كتاب(العقل الرعوي) للنور حمد(5) *عامر محمد أحمد حسين.

كتاب(العقل الرعوي) للنور حمد(5) *عامر محمد أحمد حسين.

كتاب(العقل الرعوي) للنور حمد(5)
*عامر محمد أحمد حسين.
أستضاف برنامج الوراق  بقناة (سودانية24)للإعلامي(  غسان علي عثمان)،  الدكتور النور حمد في( حلقتين). ا ظهر  فيهما ( متمسكا) بما طرح من استنتاجات  ،وقراءات مغلوطة ، و في دفاع مستميت عن ماقال ، ولف ودار، ،تراجع دون أن يطرف له جفن عن الكثير من مقولات منها، أنه ليس ضد العرب وإنما ضد الأعراب.وهذا التراجع يضحده كتابه وشعوبيته التي يبثها ويحشرها في كل مايكتب ، وماثبته في متنه، وهامشه.كذلك اضطرب في يقينه  عن ان السودان قد سيطر عليه عقل فقهي خديوي مصري رسمي، سابقا ولاحقا ومستقبلا ،وأقر بان المذهب في السودان (مالكي) وهو القائل في يقينية يحسد عليها"وقد تسبب الفقه المدرسي الخديوي في انقلاب في المزاج الديني --فتراجع التصوف الذي اوشك ان يسود حياة السودانيين--- وفي فقرة أخرى يؤكد دكتور حمد"ثمة ملاحظة هامة ينبغي إيرادها ،وهي أن الأعراب الذين وفدوا إلى السودان لم يأتوا من مراكز الحضارة الإسلامية ،وحواضرها ،وإنما أتوا من البرية ،وكذلك حلفاؤهم من الفونج فقد جاءوا من عمق الغابة الإفريقية ،وهم أيضا بدو بنمط مختلف بعض الشئ ،لكنهم تأثروا ببداوة الأعراب الوافدين--كتاب العقل الرعوي" أصر الدكتور النور حمد في خطابه المباشر  لبرنامج( الوراق) على بقاء التصوف فقط من إرث سنار.والسؤال بعد اعتراف الدكتور متأخرا بأن المذهب في السودان كان مالكيا  فكيف يكون المذهب مالكيا والقوم متصوفة وسيطر عليهم فقه حنفي او شافعي مذهب أهل مصر. أتى التصوف والمالكية من المغرب العربي-ارض الحضارة والعلم وأتت جحافلهم من مصر الحضارةبوابة دخول مع وجود أقوى الصلات منذ آلاف السنين، واستقروا في كل بقاع السودان،فكيف يكونوا أعرابا لم يأتوا من مراكز الحضارة إلاسلامية وحواضرها وهل من حواضر أكثر في مدنيتها والرقي الإنساني والعلم من المغرب ومصر.  وجغرافية التسامح  الإنساني غير المرتبط بدعاوي تختصر تاريخ الشعوب، وتقدمها بمنظار مايعن لها ويعنيها في إذاعة الاكاذيب وتصديقها..ومثلا حول الفونج  يقول النور حمد: وكذلك حلفاؤهم من الفونج ،فقد جاءوا من عمق الغابة الافريقية وهم ايضا بدو بنمط مختلف بعض الشئ..) هنا تتجلى عنصرية غير مقصودة ولا اقف عندما كثيرا ،وإنما السؤال ماهو نمط (الفونج) المختلف بعض الشئ..؟ هل نمط في الشكل ام المضمون الثقافي--ترديد مقولات حول سنار ليس لها( سيقان) لايجدي ولايفيد في المشروع المطروح..وكذلك القول بأن (الفونج جاءوا من عمق الغابة الافريقية) كيف يأتي فونجي او عبدلابي من البرية والغابة ويقيموا دولة الناظر إلى تاريخها بحيادية يجدها فكرة متطورة ومتقدمة لم تعرفها حتى دول في العالم تقف حاليا في صدارة الإنسانية في القرن (16)..فإذا أنكر الدكتور (النور حمد،)على الشاشة بان قوله عن(الأعراب)  لا يعني به(العرب) فإنه يورد الفقرة التالية بأعتبارها(قرآن) لايأتيه الباطل من بين يديه.يقول الدكتورحمد"يقول إبن خلدون عن (العرب) إنهم إذا ملكوا أمة من الأمم،جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ مافي الأيدي.عاش ابن خلدون(1406--) (لم اذكر التاريخ الاول لان فيه خطا في الرقم ومكتوب3321) ويضيف حمد:أي بعد حوالي الثمانية قرون من بداية الحضارة العربية الإسلامية،وقد مكنه ذلك من رصد حوادث تاريخها وتحليل تحولاتها،مما جعله يصف العرب بما وصفهم به كونهم (أبعد الأمم عن سياسة الملك) بحسب تعبيره،ويبدو أن العرب بعد أن تحضروا وتهذبوا  نوعا ما بالإسلام،وصاروا ملوكا ،فيما بعد ،لم يسلموا من تسرب عقلية الرعاة الموروثة إلى ممارساتهم .يقول ابن خلدون في هذا المعنى ،أدرك العرب،وقت فصلت فيه بينهم وبين الدولة أجيال ،فنبذوا الدين ونسوا السياسة ورجعوا إلى فقرهم وتوحشوا كما كانوا ،وعادوا إلى حالهم الأول من البداوة.ويضيف ابن خلدون: "وقد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدولة المستضعفة  فلايكون مآل مايستولون عليه من عمران سوى التخريب".ويضيف النور حمد"وتنطبق كل أقوال ابن خلدون التي أوردها هنا،تمام الانطباق على تحالف القواسمة والفونج،الذين هاجموا مدينة سوبا،حاضرة دولة علوة وخربوها ،حتى أصبح تخريبها مضربا للأمثال" انتهى قول الباحث النور حمد".
-أولا:  طرب النور حمد،لمقولات ابن خلدون،يؤكد بأن الشعوبية تتملكه تماما،فإذا نظر ابن خلدون بخلفيته السياسية وعصره المضطرب وقد يكون لعنصره دورا ايضا فيما نظر من احوال منطقته او مدينته او جغرافيته السكانية وكتب ماكتب ،رغم الاتفاق على عظمة ماتركه من إرث،ولكن فلنترك ابن خلدون وعصره ولانخوض فيما كتب عنه من علماء عرب (واوربيون مستشرقون) ونأتي إلى الإسقاط الذي مارسه الدكتور النور حمد ،دون ان يطرف له جفن..(عاش ابن خلدون -بعد ثمانية قرون من بداية الحضارة العربية الإسلامية،ولقد مكنه ذلك من رصد حوادث تاريخها  وتحليل تحولاتها،ماجعله يصف العرب بما وصفهم به..) وقمة الشعوبية والإسقاط النفسي والثقافي قول النور حمد"يقول ابن خلدون عن (العرب) إنهم إذا ملكوا أمة
من الأمم،جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ مافي الايدي"ويضيف النور حمد"ويبدو أن العرب بعد ان تحضروا نوعا ما بالإسلام ،وصاروا ملوكا فيمابعد ،لم يسلموا من تسرب عقلية الرعاة الموروثة" ويعود النور حمد، إلى ابن خلدون"يقول ابن خلدون في هذا المعنى،ادرك العرب،وقت فصلت فيه بينهم وبين الدولة أجيال ،فنبذوا الدين،ونسوا السياسة"
-ثانيا:لا ادرى ماذا يقصد الدكتور حمد بمقولة(تحضروا وتهذبوا نوعا ما بالإسلام"..ونوعا ما أي إلى حدما..والسؤال ماهو الحد الذي بلغه الإسلام بالعرب في تحضرهم (فصاروا ملوكا فيمابعد)..ومن صار من العرب ملكا وآخر من الرعية والرعاة..ولأن الحد هنا في قياسه عنصريا فإن سؤال نوعا ما او إلى حد ما يصبح تحصيلا لحاصل، والدليل في الإسقاط الذي يمارسه في قراءة


 لتطور السودان قديما وحديثا أي انه ياتي من اللاشعور بقصد إقامة بنية دفاعية تخرجه من دائرة التبرير لمقولاته التي يطلقها حتى لايتم  إتهامه بانه(يكذب على نفسه)-الدليل على صحة مقولاته ،هو ماقاله ابن خلدون في العرب وماتوصل إليها النور حمد "وتنطبق كل اقوال ابن خلدون التي أوردتها هنا تمام الانطباق على تحالف القواسمة والفونج الذين هاجموا مدينة سوبا حاضرة دولة علوة وخربوها--.وهذه من مقولات (النور حمد) البائسة، واليائسة ،التي يرسلها في هواء الكتابة ،فيفسدها  و.المطلوب الصمت عنه وكيل المديح  له او المجاملة بعد حشره في زاوية ضيقة كما فعل الاستاذ غسان،وكانت أضيق من زاوية رؤيته في عقله الرعوي وكان ثابتا في تثبيت مايتوهمه من خيالات وتخيلات حول تاريخ السودان. وثوابته في كل مايكتب كراهية مصر دون مبرر ، وبحثه عن مايثبت صدق مايقول،وينسى ان الجغرافية لاتكذب والثقافة فإذا بدأت الحصارة في السودان فقد أكتملت في مصر،ووحدة المصير في إكتمال البداية.
العقل الاستعماري.
  فإن أهم مظهر من مظاهر الصدق الاكاديمي ان لايتبع الباحث ظنونه، ويحاول تثبيت التاريخ الظني في زمن كل ظن فيه إثم فماباللك بباحث يمجد الاستعمار بأعتباره أقام دولة حديثة والاستعمار هنا البريطاني الغاشم والأسوأ هو ان محمد علي باشا(طمع في الاستيلاء على وادي النيل،فإذا قال له الاستاذ غسان بان مصر ايضا كانت مستعمرة خديوية،تراجع بهدوء وقال بأن (المصريين)يعتبرونه أي الباشا الالباني محمد علي مؤسس الدولة الحديثة،وبالتالي استعمرتنا مصر والدكتور النور حمد باحث واكاديمي فكيف يفوت عليه الوصف الصحيح للاستعمار .يقول المفكر الراحل (إعجاز أحمد )في كتابه (في النظرية.طبقات،أمم،آداب)."ولاشك في أن السيطرة الثقافية جانب رئيس من جوانب السيطرة الإمبريالية ،ولذلك فإن "الثقافة"هي دائما موقع رئيس من موقع رئيس من مواقع المقاومة "و هذه الدولة السودانية الحديثة  بتوصيف الدكتور النور حمد،الانجليز هم أساسها وأوتادها وعمادها وأعظم من حكمها..ويعود الدكتور حمد إلى ابن خلدون"غير ان البعض نهض ليقول: إن مارآه ابن خلدون كان رهين وقته،وإن طرحه ذاك قد تناوشته المطاعن،مؤخرا ،لكن، لابد من لفت النظر هنا،إلى حقيقة مهمة وهي ان الحضارة العربية الإسلامية ،حضارة وضع بذرتها الدين الإسلامي في مكة والمدينة .غير انها لم تأخذ صورتها الحضارية المتقدمة إلا حين انتقلت إلى الشام والعراق،فتحولت هناك من دعوة دينية خلاصية على ،النسقين اليهودي والمسيحي إلى نهضة فكرية بمقاييس  عصرها.وقد حدث ذلك كما هو معلوم على أيدي الامويين والعباسيين" وقمة الاضطراب ،الإصرار على ماقاله ابن خلدون عن العرب وحضارتهم،وتوجيه اللوم إلى مطاعن ضد ابن خلدون.ومن بعد وضع نموذج العمران  والنهضة الفكرية لدولتين ورثتا بعضهما  عبر الحرب ومحو الآثار ،وقد وصل المحو، والسحق، إلى إخراج رفات  أمراء الدولة الاموية وحرقهم،والسؤال ماذا أراد الدكتور بالنسقين اليهودي والمسيحي .وبما ان الأمر أمر  حضارة فماهو النسق اليهودي ،والمسيحي الذي يمكن وضعه كمثال تاريخي حضاري تماما مثل الدولة الاموية ووريثتها العباسية.يقول الدكتور محمد كرد علي في كتابه(الإسلام والحضارة العربية--الجزء الأول) "وأن الإسلام تختلف مظاهره اليوم من عنصر إلى عنصر ومن قطر إلى قطر ،فإن بدأ اليوم ضعف قد لايحتمل في بعض منتحليه،فليس السبب في أنهم انتحلوا الإسلام -بل العوامل الاجتماعية العظيمة الطارئة على من دانوا به ،وعلى هذا يكون المشاهد من النصرانية،فإنها في عهد البابوات غيرها في عهد الإصلاح الديني،ورأيناها في أولها على غير ماظهرت به في العصور الأخيرة ،ورأيناها في شرق اوربا غيرها في غربها،وفي شمالها غيرها في جنوبها،وفي اميركا الشمالية غيرها في امريكا الجنوبية --وبعد فإذا كان ماصارت إليه بعض الشعوب الإسلامية من الانحطاط في القرون الأخيرة مما دعا بعض علماء الاجتماع من الغربيين إلى ان يسيئوا ظنهم بدين القوم ومدنيتهم وتاريخهم، 
 . فإن للانحطاط اسبابا وعوامل ،يمكن للناظر المنصف أن يضعها كل ساعة تخت منظار النقد وفي بوتقة الحل،وإنما الذي يؤلم ان بعض هؤلاء الباحثين قد يحترمون مدنية وثنية ويبالغون في عظمتها،وكأن عبادة الأصنام تبعث على الإرتقاء أكثر من عبادة إله واحد،وكأن من أهانوا الانسان أحسن ممن كرموه--شق على بعض الشعوبية أن تنسب لهم مزية للعرب فسلبوهم كل  فضائلهم المحسوسة الثابتة في الإسلام والجاهلية وشق على آخرين وهم معترفون ضمنا بفضل العرب ان يقوم العرب بقسطهم من خدمة الحضارة ،ومنهم شارل ريشه،وهو من العلماء لكنه لم يتمحص لدراسة تاريخ العرب فقال: "ثم مالبثت ليالي القرون الوسطى الداجية أن غطت كل شئ بظلامها المشؤوم ،فأضطر العالم المسكين أن يلجأ للعرب" كتاب الإسلام والحضارة العربية -محمد كرد علي 8/اكتوبر1933"..هل رأيت القارئ العزيز مثل هذا القول، فإذا لم تراه، أو تشاهده فإن بعض ابناء جلدتنا يعيدون ويكررون وإن اعترف(شارل) بأضطرار العالم المسكين اللجوء للحضارة العربية الإسلامية لتنقذه من جهله،وهو بذلك الإضطرار الاستعماري متقدم على صاحب العقل الرعوي القائل: "وأكبر هذه الجوائح هي هجرة القبائل البدوية للسودان بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر،التي قبلت - ولعله اراد -قلبت- ثقافة المستقرين إلى ثقافة أقرب إلى ثقافة البدو.ثم الجائحة الكبرى الاخرى المتمثلة في الغزو الخديوي الذي ألحق السودان بالفضاء  المتوسطي" ويقول المفكر الراحل الاستاذ محمد أبوالقاسم حاج حمد"فالتاريخ الكوشي بحقبتيه النبتية والمروية إنما يعلمنا ضرورة أن نستصحب عمقنا ألمتوسطي بمايضمن التجديد المستمر لحيويتنا في الموقع الإفريقي فلانفقد الإسناد الذي يعزز قدراتنا على الانفتاح الإفريقي الإيجابي،ومع إضافة النمو الاقتصادي الاجتماعي،دون ذلك تصبح توجهاتنا الإفريقية حرث في فراغ التعددية الهلامية،بل ينمي ذلك تلك الانماط التي بدت معروفة من السلبية الانعزالية التي تكون الإفريقية أولى ضحاياها حين تفقد هذه الإفريقية التواصل مع العمق المتوسطي كما حدث في تجربة مروى--كتاب السودان -المأزق التاريخي وآفاق المستقبل--(جدلية التركيب) "


--تمت..