رواية-ابن-الصلصال-لسعيد-الخيز-عامر-محمد-أحمد-حسين

رواية-ابن-الصلصال-لسعيد-الخيز-عامر-محمد-أحمد-حسين

رواية ابن الصلصال ل"سعيد الخيز."
*الوعي بالذات والمكان... 
*عامر محمد أحمد حسين. 
فازت رواية ابن الصلصال - حكاية من أراضي القلق -  للروائي المغربي سعيد الخيز بالمركز الثالث لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي -الدورة العاشرة. وكانت لجنة التحكيم مكونة من الدكتور والناقد  سعيد بنكراد من المغرب ، والدكتورة حفيظة عبدالقادر من السودان ، والروائي الدكتور طارق الطيب من النمسا . إن حكاية ( سولال رشدى ) ترسم بريشة السارد الماهر، حكايات الوطن، الاغتراب الداخلى، المجتمعات المأزومة، الدولة المقيدة بسلاسل الخارج والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمواطن الضائع  بين الكبت ، والحرمان ،  بين الواقع والخيال. ثمة جائحة اجتماعية تسيطر على الأصدقاء، على الناس، المجتمع. هذه الجائحة عنوانها الرئيسي هو الكبت، بكل تفاصيله، إنسانه المقهور، الباحث عن خلاص في ممارسة الضياع.. الصوت السردي في هذه الرواية، يتداخل مع أصوات أخري تظهر درامياً، كمثال للصداقة والنموذج  (سمير ) أو مسرح الحبيبات المفتوح للبطل في صراعات درامية حياتية مأخوذة من المأساة الأسطورية لتقديم الخيط الفاصل بين الواقع المر ، والخيال في صورته على صفحة الواقع الموازي سرديا. الإطار العام لهذه الرواية، يمكن تقسيمه إلى مرحلتين، الأولى -الشباب الباكر والاكتشاف، للأصدقاء، المرأة، المدرسة، التعليم، القراءة والتثقيف الذاتي. المرحلة الثانية، ما بعد الاكتشافات والعبث والسخرية منها في قالب سردي درامي، يعلو أحيانا ويهبط أحيانا مع الإمساك بكل خيوط السرد والفكرة واللغة السردية المتشعب مكانها، وزمانها. في البحث عن جوهرها المفقود (حكاية أرض القلق - ابن الصلصال - الأرض )
الرسائل. 
لاتخلو رواية (ابن الصلصال ) من صور سردية، تتضمن رسائل بين أصدقاء (سولال - رشدى - سمير) وهي رسائل تتجلى ، فيها احترافية الكاتب ، في إبعادها عن الترهل والسرد المباشر في الخطاب، بالخروج بها من لغة المقالة الصحفية "صديقي العزيز سمير، وجدت أني أتحدث إلى نفسي كثيرا، جعلت مني إثنين، أظن أني أسير نحو انقسام ذاتي لن يستطيع الإحيائيون تفسيره سأتحول إلى كائنين أثنين في وقت وجيز، كائن يعيش حياته وكائن يرافقه في دروب حياته. لذلك أكتب لك وأتخيل صورتك في ذهني وأنا أكتب، ما استغربت له أني نسيتها تماما رغم أنها اتصلت بي مرتين تستفسر عن حالي، أي خيانة عظمى ارتكبت في حقها" يقول الدكتور شكرى عزيز الماضي، في كتابه  (أنماط الرواية العربية الجديدة) "رواية سليم بركات " هاته عاليا، هات النفير على آخره... (سيرة الصبا) (( أهم مايلفت انتباه القارئ الانحراف المتكرر في مجرى السرد، فهناك انتقالات متعمدة مقصودة، فمن تعليق إلى وصف إلى تذكر إلى تأملات متعالية إلى نمو استعاري شعري ومن مكان إلى آخر ومن شخصية إلى ثانية، ثم هناك انفتاح على الزمن الماضي، ماضي الشخصيات أحيانا وماضي المكان أحيانا أخرى . ومن المهم أن الرواية لاتصور العالم الروائى مفككا لتجسيد قيمة العبث، بل على العكس من ذلك، إذ يستطيع المرء أن يستخلص من إيحاءات السرد المباشرة وغير المباشرة أن الرواية تصور التفكك من أجل الوصول إلى قيمة أخري تتمثل في الانسجام والائتلاف)) " تكاد هذه القراءة تنطبق تماما على رواية  (ابن الصلصال -حكاية من أراضي القلق) ونجد أن مراحل حياة -سولال رشدى وصديقه سمير، واضحة في الانتقالات السردية ، من تذكر أيام الصبا، والتجارب في اكتشاف المكان - قاعة الدرس، واكتشاف الآخر، في سيرة العطاء وسيرة الدرس ومساحة المراهقة ومكان الأنثى - الحياة. ونجد الانتقال من مكان إلى آخر وحياة إلى أخري ، والبحث عن الجديد ورفض القديم وقيوده. " (الشنقيطية أمى توسوس لي بالملاحظات، من خبرتها تعلم أني عاشق سيئ  الحظ طبعا، لم تعد بخورها تجدي ولاتدليكها يفيد في حالتي، هي تعرف أني أكبر وأصير رجلا، وأحمل هماً كما تقول تعبيراً عن بلوغ الإنسان مبلغا من العمر. 
 - لن تأخذك مني أي شقراء، ولن أزوجك غير سمراء مليحة من اختياري، مهما ركضت وركض قلبك. 
- أنا لن أتزوج ماعاد أحد يتزوج هذه الأيام .
- يوه، وكيف ستكون بيتا وتنجب لي حفدة؟ 
- لم يعد من الضروري أن يتزوج الرجل للحصول على أولاد في عصرنا، قلت ممازحا إياها، ألم  تسمعي بكراء الأرحام، تحصل  على بطن للانجاب مقابل المال وهكذا يكون لديك حفدة وأعيش أنا  حريتي -- رواية إبن الصلصال "
أسئلة الحياة.. 
تتعرض رواية -ابن الصلصال -إلى أسئلة الحب والعشق والجسد، بطرائق متعددة، ظهرت في المتن الحكائي واستولت سردية الراوّي العليم، على هندسة المتن، وتجذيره، لحكاية؛ سولال رشدى، سمير، سيليا، في المكان المدرسي والمدينة، في البحث عن الاكتشاف -المتعة-البحث عن الأحلام الضائعة بالوعي الكامل بأهمية المغامرة، والعلاقة المتوترة مع المحيط الاجتماعي ونظرة (الأم ) إلى الابن، وكيفية رسم حياته ومستقبله باختيار زوجة المستقبل -مليحة وسمراء- وسخرية الإبن من مؤسسة الزواج التقليدية.. قلت لها ممازحا ألم تسمعي بكراء الأرحام - أي إيجار الأرحام والأم البديلة، وكانت الأم، تعلن رفضها للمزاح من جانب الابن، بصورة واضحة وحازمة.-" زمن العجب، إياك أن تفعلها، لا أريد حفدة من بطون الغربيات، أي زمن، الستار الله، الستار الله، وتغادر في ضيق واضح 
- تعالي أمي، كنت أمزح، 
- عليك أن تخجل من قولك، 
-سأتزوج عروسا من اختيارك ولتكن سمراء مليحة – (رواية ابن الصلصال)

الخطاب.. 
لم تخرج رواية (ابن الصلصال - حكاية من أراضي القلق، من الخطاب الاجتماعي العربي في قراءة واقع المجتمع ، والدولة الوطنية مابعد الاستقلال، وقضايا السلطة ، وغياب الحرية ، والبطالة والبطولة الزائفة، والارتداد نحو الغامض والمجهول في الحلم والواقع، بل أن الرواية استمرت في إيقاع سردي متصاعد مع أزمة البطل، مع ذاته، مع الحبيبة وكل نزواته وحوادث الأيام  التى تحيط به وتكاد تخنق، كل تفاؤل أو أمل في تحسن الحياة وتحقيق الآمال في وطن وأسرة وعمل ((العقول التى تهاجر إلى أمريكا وكندا كي لاتتلف أو يصيبها الجنون، السجون المملوءة بالمعتقلين من أجل الكرامة، كل شئ يجب أن ينتهي كي نعيش بسلام، ويزول هذا الشحوب العام الذى يلون الشوارع)).