سرقة سياج مقبرة الشاعر التجاني يوسف بشير
سرقة سياج مقبرة الشاعر التجاني يوسف بشير محمد نجيب محمد علي صديق مجتبي : أول سرقة مقابر في السودان حدثت لمقبرة الملكة أماني شيختو في البجراوية واللص كان طبيبا إيطاليا
سرقة سياج مقبرة الشاعر التجاني يوسف بشير
محمد نجيب محمد علي
صديق مجتبي : أول سرقة مقابر في السودان حدثت لمقبرة الملكة أماني شيختو في البجراوية واللص كان طبيبا إيطاليا
بكري بشير : تم تشييد سور مقبرة التجاني عام 1967 من قبل رابطة شباب بيت المال في ذكراه الأربعين
محي الدين محمد علي : في مقابرنا تمرح الأغنام والكلاب الضالة واللصوص .. وما حدث في مقبرة التجاني ليس له بعد ديني أو كراهية للتجاني
عبد القادر الكتيابي : الذين يقومون بهذا الفعل المخالف للفطرة السوية ليست لهم معرفة بثقافة الموت
حين رحل الشاعر التجاني يوسف بشير لم يكن عمره قد تجاوز الخامسة والعشرين "1912- 1937" وبقيت سيرته كأحد أعظم الشعراء الذين أنجبهم السودان .. وأضاء بإبداعاته كل الآفاق العربية ولا يزال ـرغم إنه في السودان لا يذكر إلا لماما .. وهو من العباقرة الذين قل أن يجود بهم الزمان .. وكأن التجاني كان ينظر إلي نفسه قبل رحيله من داخل قبره وقد سجل حدسه الشعري في مقطع رائع في قصيدته " الأدب الضائع " يقول فيه :
أنا إن مت فالتمسني في شعري
تجدني مدثرا برقاعه
وفي يميني يراع نابغة الفصحى
وكل امرئ رهين يراعه
وعلى هامتي أكاليل سحبان
وفي شرتي أداة مصاعه
وعلى مضجعي نثار من السوسن
غض مقدس برفاعه
وقد تعرض قبر التجاني والذي توسده جثمانه في مقابر البكري بأمدرمان إلي سرقة السياج الذي كان يميزه منذ االعام 1967 والذي شيد في ذكري رحيله الأربعين وجاء إكتشاف أمر السرقة في أثناء زيارة للقبر تعود عليها أبناء الأسرة في ذكري أحبائهم ..
الاستاذ صديق مجتبي
قصة السياج :
يقول الأستاذ أبوبكر بشير أن عمل السور قامت به رابطة شباب بيت المال في عام 67 تخليدا لذكري الشاعر الكبير في موكب مهيب شهد شهد حضوره الكثير من المبدعين والقيت فيه الخطب التي تمجد سيرة الشاعر .. وكنت من بين حضور ذلك الإحتفال ..وقد إكتشفنا سرقة السياج مصادفة في زيارة لنا وبحثنا عنه في طول المقابر وعرضها ولم نجده . ويضيف ابوبكر أن المقبرة وضع عليها شاهدان كتب في أحدهما " بسم الله .. المرحوم الأستاذ الأديب الشاعر الفذ التجاني يوسف بشير عليه الرحمة والمغفرة " وكتب علي الشاهد الثاني " ينابيع حب وجمال وصفاء وطهر إحساس .. وواقع يحيا في كيان البشرية . تخلده رابطة شباب بيت المال للتاريخ للبقاء لمواكب الحب والخلود "ويذكر أبوبكر في حديثه أن التكريم الأول الذي أقيم عام 1962بالمسرح القومي من قبل جماعة الأدب السوداني برئاسة الشاعر الراحل عبد الله الشيخ البشير وسكرتيرها علي عبد الله يعقوب وتم هذا الإحتفال برعاية من طلعت فريد وزير الإعلام آنذاك ..ويشير ابوبكر إلي أن ذاك الإحتفال شهد تلحين وتقديم عدد من الأغنيات من أشعار التجاني هي زهي الحسن التي لحنها وقدمها الفنان سيد خليفة ،وقصيدة جمال وقلوب التي لحنها برعي محمد دفع الله وقدمتها المجموعة وقصيدة الناي المسحور للتاج مصطفي ويتساءل ابوبكر عن سر غياب هذه الأغنيات عن أجهزة الإعلام ؟
الاستاذ عبد القادر الكتيابي
معالم مقابر الأدباء
يقول الشاعر والكاتب محي الدين محمد علي في إفادته حول ما حدث لقبر التجاني " لاأعتقد أن ماحدث يتصل بكراهية للتجاني أو بعد ديني ، وهي سرقة عادية للسور المصنوع من السيخ القديم وله قيمة لا توجد الآن في السوق وقد حدث ذلك لقبر والدي في مقابر احمد شرفي وكان مسورا بنوع من السيخ القديم ايضا تم قطعه بمنشار وسرقته .. ونحن نري ان الكثير من الادباء والشعراء والمبدعين منشورة قبورهم في مقابر عديدة ولا احد يهتم بهذه المقابر أو حاول توضيحها كمعلم للزيارة للباحثين وهؤلاء العباقرة فمثلا مقبرة وردي تنام عليها الأغنام وفي مقابر البنداري حيث مقبرة حميد وتاج السر الحسن وغيرهم نجدها تعج بالكلاب الضالة " ويضيف محي الدين لابد من بناء من الحجر يحدد مقابر المبدعين وتكون هناك كتابة عن سيرة الراحل تفيد الدارسين والزوار من الأدباء ويقول محي الدين في سخريته اللاذعة في ذات مرة كنت أمر بمقبرة في امبدة وجدت لافتة علي بابها مكتوب عليها " مقابر امبدة النموذجية " نموذجية في ماذل لا أدري .ومن جهة أخري يقول الأستاذ صديق مجتبي الأمين العام لمجمع اللغة العربية والشاعر والكاتب في افادته حول الحادث " لعل هذا الأمر ليس جديدا علي السودان وعلي مناطق أخري في العالم أن يتم الإعتداء علي المقابر بغرض البحث عن الثروة وقد حدث إبان غزوة محمد علي باشا للسودان أن إعتدي أحد الإيطاليين وكان طبيبا علي هرم الملكة أماني شيخيتو في البجراوية وقام بسرقة كل الذهب الموجود في المقبرة لأنه كان علي علم بأن هذا الهرم به كنز من الذهب وأخذه لأوروبا واشتراه الألما ن ووضعوه في متحف في المانيا
الاستاذ محي الدين محمد علي
ونفهم أن هذه الظاهرة هي ظاهرة البحث عن الكنوز العظيمة المطمورة داخل مقابر عظماء الحضارات العريقة ، وظلت هذه الوتيرة مستمرة في عصرنا الحاضر قد تعجب لصوص يسرقون مقابر بدون تمييز ومن ضمن هذه المقابر المعتدي عليها مقبرة الشاعر الكبير التجاني يوسف بشير واذكر إلي عهد قريب كانت هنالك بعض الأزاهير التي جفت علي قبر الشاعر ظلت عالقة بالسور ويتساءل الأستاذ مجتبي إلي متي تظل قبور عظمائنا هكذا بلا رقيب دون أن يعتني بها فمثلا محمد احمد محجوب مقبرته مهدمة ومقبرة الأزهري ليس بها تكريم . ونحن لا نقصد من هذا طوطمت القبور وجعلها أوثان ولكن نريد أن نجعلها مزارات وشواهد للتاريخ بأن بلادنا كانت زاخرة بمثل هؤلاء المبدعين والعباقرة ومن جهة أخري يذهب الشاعر عبد المنعم الكتيابي إلي القول بأن سرقة السياج تعود إلي جهة بعينها تلك التي تلمح إلي تكفير التجاني يوسف بشير ويري أن هنالك إهمالا كبيرا يسعي لطمس كل سيرة للتجاني وابداعه ويتساءل عن السبب في تقليص الدراسات النقدية التي كانت في مناهج التعليم حول قصائد للتجاني مثل قصيدة المعهد العلمي وقال أن هذا التقليص شمل كل الأدب السوداني وليس شعر التجاني فقط وذكر عبد المنعم في إفادته لألوان إلي أن الإهمال لحق حتي بحديقة التجاني يوسف بشير التي سميت لتخليد ذكراه واضاف كان هناك مقترحا بإطلاق إسم التجاني يوسف بشير علي شارع النيل بأمدرمان ولكن هذا الإقتراح لم يجاز .. لماذا .. لا احد يدري ..
ثقافة الموت
يقول الشاعر عبد القادر الكتيابي في إفادته حقيقة لم أندهش لخبر سرقة هذا السور و غيره من أسوار و شواهد القبور - و لا أستبعد و الحال هذه أن نقرأ قريبا عن سرقة الاكفان و أعضاء حديثي الولادة و حديثي الموت - فالأوضاع المتردية اليوم في كافة مقومات الحياة تنذر بمثل ذلك .
إن الذين يقومون بهذا الفعل المخالف للفطرة السوية بالطبع ليست لهم معرفة بثقافة الموت و هذا ما يؤكد أنهم قد قدموا إلى مجتمعنا السوداني نازحين سواءا بجهودهم الفردية أم مقابل بصفقات تجارية بين المنظمات و الشركات العالمية المشبوهة التي تستثمر في تجارة البشر سواء لصالح دول تريد التخلص من المشردين و الأشرار أم لاستراتيجيات تخريبية أخرى.
لقد قمت قبل سنوات بمحاولة استبيان ميداني جزئي لبعض المتسولين الزاحفين و ذوي العاهات الموزعين في شارع الحرية و قرب مستشفى الأسنان بغرض الحصول على معلومات منهم عن جذورهم فكانت طريقة تمنعهم واحدة منظمة ثم تحدثت مع الأستاذ هاشم هارون و كان وقتها وزيرا للشؤون الاجتماعية بولاية الخرطوم و ناقشت معه المفارقة الكبرى في وجود مئات اللوافت التي تتحدث عن معاقين و دور عجز و إيواء و رعاية طفولة و امومة و المرأة النازحة و ما إلى ذلك من منظمات اجنبية و محلية و مؤسسات رسمية و شركات و دورها تجاه هذه المشاهد و ما يضخ فيها من أموال و فهمت في ما بعد أن اية إجراء يتخذ تجاههم في هذه الأجواء السياسية الإقليمية و المحلية قابل أن يستغل إعلاميا لتكريس شبهات التصفيات العرقية و غيرها - و لعلك تعلم و يعلم القراء أن هناك عوالم زاخرة تحت أغطية المجاري الثقيلة في شوارع أم درمان تعيش و تعشش فيها كائنات بشرية تتوالد و تتعاطى الأمر لا يحتاج خرائط توضيحية لمواضعها .
و ستجد الكثير من ذلك في محاضر الشرطة و ما يتناقله الناس من أخبار يومية عن ظاهرة سرقة أغطية المينهولات و كافة الأغطية الحديدية القابلة للبيع في أسواق المسروقات حديدا كانت أم خشبا أم مصبوبات خرسانية و لا يستبعد أن يصل الأمر إلى أسلاك الكهرباء و إشارات المرور و منابر المساجد .
اقوال حارس المقبرة
ومن جهة أخري قال محمد ادم حارس مقابر البكري وفق ماذكر أنه لم تقع حادثة التعدي علي مقبرة التجاني يوسف بشير ولم يسمع بها وأضاف أنه من أقدم حراس المقابر وله في العمل 22 عاما ومنذ قدومه وحتي الآن كانت المقبرة علي هيئتها الحالية ونفي وجود اي سياج أو سور علي المقبرة ..ويطرح السؤال نفسة عن ما هي المهام التي توكل لحراس المقابر ؟ ولماذا لا تكون هنالك علامات تشي بساكن المقبرة خاصة إذا كان من المبدعين ومن تاريخ الوطن .. خاصة وان هذه المقابر تكون مرافيء لزيارات مبدعين من مختلف انحاء العالم لذكري الراحل وخير شاهد علي ذلك الزيارات التي تمت لقبر الراحل الطيب صالح من كبار ادباء العالم أخرها زيارة الروائي واسيني الأعرج الذي شارك في فعاليات جائزة الطيب صالح قبل سنوات قليلة وكل الصوروالتي حصلت عليها من الاستاذ ابوبكر البشر تحكي عن حقيقة وجود السياج منذ العام 1967 . .. والذي سرق من المقبرة قبل أعوام قليلة وفق إفادة أكثر من شاهد ..ويبقي السؤال من الذي سرق سياج مقبرة الشاعر التجاني يوسف بشير .. وما اسباب سرقة سياج اسوار القبور ؟