الناقد الدكتور مصطفي الصاوي

الناقد الدكتور مصطفي الصاوي الواقع أكثر ضراوة وعنفا وغموضا من المتخيل . حوار :محمد نجيب محمد علي يعد الدكتور مصطفي الصاوي أحد أبرز وجوه النقد والكتابة النقدية في السودان

الناقد الدكتور مصطفي الصاوي

الناقد الدكتور مصطفي الصاوي


الواقع أكثر ضراوة وعنفا وغموضا من المتخيل .


حوار :محمد نجيب محمد علي

 


يعد الدكتور مصطفي الصاوي أحد أبرز وجوه النقد والكتابة النقدية في السودان ، وله إسهامات في السيرة الذاتية ، إذإرتبط بها أكاديميا كدراسة للدكتوراة ،وإرتبط بها ثقافيا في المنتديات والإذاعة السودانية . وللدكتور مصطفي  إسهامات في الكتابة النقدية عن الرواية والشعر والقصة ، كما ينشط كمسئول عن حركة النشر في مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأمدرمان بجانب أنه أستاذ جامعي للأدب في الجامعات السودانية . التقيته في حوار شمل العديد من المحاور

 


(*) تثير قضية إدراج السيرة الذاتية ضمن الجنس الروائي الكثير من الأسئلة ، هنالك من يري أن كتابة السيرة الذاتية تراجع عن المكتسبات الفنية للرواية ومن يري خلاف ذلك ؟

ليس هنالك شكل جوهري للرواية ، فعلي مدي تطوراتها شهدت أشكالا مختلفة وتداخلات ، فالسيرة الذاتية أو رواية السيرة الذاتية يتداخل المتخيل والواقعي فيها ،ولا أعتقد أن هنالك أي تراجع فني يصيب الرواية بإدراج الذات فيها طالما كان الكاتب متمكنا ولديه القدرة الكافية علي التمييز بين الواقعي والمتخيل . وأكثر السير الذاتية صدقا وبوحا ومعالجة للحوادث لابد لها من بعض التخيل فأنت لا تستطيع أن تعيد إنتاج الحياة كما عشتها بل تنقل أصداء الماضي

(*) إقتران الكتابة الجديدة بالمسكوت عنه هل لإرتباطها  بمدرسة  ما بعد الحداثة أم لتأثير الواقع الإجتماعي السائد في الوطن العربي ؟

الفن الروائي في أعظم نماذجه ليس سياحة مع التيار بل سياحة عكس التيار وصولا إلي إكتشاف دخيلة الذات ، والمتغيرات الإجتماعية الحادة التي تمور بنا ، وفي السابق كان الروائي يحتاج إلي معايشة ورصد للواقع وتخيل ، أما الآن فقد صار الواقع أكثر ضراوة وعنفا وغموضا من المتخيل . ألا ينبغي للكاتب أن يتوغل عميقا في الإمساك باللحظات التي هربنا منها طويلا .

 


(*) وكيف تنظر إلي دور الرقابة في محاصرة المسكوت عنه ؟
الرقابة التي لم تستسغ مثل هذا لا تري أبعد من أنفها وما  حجبته بالأمس متداول اليوم  في الفضاء الواسع ..ومن الطبيعي أن يميل الكتاب إلي رفع اللسان عن المسكوت عنه وتبيانه ، والمسكوت عنه ليس فقط في أدب الشباب وإن بدا كظاهرة الآن ولكن جذوره في السودان تجلت عند علي المك وشوقي بدري والزين بانقا

(*)الكثير من المبدعين والمثقفين السودانيين دخلوا السياسة من باب الإبداع  في الحكومات المتعاقبة أمثال محمد أحمد محجوب ، منصور خالد ، مبارك زروق ، محي الدين صابر وغيرهم والبعض اليوم يطالب بمسافة ما بين المبدع والسياسي . كيف تقرأ ذلك ؟

فلنتساءل هل يمكن التماهي بين السلطة والمثقف ؟ الإجابة علي هذا السؤال واضحة ، مسافات طويلة وممتدة تفصل بينهما . المثقف الحقيقي تنويري ومستقبلي والسلطوي آني ولا يري أبعد من أرنبة  أنفه ، والكاتب الحقيقي إذا تماهي مع السلطة أو برر لها أو تحول إلي بوق دعائي يبتعد كثيرا عن مفهوم الفن الرفيع ليغدو مزمرا في آلة إعلامية ضخمة وحقا السياسة السودانية إختطفت القدر الكبير من المفكرين في بداية عصر النهضة السودانية وعلينا أن نتمهل قليلا وأن نقر بتراجع دور المثقف التنويري

(*) كيف تنظر إلي السيرة الذاتية السودانية بالنسبة للسيرة العربية ؟

السيرة الذاتية في السودان لا تقل في حيائها عن السيرة العربية لعدة أسباب ، إذ ليس لدينا القدرة العالية علي الإعتراف بالأخطاء ولا أقول الذنوب ،أضف إلي ذلك أننا نحاول أن نصنع لأنفسنا صورة مغايرة عن الأصل قيامها الإدعاء وهذا لا يتناسب مع مفهوم الصدق في السيرة الذاتية ، السيرة العربية بالرغم من كثرتها وتعددها يقل فيها كثيرا عنصر البوح والمكاشفة .وفي السودان أغلب من كتبوا آثروا الهروب إلي صيغة المذكرات التي تعني بالمجتمعي أكثر من الذاتي ، وتعني بحراك المجتمع أكثر من حراك الفرد وهي ذاتها وقعت في وهدة الذات للتبرير وإدعاء البطولة الزائفة والصمت عن الحقائق . وثمة غياب كامل للسيرة النسوية في السودان

 

 

(*) هنالك من يري أن السيرة الغيرية أقرب إلي الرواية .. هل تتقف ؟

السيرة الغيرية أقرب إلي التاريخ ، فطالما أردت أن تكتب عن شخص وتوثق له علي مدي مراحل حياته وإنجازاته فإنك مطالب بالدقة التاريخية أكثر من التخيل . وفي السودان إنتشار واسع وكبير للسيرة الغيرية وهي أكثر قربا إلي علم التاريخ فقد كتب عثمان حسن أحمد عن إبراهيم أحمد وكتبت فدوي عبد الرحمن علي طه عن والدها بين السياسة وأربجي والتعليم ويمكن الإشارة إلي كتاب عبد الماجد عليش عن منصور خالد . والسؤال في السيرة الغيرية إلي أي مدي يستطيع كاتبها أن ينفذ إلي شخصية المترجم له ويقدمها كما هي في الحياة في أفعالها واقوالها ..وأقول أننا نهرب من كتابة الذات إلي كتابة المذكرات ومن كتابة المذكرات إلي كتابة السير الغيرية .