الأستاذة عائشة موسي عضو مجلس السيادة في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي

الأستاذة عائشة موسي عضو مجلس السيادة في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي (الحلقة الثانية ) (*) كان لمحمد عبد الحي ديوان إسمه ( أجراس القمر ) يقولون أنه أحرقه نشره أيام الجامعة (**) محمد عبد الحي كان حين يكتب قصيدة يغني ويحلق لحيته ويكون سعيدا (*) القرآن الكريم وديوان المتنبي لم يفارقا محمد حتي آخر لحظات حياته

الأستاذة عائشة موسي عضو مجلس السيادة  في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي

الأستاذة عائشة موسي عضو مجلس السيادة  في حكايات جديدة عن الشاعر الراحل محمد عبد الحي

(الحلقة الثانية  )  

 

 


(*) كان لمحمد عبد الحي ديوان إسمه ( أجراس القمر ) يقولون أنه أحرقه نشره أيام الجامعة  

(**) محمد عبد الحي كان حين يكتب قصيدة يغني ويحلق لحيته ويكون سعيدا

(*) القرآن الكريم وديوان المتنبي لم يفارقا محمد حتي آخر لحظات حياته

(**) يقول البروفسير محمد المهدي بشري أن المراجع التي إستفاد منها محمد في إطروحته بلغت 1800 كتاب


(***) قلت لمحمد بعد ان طلبني من أخي الرجال السودانيين متخلفين دايما في مسائل الزواج وكان محمد يضحك


حوار : محمد نجيب محمد على _عامر محمد أحمد حسين

 

 


كان جل حرصنا أنا وعامر أن نخرج من حديثنا مع عائشة موسي بكل ما لا نعرفه عن تفاصيل حياة الشاعر الراحل محمد عبد الحي ، قصتهما وتفاصيل أيامهما ، وكيف يكتب محمد ، ويومياته منذ لقائهما فى فى محطة سكة حديد بمدينة ليدز شما انجلترا ، وحتى تفاصيل الأنفاس الأخيرة للشاعر الكاتب الكبير فى مستشفى سوبا بالخرطوم . . وهى رحلة عميقة بأبعادها الإنسانية والفكرية . إذ أن عائشة لم تكن مجرد زوجة له إنما كانت الحبيبة والرفيقة والمبدعة التي تحتفى برؤيتها وثقافتها وإيمانها بمعني الحياة . فقد قالت في الحلقة الأولي ( أنا محظوظة لأني إبنة موسى السعيد وزوجة محمد عب دالحي ) ..ودون شك أن حياة المبدعين وتفاصيلها خير من يوثق لها ويكتبها هي الزوجة ، خاصة الزوجة المثقفة المبدعة ، ويمكن أن نري ذلك مثلا فيما كتبته عبلة الرويني وتفاصيل حياة أمل دنقل ، وغيرهما الكثيرات . ولا نري أن ما تقوله وترويه عائشة السعيد عن محمد عبد الحي يمكن أن يقوله آخر فهي وحدها التي عاشت كل يومياته بتفاصيلها .
وفي هذه الحلقة الثانية نواصل ما إبتدرناه فى الحلقة الأولي عن تفاصيل حياة محمد كما كانت وعن رؤية عائشة للتفاصيل واسرارها

 

حكاية زواج محمد وعائشة

حينما وقعت عائشة موسي في قلب وفكر محمد عبد الحي لم يبح لها بشيء إنما إختار شكلا آخر ليعبر به ( كانت الفة اليوم تجمعهما إن إحتاج محمد لكتاب يكلف عائشة أن تحضره له ) ولم تكن عائشة تعرف أن محمد شاعر إلا من إحتفالية أقيمت لأحد أعياد أكتوبر .. وهي بين مقاعد المتفرجين تفاجأت بتقديم الشاعر محمد عيد الحي في قصيدة بعنوان ( عريس المجد )و سبق أن نشرت هذه القصيدة في مجلة المرأة التي تشارك في تحريرها ولم تكن تدري أن محمد هو شاعرها .. قالت لنفسها حينها ( الله .. ده .. هو محمد شاعر ( عريس المجد) .. قالت عائشة : ( يبدو أن محمد من الاول كان ( منفوخ  شوية قايلني عارفاه شاعر ) .. وانا أبي رباني علي الشعر المقفي .. وليس ما يكتبه محمد ورفقاؤه .. أذكر في تلك الاحتفالية أن الراحل عبد المجيد حاج الأمين قرأ قصيدة عصماء نالت تصفيق الجمهور .. ومن بعده قرأ محمد قصيدة ( مقاطع صغيرة ) أنا أعجبتني ولكن الجمهور لم ينفعل بها .. وعلقت لمحمد سألته عن عدم إهتمام الناس بما قرأه ، قال لي محمد : الناس ما بتعرف الشعر الذي دا ...وهذه المسألة للأمانة لم تسبب لمحمد أزمة أو قلق ..وقلت له : أنت قرأت شيئا مختلفا شيئا مميزا .. وكان لمحمد ديوان إسمه (إجراس القمر  ) فيما علمت من أصدقائه .. نشره في أيام الجامعة .. وللأسف أنا لا أمتلك نسخة منه .. هنالك من قالوا أن محمد أحرق هذا الديوان .. ولكنه لم يعترف لي بذلك وقد ذكر لي مرة أن هذا الديوان نوع من الشعر الذي تجاوزته ..

 


وعن حكاية زواجنا في مرة إتصل بي أخي من أمدرمان وسألني : في واحد معاكم إسمو محمد عبد الحي ؟ قلت له أجل ولكنه غير موجود معي الان ( ظننته يريد أن يكلمه ) قال لي ( ياخ الزول ده جاب لي جواب قال لي فيه عندك أخت هنا وأنا طالب يدها للزواج ) قلت له : ( محمد عبد الحي الزول المتحضر الهنا كتب ليك كده ؟) قال لي ( أيوه ) قلت له : طيب كويس ؟ طلب مني اخي أن ارد عليه حتي يرد علي محمد فقلت له ( ياخ ما ترد ليه لحد ما اشوف الزول ده عمل كده ليه ) فضحك أخي ..وطبعا لم يكن بيني وبين محمد أي حديث في مسألة الزواج أو حوار بل بالعكس كنت أعرف كل قصصه التي كانت في الجامعه .. واخوي حسان كان بيعمل في أجزخانة الحكمة في امدرمان ..

 


في اليوم الثاني لبست وذهبت الجامعة لقسم المكتبة الذي أعرف أن محمد يكون جالسا فيه وسألت عن محمد ووجدته موجودا فناديته للخارج وقلت له : ده شنو العملتو ده يا محمد .. إنت رسلت جواب لي حسان أخوي ؟ قال لي أيوه . وقلت ليه انا معاك هنا ما تكلمني وترسل لي أخوي وصرخت فيه ( متخلفين الرجال السودانيين دايما .. ترسل لي أخوي ما تكلمني أنا ياخ .. أخوي مسئول مني أنا مسئوله من نفسي ) كان محمد ( يضحك ساكت ولم يرد علي ) ... والحق إستفزتني هذه القصة وأنا من الناشطات وفتاة متحمسة .. وطريقته لم تعجبني ويبدو لي أن محمد جرب الطرق ( التانية ) ما نفعت قال خلينا نجرب طريقة جديدة ومختلفة رسمية ) وبعد ذلك تصافينا وكنت انا في ايامي الاخيرة في ليدز وسافرت بعد هذا الكلام بحوالي شهرين  وحينها حدثت حرب الجنوب وتوفي فيها خالي الوحيد ( الشيخ محمد ابراهيم ) وكانت حدثتا مؤلما بالنسبة لنا .. وجاء محمد للعزاء وأثناء العزاء طلب يدي وتزوجنا وسافرنا عام 1968
وعشت مع محمد حتي أكمل الماجستير هناك .. ونحن قبل الزواج تزاملنا ( سنه وشويه ) وكان كل السودانيين هناك مندهشين لأننا لم نكن نشبه بعض في شخصياتنا هو ود بندر خوطوم وانا بت اقاليم ونحن والحق كشخصين لم نعان إطلاقا من ذلك ولكن عانينا علي مستوي الأسرة .. ( وبالمناسبة أنا أكبر من محمد بسنة ونصف تقريبا ) وهذه من الاشياء التي زادت درجات محمد عندي رغم ان الكثيرين يقولون لي لا تذكري ذلك علي حسب عادة المرأة السودانية .. أنا كان همي المرأة السودانية وحياتها ومحمد كان إهتمامه في حلقة الفكر والثقافة .. وكان بيننا حوار فكري يجمعنا .. وما يربطنا انني إبنة موسي السعيد أول أساتذة اللغة العربية وأول كتاب قرأته كان عن الشعر في العصر العباسي وشعراء الجاهلية وكان أبي يطالبني بقراءة الكتاب وكتابة تلخيص عنه ..

 

 

هوامش من داخل الحوار

سألت الاستاذة عائشة : من عادة المبدع السوداني دائما أنه يريد أن تكون زوجته أمه ايضا .. ماذا تقولين عن محمد وعائشة ؟
(_) ربما لو طلب مني محمد ذلك لغضبت منه .. الزوجة لا يمكن ان تكون أما ... وانا الآن لا اريد لأبنائي ان يتزوجوا من يشبهوني ابدا .. ام محمد رحمة الله عليها كانت أطيب ام .. واروع أم .. إذا فعلت أي شيء .. وحتي اذا لبست هي الاجمل

(*) هل كان محمد يفرض علي زوجته عائشة زيا بعينه ؟
(_) محمد لا يتدخل أبدا يترك لي حرية ملا بسي التي اريدها .. ولكنه كان يمكن ان يعلق علي اللون فقط مثلا لكنه لا يتدخل في ان هذا قصير او طويل أو يقول لي البسي كذا اوكذا .. محمد كان رجل جميل جدا اذا عبرت به امرأة فاح منها عطر جميل كان يعلق وأذا رأي إمرأة جميلة يعلق

 

 

(*) تري كيف كان محمد لحظة الكتابة ؟

(_) الناس تتحدث الان عن محمد الشاعر وانا كنت دائما اري محمد الكاتب والناقد والمفكر أكثر من ان اري محمد الشاعر.. محمد كان يفكر بالنهار ويقرأ نثرا أكثر من الشعر ..والكتاب الوحيد الذي كان لا يفارقه كتاب المتنبي الجزءين .. دائما يكون احدهما معه إلي أن رحل ونحن في المستشفي كان ( جنبه ) المصحف وكتب المتنبي .. حين فقد النطق في انجلترا سألتي دكتورة الكلام عن آخر ما قرأه لانه كان قد نسي بعض الاشياء قلت لها كان بجواره كتاب لشكسبير والقرآن والمتنبي فطلبت مني ان احضر هذه الكتب واضعها ( جنبه ) فاحضرتهم وكلما سألته عن أحدهم كان يجيبها به ..

(*) قلت أنك كنت تلاحظين فيه الكتابة النثرية أكثر؟
(_) اجل .. الشعر كان يكتبه دون أن نحس به نحن .. وفي الليل مثلا كنت اكتشف ان محمد لا يزال مساهرا في مكتبته والنور مضاء ..وكنت أسأل مالك مساهر ؟ كان يجيبني دقايق واجي . وفي الصباح حين كنت احضر له كنت أجد كوب الشاي لا يزال كما هو لم يشربه وقصائد بجواره .. وكان دائما حين يكتب قصيدة يصبح سعيدا جدا ويحلق لحيته بعد ان يكون لم يحلقها لثلاثة أيام .. ويغني في الحمام وصوته كان أجش وغير جميل وهذا يعني ان هناك مولود جديد هو قصيدة ..
وانا حين يحتفي به الناس كشاعر أحس ان هناك جزء آخر عن محمد الناس لم تعرفه بعد وهذا ما دفعني لان أهتم بترجمة رسالة الدكتوراة .. واذكر ان البروفسير محمد المهدي بشري قال أن المراجع التي عاد لها محمد في اطروحته 1800 كتاب .. محمد سافر كل انحاء بريطانيا بحثا في مكتباتها وهويعد هذه الرسالة ، ذهب الي بيروت ومصر والمغرب من أجل كتاب