أقنعة التنفس الوجداني

أقنعة التنفس الوجداني ( الشاعر عبد المنعم عبد الحي ) حمزة كاكوم كان خاطرا , وموعدا في بال الوعي الابداعي , عانق قدره , معضلات لقاء شرعي ,من ابوين من قبيلة الدينكا , لم يختر لكي يوجد

أقنعة التنفس الوجداني

أقنعة التنفس الوجداني
( الشاعر عبد المنعم عبد الحي )
حمزة كاكوم   
 

 

 

 


كان خاطرا , وموعدا في بال الوعي الابداعي , عانق قدره , معضلات لقاء شرعي ,من ابوين من قبيلة الدينكا , لم يختر لكي يوجد , علي قلب عرش نقي, ممحوالقسمات من رواسب المؤثرات القبلية ,  والجهوية , متصالح في نطاق انساني , متجاوز وخزات المسكوت عنه بفعله الشعري , واحساسه المرهف النبيل , تخطي خطوط العقبات التي تحول بينه وغاياته , بأرسال رسالتين , و التي انتصر فيهما , علي نفسه و الآخر , والمنجز فتح بشعره الغزلي الحنين , ثقرات ومنافذ في الحجرات المصنتة والقاتلة في مجري الاحتقان والاشراق الوجداني طريق خلاص , فكان السعي المنسجم بين مصر و السودان , إلا أن ابداعه انطوي , علي ما يمكن تسميته , بالهوية العاطفية المذدوجة , أغلبه ارتبط بالسودان لان الوطن يحتل اجزاء كيانه ووجدانه , التي تأسست في مجاري الدم وطغيان العطاء الانيق , وهنا يبرز سؤال العذاب في تسوية المسار , والذي يجعلنا نتربص بلغته , حالمين بهتك الاسرار الموحية لها , والراصدة لها والداعية اليه , لذا نجح بالفرار بشعره , من التعالي اللغوي , والايدلوجي وادعاءات البطولات القديمة , ونجح الشعر , في تخليصه من اي تعقيدات تكبح تدفق مشاعره أو يختفي تحت لفائفها , ونجح ايضا في التصالح النفسي , وان يعبر الرهان الاجمل و الاكبر في حياته , لذا كان يظهر المعاني الظاهرة و الخفية و الغامضة أو المتضادة , في بنية ايقاعية متميزة معمقة الدلالة , يتحول فيها الشعر , الي نقر ايقاعي في اللغة , وتتحول اللغة الي ارصدة رسائل في الإلفة والمحبة

 

 

 

 


أنساني وانا انساك
تصير مرة
ونتقاسم مرار البين انا واياك
حبيبي الدنيا يوم بتروح
لايدوم لافرح ولا نوح
ونحن اليوم ورود بنفوح
وغدا نصبح حطام اشباح
وتزرونا الرياح في الدوح
فليه قلبك تذيدوا جروح
الحب وحده كهوية صوفية , تخضع كل الاوجاع , تستوعب تعقيدات وتقلبات الحياة , لاديمومة لحال , ولكل حالة طقسها , وزمانها ومرابط مراسيها .
عبدالمنعم عبد الحي , شاعر , اجتبته آلهة , الفن والجمال و الرحمة يستدرج , اسئلة التأويلات التي تبدو مثيرة و محرمة , في لائحة الآخر ويراه في سنن  الوجود غير ذلك لذا كان هو القادر أن يحل محل الذاكرة , دون أن يلغيها , يتفاعل عزابا وأنينا بوجع الوطن و المراة كلاهما احساسه وشعوره انقاما يعبر بالوحي الصادق , وإن حاقت به سهام الآخر


قال حسن النواب الشاعر العراقي
الشعراء النبلاء
مقدسة قصائدهم
مثل مراقد الأولياء
والشعر عندهم
ابوة وامومة وطفولة
واذا ما ارادت اية حكومة
أن تحول قصائدهم
الي بوق وطبل وصنوج
فهم إما يفرون وإما ينعزلون
أو يموتون بعد حين بهدوء
الشاعر عبد الحي , صاغت شخصيته الانسانية و الفنية , شخصنة الاضداد , براءة الاطفال وكبرياء الرجال , معد لكل الاحتمالات الحياتية , المتبادلة زمانا ومكانا , أقوي من قدره يحل بشعره الماء الآثم عزوبة , الليل و النهار سواء , يتجلا فيهما , معطياته الابداعية , لذا يغلب علي قصائده , الغزل والانتماء الوطني الانساني الحميم و الحنين , الانسان الوطن المراة هذه الحقائق في الخفية و الامعان , مصادر ومنابع وجدانه وتدفق مشاعره
أنا امدرمان تأمل في نجوعي
أنا السودان تمثل في ربوعي
أنا ابن الشمال سكنت قلبي
علي ابن الجنوب ضميت ضلوعي
انا امدرمان اذا ماقلت أعني
فما نيل المطالب بالتمني
تجيش النفس بالآمال لكن
ولكن هذه بما لا تدعني
الموهبة - القراءة – الوعي , محرضات تنبش في الداخل , علي الاسئلة الحياتية المعلقة , التي تستفز علامات الاستفهام , لإستنطاق حقائق التداخلات النفسية , وجدوي مايقدمه المبدع للمجتمع , كان قادرا علي اعادة التوازنات واقتراح الاجابات الممكنة , والتعبير فوق زاته عن الذين عذبهم الصمت الساكن , في الانتظار الذي يأتي ولا يأتي .
في هذا التضاد القدري ,و التورط الوجودي و التحرك في اتجاه التحسين الحياتي , التي تدفع للاستمرار التجاوزي للعوائق الوهمية , بأضاءة قلوب الامل , لان الشاعر مسكون بالقلب الرحب العظيم , لانه يمتلك نقاط التقاء وخيوط اقتران , فهو يتقبل الآخر , كحقيقة لكل تصاريف الايام , الوطن المراة هو منهما واليهما , لان الآخر , اصلا من صلب سلالة الميراث الوجودي النفسي .
يعد شعره , بمثابة وثائق أو شواهد صدق , علي تجربته و عصره , فالشعر لديه , تصوير اجتماعي ناطق , يعي ويدرك أبعاد قيمته الشعورية والتعبيرية والتصويرية , و العلاقات بين الموجودات زمانا ومكانا , وقد شكلت تلك القيم , منجزاته المصاحبة لمواضيعه , وهي محاولات في كشف اقنعة الزيف الحياتي التي صنعتها تأويلات , وتصورات مصالح الآخرالذي يمزق الاوتار ويسود سحر الصباح .
دخل الشاعر  , مرحة الافاقة الذاتية الانسانية , الا ان تلبسه حالة من الوله , يعشق الوطن وانسانه , قربا وبعدا , جوعا وشبعا , موتا وحياة      
نار البعد و الغربة
شوق لأهلي و الصحبة
شوق لكل جميل في الحي
لو عبرة تزيل غصة
لو ذكري تهدي حنان
لوإنسان صبح قصة
انا القصة يا امدرمان
الشاعر عبد المنعم عبدالحي عالم استكمل ملامح توهجه وروائعه , من توهج وتماسك وجدانه الراعف , والله ادري بلوعة الحزني وطغيان الفرح , لان الشعر اسخن ما يكون حين يتهيأ للنزف و الخفوض ساعة المخاض للميلاد  .
إن هذا العالم المكتشف , لايتأتي طواعيتا , من الوعي البحت و لا من الاوعي , وانما يتأتي صافيا من تزاول الاثنين معا , مضفورة في ثنائية من الواقع و الترقب , ليرتفع فوق عالم الحياة الشخصية , يعبر عن روح وقلب متفال منسجم مع الحياة بصفته انسان وافر الاحساس , هو الشاعر , وشعره وإن جاء هادئا في شكله وتركيبته الا أنه في العمق صاخب متفاعل يحتضن الافراح , ويضئ ويثري سكينة والفة واحلام ممكنة .
لذا هو قادر علي اخضاع , اكبر احاسيس الشجن , و اللوعوة والعزاب , وقضايا ملتهبة اخري بالتحقيق التصويري ة السردي و الدرامي , تعبئت الكلمات بمشاعر , تدخل الانا العام في الانا وهو قادر علي توليد الايقاعات الوطنية و الرومانسية , في تشكيلات منسجمة مريحة التدفق
المراة – من خلال التناول الذاتي و الموضوعي ممثلة كلية عالمه , الحب الاكبر , هي احدي الاشياء , التي تتصرف في مقدرات العالم , هو الطغيان المفضل لدي الشعراء التي يمتلك وجدانه والعالم من حوله , لذا كانت الكلمات محلا بالصدق متسقة مع تركيبته الباطنية ,فهو شاعر له كبرياءه وانعكاسات واقعه الاجتماعي , الضاغط علي وجدانه واخلاقه وعالم توقه , وكل امراة قلبها وطن , وامدرمان التي يتخذها , جبنه الاثيرة وكيانه الساتر , كأطار اجتماعي بعلاقته بالمراة , كما يقول ( سان جون بيرس - المراة وسيطا بين المكونات الاجتماعية و الانسانية , وكل الاشياء و التاريخ وهي المتنفس بين بحر الاشياء وبينه )
ويقول المازني في مقدمة الجزء الثاني من ديوانه ( إن الشعر يحلق بالمرءفوق الحياة ويرغمه أن يحس مايري وأن يري ما يحس وأن يتخيل ما يعلم وأن يعلم ما يتخيل )