قصة كتاب

قصة كتاب بقلم : زين العابدين الحجاز السقطة (The Fall) تدور القصة في سلسلة من الأحداث الدرامية حول محامي كان يروي سيرة حياته إلى شخص غريب. باسلوب يرتقي إلى مستوى الاعتراف تحدث عن نجاحه باعتباره محامي يحظى باحترام كبير من قبل زملائه ثم تحدث عن انحداره فكريا و اجتماعيا

قصة كتاب

قصة كتاب

بقلم : زين العابدين الحجاز

السقطة   (The Fall)

 

 

 

تدور القصة في سلسلة من الأحداث الدرامية حول محامي كان يروي سيرة حياته إلى شخص غريب. باسلوب يرتقي إلى مستوى الاعتراف تحدث عن نجاحه باعتباره محامي يحظى باحترام كبير من قبل زملائه ثم تحدث عن انحداره فكريا و اجتماعيا .

 

 

 

المحامي السابق (كلامينس) إعتاد على الجلوس في حانة بمدينة باريس . إنه رجل اجتماعي للغاية ويستخدم تلك الحانة كالمعبد حيث يلتقي بأشخاص يخبرهم بصراحة عن حياته وخطاياه ويتجاوبون مع صراحته بنفس الصراحة و يعترفون له بخطاياهم كما يفعل المخطئون في المعابد . كان يمارس المحاماة بشكل واسع في باريس  ولكن بعد فترة من التغيير الجذري في حياته انتقل إلى مكان لا يعرفه أحد محاولا الابتعاد عن ذكرياته الثقيلة . أثناء عمله في باريس  كرس وقته في القيام بالأعمال النبيلة التي تمثلت في حماية و مساعدة الأرامل والأيتام . كان يحتقر القضاة و يشعر بالارتياح عند تناوله للقضايا و يكسب قوته من خلال الخلافات مع الأشخاص الذين يحتقرهم . كان (كلامينس) دائما يقف في معسكر العدالة وكان ذلك كافياً لراحة باله. في مسيرته المهنية كان مثاليا ولم يتقاضى رشاوي أبدا ولم يرضخ إلى المحتالين ولم يكن يتملق أولئك الذين يعتمد عليهم في كسب عيشه . لم يأخذ أبدا رسوما من الفقراء وكان رجلا كريما وصادقا حقا .  أطلق على  ذلك السلوك اسم  " قمة النبل " حتى في الحياة اليومية التي لطالما أراد أن يكون متفوقا  فيها على الآخرين لأنه بمجرد تفوقه عليهم يمكنه الحصول على آراء متحمسة وهتافات جماهيرية .

 

 

ذات مساء كان (كلامينس) سعيدا جدا وهو يسير على جسر كان خاليا تماما في تلك الساعة. توقف لإلقاء نظرة على النهر وهو يشعر بإحساس متزايد بقوته واكتمال شخصيته في الداخل . فجأة سمع خلفه ضحكة مكتومة ولكن عندما نظر إلى الوراء  لم يشاهد  أي شخص قريب . كأن تلك الضحكة قد جاءت من العدم  فأصبح  قلبه ينبض . عندما عاد إلى المنزل شاهد وجهه في المرآة و هو يبتسم  ولكن على ما يبدو كانت ابتسامة كاذبة . منذ ذلك الحين بدا له بأنه في بعض الأحيان كان يسمع تلك الضحكة من داخل نفسه. عندها بدأ كل شيء يتغير في حياته .  صار يشعر بأن شيئا في داخله قد أخطأ  وأنه قد نسي كيف يعيش . بدأ يفهم كل يوم بأن هناك شيئا واحدا يقلقه وهو " الأنا ". حاولت النساء استيعابه  لكنهن لم يستطعن فهو ينساهن بسرعة و يتذكر نفسه فقط . في علاقاته معهن كان يسترشد فقط بالعاطفة. أخافته عاطفته لكنه في نفس الوقت لم يتخل عن أي من النساء وحافظ على العديد من تلك العلاقات في نفس الوقت جعل الكثير منها غير سعيد .  أدرك (كلامينس) في وقت لاحق في تلك الفترة من حياته بأنه كان يطلب من الناس كل شيء ولا يعطيهم شيئا في المقابل . جعل الكثير من الناس يخدمونه كما لو كان يخفيهم في ثلاجة لذلك كانوا دائما في متناول اليد  ويمكنه استخدامهم عند الطلب . في ذكرى الماضي فقد أحرق العار روحه ففي إحدى ليالي شهر  نوفمبر عاد (كلامينس) من عشيقته وسار عبر الجسر الملكي عند نهر السين و مرّ بجانب فتاة كانت تقف هناك . أثناء نزوله من الجسر سمع ضجيج جسم إنسان يقع في الماء ثم أعقبته صرخة . أراد أن يركض للمساعدة لكنه لم يستطع التحرك . بعد ذلك اعتقد بأن الوقت قد فات وغادر ببطء ولم يقل شيئا لأحد عن  تلك الحادثة. يبدو أن علاقته بالأصدقاء والمعارف ظلت كما هي  ولكنها أصبحت محبطة شيئا فشيئا . لا يزال هؤلاء يشيدون بحسّه بالانسجام  لكنه كان يشعر فقط بأنه شخص مرتبك و ضعيف و مستسلم  لسلطة الرأي العام . بدا له وكأن الناس الذين يعرفهم  قد أصبحوا غير محترمين بما فيهم القضاة . اكتشف (كلامينس) بأن لديه أعداء  خاصة بين الأشخاص غير المألوفين لأنهم يكرهون سلوكه كشخص سعيد وراضي عن نفسه . في اليوم الذي تلقى فيه تلك الأحاسيس شعر بكل الجروح التي لحقت به وفقد السيطرة على الفور . شعر وكأن العالم كله قد بدأ يضحك عليه . منذ تلك اللحظة كان يحاول العثور على إجابة للسخرية والتي بدت بالفعل في داخله . أصبح يصدم  مستمعيه في المحاضرات العامة حول القانون وصار يتصرف بالطريقة التي لم يسمح لنفسه أبدا بالتصرف بها من قبل . خاف منه جميع عملائه ومع النساء كان يشعر بالملل لأنه لم يعد يلعب معهن .  بعد أن سئم من الشعور بالحب والتفكير السليم قرر أن ينغمس في الفسق . أحسّ بأن الفسق سيكون بديلا رائعا للحب وسيوقف السخرية والأهم من ذلك أنه لا يفرض عليه أي التزامات . تناول الكحول ومصاحبة النساء قليلي الفضيلة قد أعطته الراحة ثم تعرض بعد ذلك لنوبات بسبب التعب الشديد الذي لم  يبارحه . مرت سنوات قليلة كان يعتقد بأن الأزمة قد مرت ولكنه سرعان ما أدرك بأن الأمر لم يكن كذلك ولم تتوقف تلك الصرخة التي كان قد سمعها من تلك الشابة عند جسر نهر السين . لقد كان يتذكرها دائما حتى بعد أن انتقل إلى أمستردام . في ذات مرة  في حانة مكسيكو سيتي بمدينة أمستردام شاهد على الحائط لوحة " القضاة غير قابلين للفساد " للرسام (فان إيك) المسروقة من كاتدرائية سانت بافو . كان صاحب الحانة قد اشتراها من أحد اللصوص مقابل زجاجة من الجن . تلك اللوحة مطلوبة من قبل الشرطة في ثلاث دول . أقنع (كلامينس) صاحب الحانة الخائف بإعطائها له لحفظها . منذ ذلك الحين ظلت اللوحة في شقته وأخبر محاوريه عنها ويمكن لكل منهم الإبلاغ عنه. لا شعوريا فقد كان يتمنى ذلك ويشعر بذنبه الذي لا يطاق حيال تلك الفتاة التي لم ينقذها من الغرق في مياه نهر السين . الفرصة لإخراجها من الماء لن تحدث أبدا وستبقى ذكرى مؤلمة في قلبه و لن تفارقه إلى الأبد .

 

 

 

(السقطة) رواية فلسفية للكاتب (البير كامو) تم نشرها لأول مرة في عام 1956 وتعتبر اخر عمل متكامل للكاتب . السقوط النهائي لبطل الرواية من جنة النعيم التي كان يعيش فيها يراد منه سقوط الانسان من جنة عدن . الفيلسوف الوجودي  (جان بول سارتر) قد وصف هذه الرواية بأنها  قد تكون الأجمل والأقل فهما من بين روايات (كامو)

 

 


من سيرة الكاتب

.
 ( البير كامو ) فيلسوف وجودي وكاتب مسرحي وروائي فرنسي- جزائري.  ولد عام 1913 في الجزائر في بيئة شديدة الفقر من أب فرنسي و أم أسبانية  . تم قتل والده بعد مولده بعام واحد في إحدى معارك الحرب العالمية الأولى . أنهى  دراسته الثانوية ثم التحق بجامعة الجزائر بمنحة دراسية وذلك لتفوقه ونبوغه حتى تخرج في قسم الفلسفة بكلية الآداب. انضم للمقاومة الفرنسية أثناء الاحتلال الألماني وأصدر مع رفاقه  نشرة باسم " المعركة ".  بعد تحرير باريس  تحولت إلى صحيفة يومية بنفس الإسم  التي كانت تتحدث باسم المقاومة الشعبية واشترك في تحريرها  الكاتب (جان بول سارت).  انضم عام 1935 إلى الحزب الشيوعي الفرنسي ثم تركه . رغم أنه كان روائيا وكاتبا مسرحيا في المقام الأولإلا أنه كان فيلسوفا. كانت مسرحياته ورواياته عرضا أمينا لفلسفته في الوجود والحب والموت والثورة والمقاومة والحرية . كانت فلسفته تعايش عصرها وقد أهلته لجائزة نوبل الآداب عام 1944 فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء. توفى (البير كامو) عام  1960  .