زمن الديم

زمن الديم سلام الملك فاروق عامر محمد أحمد حسين لم يكن رمضان زايد فناناً عادياً, أو صاحب صوت جميل يطربك وتنساه, فقد كان نجماً اجتماعياً يحبه الصغير ويحترمه الكبير, ساحات الديوم رياضية وفنية تشهد له بالفن والروح الجميل

زمن الديم

زمن الديم
سلام الملك فاروق
عامر محمد أحمد حسين

 


لم يكن رمضان زايد فناناً عادياً, أو صاحب صوت جميل يطربك وتنساه, فقد كان نجماً اجتماعياً يحبه الصغير ويحترمه الكبير, ساحات الديوم رياضية وفنية تشهد له بالفن والروح الجميل, الشارع كله يسلِّم عليه, ويبتسم له, دعابته ونُكَتُه تتناقلها الألسن وتضحك له وترددها.. خرجنا مبكراً وصديقي التجاني صدِّيق رفيق الطفولة والصبا.. كان البكور المدرسي قبل تأسيس الأساطير المؤسسة الإنقاذية "للبكور" جميلاً ووديعاً, والشوارع مبتسمة والمواصلات على "قلتها" ترى كل الوجوه مألوفة.. والناس "نظاف" ملبساً وقلباً.. وبكورنا غير هيابين له, فقد حملنا "كراريسنا" وأقلامنا وارتوينا بأحاديث الصباح الإذاعية "مفكرة الصباح وصوت نايلة ميرغني العمرابي"، المشوار غير بعيد والناس أقارب وأحباب وجيران.. همس التجاني في حركة غير عادية, قالها ببراءة "الناس جارية جري" لم نسأل الناس عن هرولتهم, والديوم الشرقية بكل الأحياء المكونة لقطاعها الشرقي تشرق بالجمال والوداعة, والنفس الراضية برزقها وقدرها.. هناك بؤر "تعب" معزولة وقوميات مختلفة ولكن الكل أهل وأحباب, إلا من أبى, فإن الروح "الديامية" الشهمة والأبية, روح الإلفة والحارة, تضع كل خارج عن السياق في سياقه.. صباح المدرسة مثل كل يوم, والفصل ممتلئ, والأستاذ يدخل ويخرج كأنه على وعد بحصول شيء ما.. والسؤال الهامس لماذا لم تبدأ "الحصة" أو ماذا هناك؟.. أحد الزملاء ولقبه "شبرة" و"الشبرة" معناها اللغوي الحِشَري والاصطلاحي "الذي يدخل أنفه فيما لا يعنيه" كانت الألقاب لا تأخذ ألقابها من أغنيات "حرامي القلوب تلَّب" ولا من أغاني تحريك الأرجل دون العقول أو بلغة اليوم "رقصة القرد ونطيط الأرانب" الهمس أضحى جهراً وأصبح مذاعاً ومتلفزاً على هواء الفصل المباشر.. قال "شبرة" ولم أقل "إنتو ما عارفين رمضان زايد ما مات" يأتي الاسم قريباً ثم يبتعد, أسمع أغانيه ثم تختفي, قال "شبرة" والذي لا يهمه في الخبر سوى "إشاعته" مات رمضان زايد صاحب الصوت والحضور, انطوت صفحة وحدة شمالية وجنوبية مبكراً, قبل أن يطوي العلم والمائة سنة وحدة.. غاب نجم الديوم وأفل, مر اليوم اعتيادياً وليس فيه غير اسم الراحل, قال من شهد جنازته, بللت الدموع أناقة حسن عطية وشلوخ علي ميرغني عازف الكمان وتساقطت مطراً مدراراً على بدلة أحمد المصطفى الذي ما لبث بعده أن دخل في غيبوبته حتى رحل.. في ذلك العام والعام عام جوع كما يقول الراحل السياب, رحل عبدالعزيز داؤود وصالح الضي، ورحل مؤسس فرقة جاز الديوم عمر عبده, وماتت معه فرقته وبعض أفرادها.. كان ذلك العام من أعوام المآسى التي لا تتكرر فقد رحل نجوم أقل ما يقال عنهم بلغة النقد الفني "فنانو مسرح" وفنان المسرح يسقط بينه والجمهور "حائط الرابع" ويصبح الغناء سجالاً بين الفنان وجمهوره وللراحل رمضان زايد لازمة غنائية يرددها كثيراً "خليك مع الزمن ده وقته" وفي لحظات التجلي "سلام الملك فاروق يعيش الملك فاروق" مات الملك فاروق ولم يخلفه أحمد فؤاد ولي العهد, ومات رمضان وأبوداؤود وعمر عبده ولم يخلفهم أحد على عرش قلوب الناس.. لهم الرحمة وتلك الأيام..