أكتب الشعر لأبقى يقظا تجاه فداحة الحياة

 أكتب الشعر لأبقى يقظا تجاه فداحة الحياة الشاعر الجزائري محمد قسط: كتبه: ناصر باكرية هار با من صحراء المعنى إلى وعثاء اللغة وكآبة المجاز، يرسم نوتات تكاد تضيء إذا مسها الشعر، يراقص الموت موجا ويقتنص "اسماك اللغة" دون أن يسقط في العادي، أو أن يتخلى عن اندهاش وذهول الطفل فيه،  ينسج الشاعر الجزائري محمد قسط عوالم مفعمة بالصور والأخيلة المضيئة،بلغة شفافة كماكينة لتوليد المجاز  من الأشياء العادية ومن اللاشيء أحيانا .

 أكتب الشعر لأبقى يقظا تجاه فداحة الحياة

 أكتب الشعر لأبقى يقظا تجاه فداحة الحياة

الشاعر الجزائري محمد قسط:

كتبه: ناصر باكرية

هار با من صحراء المعنى إلى وعثاء اللغة وكآبة المجاز، يرسم نوتات تكاد تضيء إذا مسها الشعر، يراقص الموت موجا ويقتنص "اسماك اللغة" دون أن يسقط في العادي، أو أن يتخلى عن اندهاش وذهول الطفل فيه،  ينسج الشاعر الجزائري محمد قسط عوالم مفعمة بالصور والأخيلة المضيئة،بلغة شفافة كماكينة لتوليد المجاز  من الأشياء العادية ومن اللاشيء أحيانا .
تسأله ما أهمّية الشعر؟  يجيبك باسترسال العارف "إذا أجبنا على هذا الإشكال،فهمنا الشعر أفضل.هذا الكائن القلق العصيّ على الحصر في ايطار مفاهيمي نهائي.هلاميّ التعريف،و قيمته في عدم ترويضه في جملة أو فقرة طويلة.الجميل في الأمر أنه يحق لكلّ كاتب/شاعر أن يمتلك نسخته الخاصة من الشعر أو مفهومه،شخصيّا اعتقد أنه إعادة أنتاج للكون،واختراع جديد للإنسان،بكل مزاجيته و تمرّده عن القوانين التي نقيّد حرّيته في صناعة حياته بيده،هذا السؤال المهمّ يجب أن يتجاوز الأنساق والسياقات،حتى نضمن ديمومة الشعر،فالتراكمات منذ أول قصيدة إنسانية،إلى الآن،جعلت الشعر أقوى،حاليا هو في أقصى نضج له.يتربّى مع كل تجربة جديدة،يتورط فيها الشاعر،والأزمة التي وقع فيها الشعر العربي في أزمنة محددة،هو وضعه في تعريف محدد،وسجنه ضمن منظومة نقدية متحجرة تاريخانية،جعلته يعلق في دوامة زمنية،انحدرا به إلى الخلف،ولم يتخلّص منها،إلا بعدما تخلّص من الاقمصة البالية التي ألبست له،تحت طائلة المحافظة على التراث،و تخلّصه من متلازمة البلاط.
وحين تحاول حصره في زاوية أضيق من المجاز وتصوغ سؤالك بطريقة أخرى لماذا تكتب الشعر؟
ينفلت بتعقيب مراوغ -سؤال مهمّ لكلّ كاتب/ شاعر،يعتقد الشعر ممارسة واعية،وحتى ولو عني ذلك صبّ لا وعيه في البياض، مسترسلا: أطرح على نفسي هذا السؤال حتى لا أضيع بوصلتي الإبداعية،وإن كان ذلك بصورة ميكانيكية نفسية،قد لا انتبه لها أحيانا.سأقول أنني اكتبه كمن يقرص نفسه حتى يتيقّظ لكم الخسائر الفادحة التي قد نتكبّدها في ظلّ الحياة أو التجربة،يدخل هذا السؤال ضمن الأسئلة الوجودية التي يبحث فيها الإنسان على معنى لوجوده وفنائه،هذا يقودنا إلى الجدوى من الشعر وأهمّيته،شخصيا لم افقد ثقتي في الشعر رغم الإحباط العام والواقع الكوارثي الاجتماعي والثقافي،فالأمر يتجاوز الظاهرة الثقافية،إلى الاحتياج النفسي والبيولوجي،لا أتصوّرني أعيش دون كتابة،دون نصّ، يحاول إعطاء بُعد آخر لوجودي غير الوجود المادي المحدود.إن كمّ الهشاشة التي نمتلكها،تجعل كتابة الشعر ضرورة،إيماءة صغيرة لزمن ماضٍ وغابر،تفسير ولو مؤقت للكون،الموت،الحياة،الحب،الموسيقى...


وحول علاقة النقد بالشعر  يقول صاحب الموت موجا "قد أكون متشائما كبداية للإجابة عن هذا السؤال،لأنه في فترات مهمة من حياة الشعر،حدثت شبه قطيعة بينه وبين النقد،ولو على مستوى المفاهيم ومقاييس التقويم،والتقييم،ربما لتأخر النقد عن الكتابة،عن النص المطروح،ككل حركة إبداعية مباغتة،يضع النقد دائما في مأزق،لذلك كان يجب تطوير أساليبه،ليواكب التغيرات الطارئة على جسد الشعر وروحه.انتبهت لكلمة قالها ميخائيل نعيمة،بدت لي عبقرية حينها: النقد إبداع،هي كلمة السر التي تلخّص كل شيء.
ويضيف مبدع سمكة اللغة "حاليا هناك أقلام نقدية مؤسسة أصبحت تأخذ النص الشعري على محمل الجدّ،طبعا لو استثنينا القراءات التي تعالج نصوص،أصحابها على علاقة وطيدة بالناقد،وهذا وجه من وجوه الرداءة الثقافية،والردّ الإبداعية.هناك تشريح دقيق،يسبر أغوار المنجز الشعري،في ظلّ الانفتاح على النظريات الغربية،التي سبقت للأسف تصوّرات النقاد العرب في فترات الانحطاط، وفي ظلّ انفتاح الشعراء على التجارب الإنسانية،  واتساع أفاق الكتابة الشعرية،وتطورها وفق الحركة والنمو الطبيعي لأي منجز إبداعي إنساني مشترك.هناك اهتمام متنامي بالنصوص الشعرية الحديثة خاصة قصيدة النثر،من طرف أساتذة واكادميين،شخصيا تم تشريح نصوصي نقديا،رغم كوني جديد وطارئ على المشهد الشعري الجزائري،التفاتة يجب تثمينها عندما يقوم طلبة جامعيين بدراسة قصائد شعرية محلّية،قصائد نابضة بمجريات الحياة الحديثة،وتلامس اهتمامات الإنسان الحالي.


ويقف صاحب "الموت موجا" موقفا مترددا من التجريب الذي يخوضه عبر تجربته الشعرية مؤكدا أنه يرى نفسه خارج التجريب  وأن رهانه على الكتابة ذاتها،وما تختزنه من إمكانيات يمكن تفجيرها،للذهاب بعيدا في النصّ. مضيفا"أجد أن على الكتابة الحديثة أن تتجرّا و تغامر،فما فائدة اجترار النصوص،وعدم الخروج من المدونة الشعرية التي تراكمت طيلة قرون،ما الإضافة خارج التجريب؟
 ويعترف  قائلا:"في مرحلة ما من حياتي الشعرية،قرّرت التوقّف عن الكتابة،لان شكل القصيدة/النصّ،لم يكن له الاّ وجه واحد،وبناءٌ محدّد،كما أن سيطرة الأنماط و النماذج الكلاسيكية،عجّل بانتهائي شعريّا،طبعًا وفق وعي غير ناضج حينها،فتوقّفت عن أي فعل إبداعي،لم ينقذني من عزلتي،غير اطلاعي على نماذج جادة وحقيقية،إتكأت في مشروعها على التجريب،والاكتشاف،ذهلت حينها للشعرية المختلفة،واللغة المتجاوزة للمتداول والمعهود، فتحت هذه التجارب أمامي،أفاقا جديدة نفذت من خلالها إلى عالم الكتابة من جديد.
أعتقد جازمًا أن تراجع الشعر جماهيريا،هو تكريسه لصور نمطية وأغراض سلفيّة،كوّنت في مخيال العامة وأذهانهم صور جاهزة للقصيدة،ولا مناص من التجريب في النصّ،حتى يسترجع الشعر جماهيريته مرة أخرى.


خاص بكليك 
د.ناصر باكرية : شاعر واعلامي واكاديمي من الجزائر
محمد قسط شاعر من الجزائر