كتاب (تضاريس مقالات في النقد الأدبي).إلتقيته وكان هذا الحوار

ماهي الإضافة التي قدمتها لك دراستك للأدب الروسي؟

قدمت لي دراستي للأدب الروسي الكثير فقد كشفت لي عن مناجم دستويفسكي والشاعر بوشكين وغوغل وأنطون تشيخوف  وغوركي وبولغاكوف وآخرين وقد توقفت في آثار تشيخوف كثيراً.
- بعض النقاد الذين قرأوا أعمالك الأولي خاصة حكاية البنت التي طارت عصافيرها وكانت محل إشادة ، رأوا أن كتاباتك الأخيرة ليست في مستوي البداية . هل البداية بالنسبة للكاتب هي القمة ؟
هذا ما لا يمكنني البت فيه بل أتركه  للقراء وللدارسين والنقاد. أنا أصنف كتاباتي وأجدها قد مرت بمراحل وقد غلب عليها التجريب.


- هنالك من يري أيضا أن نجاح حكاية البنت التي طارت عصافيرها في السبعينات ووصولها للقمة بسبب الظرف السياسي وليس متعلقا بالنجاح الفني ؟
هذا رأي وكما ترى ليس بوسعي ككاتب البت فيه وربما تكون قصة الطفابيع  التي نشرت عام 1987ضمن المجموعة القصصية الأولى عام 90 والغازات التي  نشرها  الأستاذ على المك في الملحق الثقافي الذي كان يشرف عليه عام  1982 هي مما يمكن أن يكون قد أسعف ذيوعها  إن كان هناك انتشار لها، الظرف السياسي القمعي في الحقبتين العسكريتين.
- القصة عندك كانت تشبه الواقعية السحرية ، وفي روايتك الأخيرة " تعيسة " عدت واقعيا إجتماعيا وسياسيا . ما سبب هذا التحول ؟
والله لا أدري.أحببت أن أكتب عن العنصرية من خلال معمل مفترض هو واحة (السعن القديم ) المتخيلة وعن امرأة صماء بكماء عمياء وعن صعوبات نقل المعارف لها بسبب تخلف البيئة من حولها مما جميعه فجاءت الرواية بهذا الشكل دون قصد مني وبالرواية هنات أحب أن أعود إليها مصوباً وإضافة فصل ثالث لها.
- رواية تعيسة رآها عيسي الحلو أنها من ألأنضج الروايات التي كتبت مؤخرا ، وهذا ما أشار إليه في مقدمته التي قدم بها الرواية ، ولكن الملاحظ أنك إنتقدت هذه المقدمة بقولك أن عيسي شطح بعيدا ؟
عيسى أستاذي  وهو من أكثر السودانيين مثابرة في الكتابة في القصص  القصيرة والروايات والنقد الأدبي وتتجلى مثابرته على نحو خاص في إصداره للصفحات الثقافية وهو صديق وعندما قارن بعض شخصيات روايتي بكتاب عالميين أمثال شكسبير وبشخصيات من روايات كاتبنا العبقري الطيب  صالح رأيت انه شطح بعيداً فأنا ( طوبة ماسويت) كما كان يقول الشاعر الراحل  محجوب شريف في إحدى قصائده.
- الأسماء الجديدة في كتابة القصة القصيرة الآن ، هل هناك إضافات أم أن العصر الآن عصر الرواية وهذا مادفع عدد من الكتاب للإتجاه للرواية ؟ وهل ندرج روايتك تعيسة والمحاولات الأخري في إطار الخروج من القصة القصيرة للرواية ؟
أي ضرب من ضروب الكتابة والفنون عموماً لا يلغي الضروب المجاورة له، لكن الإضاءة والتركيز يكون حسب الذائقة العامة ومتطلبات العصر في هذا أو ذاك من الضروب.خذ عندك شعر العامية في السودان (الفوكس) في العقود الثلاث الماضية كان عليه؛ لكنه لم يلغ الشعر بالعربية الفصحى المعاصرة.والأمر نفسه ينسحب على  القصة القصيرة مقارنة بالانفجار الروائي والرواية نفسها في انفجارها العظيم تجابه حظاً أقل من الوقوف الطويل أمام كل منتج منها كما كانت تحظى على سبيل المثال روايات نجيب محفوظ والطيب صالح فالعولمة من مظاهرها الوقفات العجلى، ومن ثم الانصراف عن الأعمال الفنية جميعها بما فيها فن الغناء.و من عجب، في حين لجأ الموسيقيون  للاغنيات القصيرة قبالة الطويلة التي كانت سائدة أيام أم كلثوم ووردي ومحمد الأمين وكابلي لجأ الكتاب للكتابات الطويلة على النقيض المتمثلة في الروايات.
- النقاد يتحدثون عن ما بعد الحداثة ، هل نستطيع أن نقول أن هناك الآن كتابة إبداعية تجاوزت أيضا مفهوم الحداثة ؟
أنا كاتب بلا مدرسة تقريباً وأؤمن بنظرية الكل شيء (The Theory of Everything)التي يبحث في تفاصيلها العصية علماء الفيزياء.وقد كتبت عن ذلك.وفي الخاطر صياغة نظرية بعقل جمعي أتشارك فيه مع آخرين تجمع بين مدارس شتى كل مدرسة تدرس جانباً من جسد (فيل) الأدب بحيث تقتصر دراسة مدارس الحداثة من بنيوية ومابعدها إلى التفكيك تشريح النص الأدبي في المعمل فقط كما يحدث الأمر للحيوان والنبات، لكن النص الادبي كالكائن الحي لايمكن سجنه في المعمل كما أن له تاريخ فلايمكن قصره على دراسته دون الرجوع لمكوناته مما جميعها ولذا لا أؤمن بنظرية موت المؤلف.


- لك إشتقاقات خاصة في اللغة لبعض الرموز " الطفابيع وسيمفونية الجراد " والكتابة عندك تميل إلي قراءة المفارقات في الواقع والسخرية . هل تساهم هذه الأشياء في تكثيف النص وتأثيره علي المتلقي ؟
هذا أيضاً مما يسعفني به النقد فربما يكون مثل هذا التجريب غير مجدٍ.
- يقولون أن العالم الآن أصبح قرية كونية ، ما طبيعة التماس بين الإنسان المحلي والتغييرات التي يشهدها العالم ؟ وماذا يقدم الإبداع للقاريء ؟
القرية الكونية  جعلت الفنون جميعها تتطلب مهارات هائلة تجابه مبدعيها فلا يمكن إنتاج مواد إبداعية مهلهلة فتمر، ومن ناحية أخرى يلعب الإعلام دوره في الوعي والوعي الزائف فثمة مواد ما تلبث أن تتهاوى مهما كان وراءها من دفع.،والقرية الكونية ستغير من طبيعة الكتابة الإبداعية وكل فترة ستنشأ ذاءقة جديدة وسط القراء ،وأعتقد أن العقد في عصر القرية الكونية لم يعد عشر سنوات بل أصبح سنتين وستقصر المدة في كل آوان مستقبلاً. لقد غير العصر من معنى المفردات اللغوية.
- أعاب عليك اليسار النقدي إشتراكك في مسابقة الطيب صالح العالمية " زين " ماهو تحليلك للمسألة ؟
اشتركت لأن المسابقة لم تقمها الحكومة ولو أقامتها ما اشتركت فيها، بل أقامتها شركة زين ولا اعتراض لي على شركة زين فهي تقدم عوناً مادياً لاتحاد الكتاب السوداني على الرغم من الانتقادات التي تقدم ضدها كشركة رأسمالية ربحية، وربما إقتصر النقد الذي وجه لي لكوني سلمت على من قدم الجائزة.   لكن في العام الأول للمسابقة  كان  قد قدم الجوائز الكواري وزير الثقافة القطري، وهذا مما دفعني للتقدم للجائزة .وقد اقترحت على القائمين بأمر الجائزة جعل  أحد الافارقة الحاصلين على جائزة نوبل مثل وول سوينكا لتقديم الجوائز هذا يعطي للجائزة زخماً اكبر وينأي بها عن الحكومات ،وقد وعدوني بالنظر في الأمر، وثمة مفارقة أخرى فالفائز السوداني يحصل على قيمة الجائزة المعلنة بالدولارات بالسعر الرسمي للجنية السوداني كانت قيمة الجائزة الاولى التي حصلت عليها عشرة آلاف دولار بينما استلمت  27 ألف جنية سوداني أدخلتها في ظرف وهممت أن أذهب للمصري الفائز بالجائزة الثانية وقيمتها سبعة آلاف دولار وقد استلمها بالعملة الصعبة لأطلب منه المبادلةّ!
- يقال أنك ستشارك في إحدي الجوائز الروائية العربية لمادا وكيف ؟
شاركت ولم أفز ، وفزت حالياً في  القائمة القصيرة للقصة القصيرة الافريقية ، وسأشارك عسى أن تسعفني المسابقات ببعض الموارد المالية كي أتفرغ فيما بقي لي من عمر للكتابة، ففي خاطري روايتان جديدتان ظللت أغذ بهما  في دماغي منذ سنوات ولا فكاك من العمل الروتيني المرهق في طلاب العيش لأسرتي وأسرتي الممتدة.
- ما رأيك في الرواية السودانية التي تكتب الآن وماذا عن الرواية العربية ؟
- الكتاب أمثال عبدالعزيز بركة ساكن ومحسن خالد  وعماد براكة والحسن البكري ومنصور الصويم وأحمد الملك وأبكر آدم اساعيل، والشباب أمثال سارة الجاك  وأبوحازم وليمياء شمت ومحمد حمد  ونجلاء التوم وغيرهم العشرات  قد خطوا بالكتابة الابداعية للأمام. نحن مقبلون على عصر الكتابة  الإحترافية التي سيقوم بها شباب لا أعرف أسماء هم. والرواية العربية تشهد نفس إنفجار الرواية السودانية والأفريقية والعالمية.
- هنالك من يقول أن إبراهيم إسحق خليفة الطيب صالح ؟
الكاتب الفذ ابراهيم اسحق قد وجد جزيرته الإبداعية التي يكتب عنها منذ كتب قصته القصيرة الفجوة في حوش كلتوم، أول ما قرات له ،ومنذ كتب أعمال الليل والبلدة وروايات هذا الكاتب متفردة ،وهو كاتب قائم بذاته ،ولايمكن أن نقول أنه خليفة للطيب صالح فالكتاب لايقفون في صف لشراء الخبز بل يطل كل منهم من كوته ونافذته التي يرى بها العالم والكون.


- ما رأيك في المقولة التي تذهب إلي أن هناك إنفجار روائي .. وإلي ماذا يعزي ؟
هنالك انفجار في القرية الكونية في كل شيء في، الغناء والموسيقى الرياضة والكتابة الابداعية والفنون البصرية والسينما. لم يعد المبدعون أفرادا ولا عشرات ولا مئات كما كان في السابق بل بالملايين وهذا يعزى للشبكة الدولية وإنتشار التعليم وسكن نصف سكان العالم في المدن حيث وسائل المعرفة العديدة وزيادة السكان.