المواعيد الراحلة

المواعيد الراحلة بقلم رؤى حسن "   بين المواعيد الراحلة ، تموت لحظات من فرط الانتظار"  الضباب لا يرَى، والعتمة لا تُبصر. على الأوراق اللينة لباسٌ من ندى ،خيوطه متشربكة ومتشرّبة ،له جوارب تنزّ نهايتها بالماء ،تتسربل في خجل نحو ورقة يابسة  ،معكوفة بالصدى.

المواعيد الراحلة

المواعيد الراحلة

بقلم رؤى حسن

 

 

 

 

 

"   بين المواعيد الراحلة ، تموت لحظات من فرط الانتظار" 
الضباب لا يرَى، والعتمة لا تُبصر.
على الأوراق اللينة لباسٌ من ندى ،خيوطه متشربكة ومتشرّبة ،له جوارب تنزّ نهايتها بالماء ،تتسربل في خجل نحو ورقة يابسة  ،معكوفة بالصدى.
في تلك الغرفة الخضراء ، تنحى أخيرا عن منصات الصبر والهلع ، آثر انتظار بزوغها من السواد الشبق، بدلا عن تدليه للأسفل ليلبس حذاءه ويعيش تحت وطأة البقية. 
.....( لم تكن أنثى مجردة).....
قال لنفسه مواسيا: 
 _لا بأس من الإنبات طالما الحصاد نوح ،وطوفانه المقصات.
شعره لا يكتفي بالإستطالة ،  يستدير كحلقات شيخ يُقرئ القران ، وبعضه "كويكيبات" لا تنفك عن الدوران حتى يجذبها انفلاتها وتقع في مجمر بخور ،او كأس مزفوفة باللبن.
لم يجرؤ على مواساته، سوى صورتها المنكسة على طفولة بعيدة ،  وصوته المشروخ حين يلطخ الجدران بقوله: 
" وما شأنك بالطوفان، يا مُغرقيّ في ملذات إنباتك".
عندها يتكرر الليل بطيئاً، نكاية في سهر لا ينبلج صبحه، ومياسم تختبئ ثملة بمكنوناتها.
***

_ماذا على ظهرك يا فراشة..؟
_بضع قُبلات ، وقِبلة.
_آتيني بالمزيد ، لقد هدّ مصرعي الشوق لرؤيته.

***
كبصقة الليل ، جاء الصباح مكورا في عينيه فقط ، مازال فمه أعتما.
حدثه قلبه : 
_ إن لم تطلّ بنافذتك هذا اليوم ، كسرت الوثاق الذي...
طلّ وجه محشو في سمرته تهاليل البهاء ، تعج عيناه بالألحان والموسيقى ، من ذلك المنفذ الوحيد ، لوّحت بقلبها ترميزا للمحبة ، فانكفأ على قلبه ساهماً في العهود التي لم يفك ازرارها قط.
هي ذاتها في ثوبها المخمليّ ، وبشرتها اللينة ، تعبر له من كل النواحي ولا تصل ، حملت بزوغها، وفرّت إلى قِبلتها التي تقبل دموعها بإبتسامات بريئة، و أمومة كامنة منذ أعوام.

***
_ عودي إلى التفافك يا فراشة .
_ الأموات لا يعودون بالموت مرة أخرى.

_ لقد وهبتك الإنتظار ، فلا تغيبي .
***
توالى امتشاقها أمام منفذه الصغير، تراقب خضرته التي تعتلي سيقان وجوده ، ولا تملّ من حملها عاليا لإعادة مشهد سينمائي لم ينل رضا مخرج غيور ، وتقول : 
_ " ما رأيك بلونها..! أما فتنت بسحرها وأنت الذي أشهدت القصائد بذكرها ، انظر كم يشبهك شعرها بإستداراته ، أما طاف حول قلبك برعشة..!
ليتك تعلم إني أضمها ، أتحسس أطرافها وأشمها ، ادغدغ نوارة أصابعها بشفتي ، وأعضها في أنفها ، فتصدر صوتا يتناغم وحسّك ، ضحكتها تغطيني من برد البكاء."
وقبل أن يزعق المراقب العام للزيارات ، بكرشته المدورة قبل صوته ، لينهي ميقات صبرها ، كفكفت دموعها ، وخرجت كروح هزيلة ، تلعن القصائد التي تخون شعرائها، تحبسهم بين جدران باردة ، في بلدٍ لا يملّ حاكمه من وأد كل ما ينافي مطلبه.
و لم يزل خروجها متبوعاً بترديدها مواسية عجزها: 
_ " لا بأس من مراقبة الطحالب، طالما تواعد ضفدعا" .