كورونا الشعر

كورونا الشعر سونيا فرجاني.. تونس  أعاني كورونا الشعر منذ أكثر من عام وكنت أعتقد أن الوضع كارثيّ. لا أكتب ،لا رغبة لي في القراءة،لا أستطيع أن أداوم الجلوس في مكتبي،أشعر بتثاقل حين أفرض على نفسي فتح دفاتري وملفّاتي سواء الورقية أو تلك  التي على ضفة الحاسوب. شعور بالموت البطيء بائس. استمرّ طويلا،وهو مستمرّ،

كورونا الشعر

كورونا الشعر

سونيا فرجاني.. تونس 


أعاني كورونا الشعر منذ أكثر من عام وكنت أعتقد أن الوضع كارثيّ.
لا أكتب ،لا رغبة لي في القراءة،لا أستطيع أن أداوم الجلوس في مكتبي،أشعر بتثاقل حين أفرض على نفسي فتح دفاتري وملفّاتي سواء الورقية أو تلك  التي على ضفة الحاسوب.
شعور بالموت البطيء بائس.
استمرّ طويلا،وهو مستمرّ،
حتى النص الذي كتبته بعد قحولة عام ،أعرف أنه شعر مختلّ.شعر مريض.
أقرأ  تعليقاتكم وتوقيعاتكم وتفاعلاتكم ،فأشفق على نفسي ،أنا أعرف أنكم تريدون حمايتي من أعراض كورونا الشعر ،أو لعلكم ترهبون من العدوى فتسمون ما أكتبه نصا باذخا كي لا يتشوّه العالم بنسخ تشبهه وتسمى العدوى انتشار الشعر الجميل.
ما كتبته منذ أشهر وقبل يومين ،ليس شعرا،
هو ما شوّهتني به كورونا الشعر ،بعد أن امتصت عروقي العميقة فيه وسحبتها نحو فم يُصفِّر ،لكن لا أعرف  أين هذا الفم أو في أي كائن.
هل توجد أفواه فقط على الوجوه أم يمكن أن يكون مثلا للكورونا أفواه كثيرة وبأحجام وأشكال شديدة الإعوجاج تتناطر على كل شيء فيصبح حتى لقفازة الميكانيكي فم؟
أمس كنت عند العجّال،
كان يصلح ثقبا بالعجلة اليسرى الأمامية لسيارتي التي بدأت تشيخ.
كانت قفازاته بأفواه كثيرة ،وسمعت لها أصواتا متداخلة ومتناحرة ،قفز أحدها على مقود سيارتي وتسمّر،
يشبه هذا الفم شكل كورونا التي يتحدث عنها العالم منذ شهرين،
كورونا التي شاهدتها في فيلم امريكي سخيف لا أعرف عنوانه لأني كنت بكل بساطة مضطرة لمشاهدته ذات سبت بعيد على قناة عربية بحكم أن الأسرة تجتمع في قاعة الجلوس لمتابعة الأفلام والبرامج المتشابهة .
في ذلك الفيلم ،أصيبت سيدة بمرض خطير أصل تركيبته خفاش ترك فضلاته قرب خنزير فأكلها الخنزير والمرأة أكلت لحم ذلك الخنزير في سهرة في آسيا،وحين عادت لوطنها كانت علامات المرض تتزايد ،وانتشر مرضها في العالم وحصلت الطامة ودخل العالم حالة تصفية .
فم الكورونا تسيبس على المقود.
ثقبته بالمسمار الذي أخرجه العجّال  من العجلة اليمنى ،
ربما مات.
كأنني أرى العالم مسامير تنقر أفواه كورونا المستجدة ،أو المستحدثة.
كورونا الشعر أقل خطورة ،وإني على قلق لأن القصائد تهجرني،
لاتصدّقوا  أني شاعرة ،أو لا تجعلوني أصدّق ذلك،
أنا لم أعد أصلح للكتابة ،وهذا القحط يحزني، ويخجلني .
ركاكتي في الكتابة تتزايد وأنا بطمّ طميمي أشبه مسمارا صدئا إعوجّ، لا يصلح لتثبيت شيء.
لعل أمريكا صنعت فيلمها السخيف ذلك لتهدد العالم كما فعلت قبل انفجارات وولستريت ،بانتاج فيلم يصور سقوط المبنيين بفعل اختراق طاىرتين،وهو ما كان بعد سنوات وهو ما يكون ايضا الان بعد فيلم الوباء.
تصنع هوليود أفلامها السخيفة لتهدد العالم،وتهددني كورونا الشعر ،
لابد من قصيدة تنقذني،
لكن الشعر لم يعد يحبني،
المعضلة هي نقص منسوب الحب في هذا العالم الموبوء.