كتاب (العقل الرعوي) للنور حمد(1) *عامر محمد احمد حسين

كتاب (العقل الرعوي) للنور حمد(1) *عامر محمد احمد حسين

كتاب (العقل الرعوي) للنور حمد(1)
*عامر محمد احمد حسين
صدر عن دار المصورات السودانية كتاب (العقل الرعوي-في إستعصاء الإمساك بأسباب التقدم-مايو/2022.للدكتور النور حمد) كما صدر بعد عقل (حمد)الرعوي.كتاب (العقل الرعوي-لن اكون راعيا في المرة القادمة)لاستاذنا الدكتور عبدالله علي إبراهيم) وكتاب البروف إبراهيم ،في الرد على مجموعة مقالات النور حمد ،التي نشرت من قبل ثم حررها في كتاب يقرأ ( عقل أهل  السودان الرعوي) .وللدكتور حمد كتابات عديدة تستحق الرد لبس لقيمة ولكن لخطورتها في تثبيت حالة ثقافية مارينزية متأمركة تنبش في الماضي، والحاضر، لتوجيه المستقبل نحو (الأمركة والاستلاب).وكل (استلاب) مقدمة لجحافل استعمار جدبد.
-ومشكور الاكاديمي  الدكتور النور حمد، على بحثه عن عقلنا ووصوله الى تصنيفه بالرعوي. ولن افسد عليه إكتشافه او تعريفه او حتى صدور كتاب الاستاذ الدكتور عبدالله علي ابراهيم في الرد على رعوية  ،يحاول بها الدكتور (حمد ) بكل السبل إعادة صياغة الشعب السوداني حضاريا وفكريا .ولو أنه فرق بين تشكيل الدولة وهوية الشعب لكفانا مؤونة الكتابة .ولكنه يخلط بين الدولة والانظمة السياسية -وبين الشعب ومكونات الهوية الحضارية والثقافية .والعجيب ان الدكتور النور حمد ،وبعد نشره مقالاته لم ينتبه لذلك وأعاد الخطأ من جديد في كتاب(العقل الرعوي) .يقول المفكر العراقي الراحل الدكتور( فالح عبدالجبار )في كتابه"العمامة والأفندي-سوسيولوجيا خطاب وحركات الأحتجاج الديني-ترجمة امجد حسين"ولكن واقع الدولة-القومية يتناقض مع المفهوم الهيغلي ،فقد قامت على مجتمع يغلب عليه العنصر الزراعي البدوي ويضم مدنا هشة شبه مستقلة تفتقر إلى (المجتمع المدني)أو التجانس الثقافي الوطني (اي المؤسسات المتطورة للاسواق والشركات والنظام القضائي أو الفضاءات الثقافية الوطنية الموحدة)ويضيف فالح عبدالجبار"وكان على هذه الدولة أن تنمو وتتطور لكي تقترب من مفهوم الدولة القومية  الحديثة --ص80" يقول الدكتور النور حمد في كتابه( العقل الرعوي-في إستعصاء الإمساك بأسباب التقدم)"فالعقل الرعوي هو مجموعة القيم النابعة من صراع البقاء الذي تفرضه طبيعة العيش في البادية .اهم تمظهرات هذا العقل ،الحرص على السيادة على الغير بقوة البأس والحرص على عدم الوقوع تحت اي سلطة ،خارج سلطة القبيلة ،بل حتى حين يقع تحت سلطة الدولة المركزية ،ويصبح مطلوبا منه الانصياع لحكم القانون ،والقبول بمبدأ المساواة بين الناس ودافع الضرائب ،اتباع الاجراءات الحكومية القانونية في الحصول على الحقوق ،والخدمات يعمل جاهدا على التملص من تلك القيود وعلى تقويضها"
اولا: ماعلاقة (الرعاة )في فلواتهم وبين اغنامهم ،بمثل هذه الأوصاف-هم مجموعة قيم نابعة من صراع البقاء الذي تفرضه طبيعة العيش في البادية--هذا الوصف يصدق على صراع الديكة -صراع البقاء بين الضواري في الغابات، وحرب السباع ضد النمور.وكذلك يصدق على حروبات فتوات الحارة المصرية في( عشرينات) القرن الماضي..ولا ادرى لماذا يقحم الدكتور( حمد )عموميات يمكن وصف الرجل والمراة بها ويلصقها بما يراه أس بلاء السودان وبلوائه، في بناء الدولة الوطنية مابعد الاستعمار ، ويرمي بها رعاة مساكين، لاذنب لهم سوى ان دائرة المعرفة عند النور حمد قد وجدتهم الأبعد عن الإنغماس في متاهة حياة المدن ،وكان الجزاء تحميلهم وزر انهم لم تستهويهم حياة المدينة الاستعمارية..يقول الدكتور فالح عبدالجبار"لقد كان إدخال العراق في الأسواق العالمية والنظام العالمي للدول القومية إدخالا قسريا ،وبالتالي جاء هشا في بداياته .فكان ان اضفت الظروف التي تشكلت فيها وتطورت الدولة العراقية سمات خاصة على هذه الهيئة الشاملة والحديثة للحكم والسيادة.ولم تكن هذه السمات مقتصرة على العراق ،بل كانت تميز الكثير من دول الشرق الاوسط:
1/إنها ظاهرة يافعة تعود إلى عشرينات القرن العشرين،اي انها نتاج الحكم الاستعماري وتفتقر إلى العمق التأريخي والمؤسسات المتجذرة.
2/إنها دولة إقليمية ،اي وحدة جغرافية لاتضم شعبا(أمة) يبحث عن كيان دولة ،بل هي دولة تبحث عن كيان أمة.
3/تحتكر زمام الدولة طبقة سياسية صغيرة تنحدر من الطبقات الاجتماعية القديمة او في مرحلة لاحقة -من مجموعة مثيلة في صغر حجمها تتحدر من الطبقة الوسطى (ضباط راديكاليين ،نشطاء ،احزاب ثورية،ومجموعات ذات سمة عشائرية )ومعنى ذلك ان الدولة تفتقر إلى مؤسسات ذات تمثيل شامل ،كما أنها تتسم بكونها متصلبة لاتستجيب  لمتطلبات تقاسم السلطة--فالح عبدالجبار-العمامة والأفندي -ص 80--81"  يقول الدكتور النور حمد"وضعت على صدر مقدمة هذا الكتاب مقولة لعلي الوردي تقرا"السلطة الحكومية اهم دعائم الحضارة ،فإذا ضعفت السلطة في أي بلد من البلاد العربية المتحضرة جاء المد البدوي--العقل الرعوي-ص23" واحمد للدكتور حمد استدلاله بالعلامة العراقي(علي الوردي) وللدكتور الوردي،كثير ابحاث في 
.. في علم الاجتماع العربي والنموذج العراقي،ولست هنا بصدد ضبط المصطلح بين (الرعوي والبدوي والريفي والمدني او المديني ،والصحيح ان الدكتور( الوردي) يتحدث عن( الحضر-والبدو )وليس الرعاة وهم أي الرعاة محددة وظيفتهم وحياتهم فإذا تشابه موقعهم من مكان إلى مكان مع حياة البدو فإن النط والثقافة مختلفة بين ترحال دائم وحياة البداوة وأهل المدن والحضر والاختلاف جذري وواضح وفي مقولته يتحدث عن سلطة مركزية تملك كل ادوات الحكم ،وان الهامش المتمثل في البادية المقصية من دائرة السلطة والمبعدة عن الحياة المادية الحديثة
نمط ونمط...
يريد الدكتور النور حمد ،في كتابه نقد البداوة ويضع العلامة الكاملة للمثال المنشود(رعاة الشاة والابقار، والجمال) إذ لايجد في قاموسه المرادف للمديني سوى هؤلاء المساكين من رعاة ناسيا أومتناسيا ،ان البداوة في مفهمومها القديم قد إنقرصت تماما .وفي كتابه (العمامة والافندي.-مصدر سابق يقول الراحل فالح عبد الجبار " ولقد ساعد تطوير الشبكات الحديثة والطرق والمراكب البخارية والسكك الحديدية في تقليص حالة العزلة السرمدية بين المجموعات الحضرية والريفية"-وصف الدكتور فالح لحالة العراق في ثلاثينات القرن المنصرم..والآن التواصل الحديث لم يترك سوى صورة باهتة للتفريق بين البدوي والحضري وهذه سنة الله في خلقه ولكن عنصر فشل الدولة الوطنية يتمثل في قياس التخلف الناتج عن التنمية غير المتوازنة، وليس على مثال الصراع في دارفور الطارئ بين البدو المزارعين والبدو الرحل ورغم كل ذلك هناك من يتحدث عن غياب المجتمع المدني في دارفور ؟.يقول الدكتور العراقي الراحل علي الوردي في كتابه(شخصية الفرد العراقي-بحث في نفسية الشعب العراقي على ضوء علم الاجتماع الحديث"وجد إبن خلدون ان البدو كانوا موسومين في ذلك العهد بالتخريب وبالنفرة من العلم والصناعة،فقام مدافعا عنهم بأسلوب يقرب من اسلوب علم الاجتماع الحديث.يقول إبن خلدون:ان البدوي بطل شجاع وفاتح باسل وهو ابي للضيم وحامي للجار ومثل هذه الصفات لاتتلاءم هي صفات طلب العلم أو الصبر على الصناعة وفنون العمران.وفي رأيه ان الشخصية الإنسانية على انماط شتى فإن كانت من نمط معين صعب عليها أن تكون من النمط الآخر ،وعلى هذا استنتج ابن خلدون ان طلب العلم والبراعة الصناعية صفة الأمة المغلوبة الخانعة لأنها صفة تستدعي الخضوع والصبر والعمل الكادح وهذه ميزات لاتتفق مع مزايا الإباء البطولة والنجدة التي اتصف بها البدوي فألإنسان في نظر ابن خلدون لابستطيع ان يكون محاربا باسلا وطالبا للعلم في نفس الوقت وكذلك لايقدر ان يكون بطلا ابيا وصانعا ماهرا في آن واحد--وكذلك اثبت ابن خلدون بأن العلوم والفنون لاتنشأ إلا في المجتمع المتفكك الذي ينشأ فيه بنفس الوقت الميل إلى الإجرام والسفة والخلاعة ،فهو يرى ان المجتمع البدوي الخالي من العلم والصناعة خال ايضا من التفسخ الشخصي وأسباب الرذيلة" ومثل هذا المطب يدخل فيه البعض نفسه وله في ادب المفاضلة بينهما مساحة رضاء عن مقولة (الوردي) ورأي إبن خلدون  المذكور في كتاب الدكتور الوردي(شخصية الفرد العراقي)  والمعلوم بالضرورة ان القراءة الفاسدة للواقع المعلوم ، وغياب الرؤية والمفهوم لاتوصل صاحبها إلا الى محطة إنتظار الغيث .وحتى لايطول الإنتظار مع كل مانراه من تخبط .وبما ان الحديث حديث عقل ورعوي ساهم في إستعصاء التقدم فإن كتاب( اغتيال  العقل-محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية ) للدكتور ب(رهان غليون) يصلح كنموءج مداوي للإنتظار ولكتابة تصيب المرء بالقلق على مستقبل البحث في بلادنا.يقول الدكتور غليون"من الطبيعي ان يشجع جو الازمة هذا عناصر النفور والنشاز على البروز  والتكاثر -ويضيف المفكر برهان غليون"ومن مظاهر هذه الازمة ان الكلام الدائم عن التقدم والتحرر والتمدن والتنمية قد إختفى ليحل محله وصف لاينتهي للتخلف وآلياته --يكاد النقد ان يشمل اليوم جميع عقائديات ونظريات الحقبة الماضية ولايستثني احدا منها--ومن المعروف ان موت نظام اجتماعي وتفسخه ينعكس مباشرة على الحقائق التي ترتبط بها وتبرره أو تضفي عليه المشروعية فيفقدها عقلانيتها وصلاحيتها -ولاريب ان لهذا الشك العميق مخاطره مثل ماله ايجابياته ايضا فهو يمكن ان يكون شكا مدمرا كما يمكن ان يكون شكا خلاقا وذلك بحسب مايفيض إليه من تعطيل للعقل وللممارسة او مايؤدي إليه من حث على التفكير والتأمل ودفع إلى إبداع أطر معرفية ومبادئ جديدة للنظر والمبادرة.ولبس هناك حتى الآن اي مؤشر على اننا قد إجتزنا مرحلة الخطر في هذا المجال فالادبيات العربية الحديثة توشك ان تكون شكوى لانهاية لها لما وصلت إليه الحياة الثقافية من إنحدار ،واحتجاجا لايهدأ على ماوصلت إليه الحياة السياسية من تدهور ،وندبا متواصلا على مابلغته الحياة الاقتصادية ،الزراعية،والصناعية من خراب "
-حفل كتاب الدكتور النور حمد بكثير من المغالطات التاريخية وتأويل وتقويل لاحداث تأريخية معروفة بالضرورة لمن يكتب في السياسية او في الفكر السياسي او تأريخ السودان الحديث.يقول الدكتور حمد"وثب الجيش الى السلطة للمرة الأولى بقيادة الفريق إبراهيم عبود في عام1958 اي بعد عامين من استقلال السودان ،وقد كان الفريق عبود هو القائد العام آنذاك غير ان الجيش في تلك المرة الاولى لم يبادر بالانقلاب من تلقاء نفسه ،وإنما تسلم السلطة بدعوة من رئيس وزراء حكومة حزب الامة آنذاك وهو السيد عبدالله خليل ،جرى ذلك لأن حزب الامة شعر بأن هناك ترتيبا مصريا ﻹسقاط حكومته عبر جر 
حزب الشعب الديموقراطي شريك حزب الامة في التحالف الحاكم ،وهو حزب واقع تحت التأثير المصري لكي يتحالف مع  الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يحتل مقاعد المعارضة في البرلمان السوداني"
اولا: حزب الأمة لاعلاقة له بتسليم الراحل عبدالله خليل ،السلطة للفريق عبود ،وكل كتب التاريخ السياسي السوداني تقول بأن خليل ،قد بادر الى تسليم الجيش مقاليد الحكم لان حزبه قرر تغييره،وان الامر لاعلاقة له من قريب او قريب جدا  بعودة الوطني الاتحادي الى الشعب الديمقراطي .ولكن من الممكن جدا تشابه بقر التاريخ على الدكتور (حمد )وهو ينظر إلى وحدة الوطني والشعب واندماجهما في العام1967 وان هذه الوحدة قد اخافت دوائر محددة في الساحة الدولية وكانت مايو 1969 ،الانقلاب الفاشستي الذي ساهم في تكسير وتهديم وتصحير الدولة السودانية وظل حزب الراحل محمود محمد طه مساندا له في كل خطواته بمافي ذلك قانون(الطمأنينة العام) حتى جاءت قوانين سبتمبر 1983م
ثانيا: إذا استخدمنا القياس الفاسد تاريخيا ،واجتماعيا، وثقافيا وحضاريا ف،ي قراءة الدكتور النور حمد  لعلاقة حزب الشعب الديمقراطي بالاشقاء في شمال الوادي،إذ يقول: وهو حزب واقع تحت التأثير المصري.وبمثل هذا القياس والتاويل والدس تحت الحروف يمكننا ان نقول وبتوقت تلك المرحلة التاريخية..ان دعوة الاعتراف بأسرائيل والتطبيع معها التي اطلقها محمود محمد طه رئيس  الحزب الجمهوري (واقع تحت التأثير الاسرائيلي والفكر الاستعماري الصهيوني.) يقول الراحل (خضر حمد) في كتابه(مذكرات خضر حمد--الحركة الوطنية السودانية الاستقلال ومابعده" تصريح مستر خليل للمستر ماكس المندوب الخاص لجريدة الفيجارو وهو الآن بالخرطوم-- وقال لي عبدالله خليل إن انقلابا كان نظيفا وقام به السودانيون دون أي تدخل خارجي أو تأثير خارجي وقال إن الانقلاب قد خطط له منذ ثلاث شهور وقد كنت على علم بذلك ولمح إلى أنه كان يستشار"--مذكرات خضر حمد.ص328.وفي ص329،النص باللغة الإنجليزية--الناشر مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي  2013م..


-نواصل..