إمرأة من الالفية الثالثة

إمرأة من الالفية الثالثة نفيسة زين العابدين جلست امامها وانا بكامل زينتى ..يبدو وجهى جميلا وشعري مصففا وملابسي الغالية متناسقة .. في حين بدت هى شاحبة متعبة و مصفرة الوجه

إمرأة من الالفية الثالثة

إمرأة من الالفية الثالثة
نفيسة زين العابدين


جلست امامها وانا بكامل زينتى ..يبدو وجهى جميلا وشعري مصففا وملابسي الغالية متناسقة .. في حين بدت هى شاحبة متعبة و مصفرة الوجه . كانت دواخلى عكس مظهرى .. كنت اشعر بغضب كبير احاصره في اعماقي حتى لا يخرج منه شيء الى عينيّ او عضلات وجهى التى احاول جاهدة ان اجعلها تبدو مرتاحة وهادئة . حينما كانت تبكى كنت انا اسرح في الماضي القريب .. قبل عام .. انها فترة زمنية قريبة وستظل قريبة وكأنها اليوم في اعماقي مهما توالت السنوات .
صديقتى السابقة مها .. والتى كانت الى وقت قريب اقرب صديقاتى اليّ لكنها افسدت بانانيتها صداقة دامت لاعوام طويلة . لا ادرى متى نشأت بينها وبين ياسر علاقة .. ومتى كانا يلتقيان هاتفيا او يتقابلان .. فلا يمر يوم لا نلتقي فيه سويا.. حتى حين لا يكون ياسر معى على الهاتف تكون هى معى في البيت .. نتسامر ونتجادل ونضحك ونبحث في المواقع الالكترونية عن اغراض مميزة تناسب عروس مثلي .. وحينما تكون معى يكون ياسر قبلها بثوان قد انهى حديثه الهاتفي القصير معى .. لم يحدث ان رأيتهما يتبادلان حتى النظرات عندما يحدث ويجتمعان عندى كليهما . لم اعلم الا منه .. من زوجى .. الذى صارحنى انه لا يريد ان يظلمنى ويستمر في اكمال زواج قد يسبب التعاسة له ولى .. اوجعنى تخليه عنى .. اوجعتنى صراحته وهو يخبرنى ان في قلبه اخرى .. وان والده من يصر عليه بالزواج منى كونى ابنة صديق عمره . ترك لى ياسر حرية القرار : ( اذا اردت اتمام الزواج منى رغم ما اخبرتك به ، فانا مستعد لذلك .. سأظل على وعدى .) كان يريد ان يبدو رجلا كريم الاخلاق وفارسا نبيلا لا يتخلى عن فتاة قبل زفافها بشهر حتى لا يشين سمعتها . لم آبه لكرامتى ولا لكبريائى لكننى اردت ان ارد له الالم . اخبرته  ببرود انه  اذا كان ابنا بارا ومطيعا لوالده الى هذه الدرجة قطعا سيكون زوجا رائعا يخشي الله ويراعينى فيه .  واخبرت مها بما دار بينى وبين ياسر .. لا اذكر كيف بدت يومذاك ملامح وجهها او ماذا كانت تقول لى لاننى كنت فى حال لا يسمح بالتفكير في غير مصيبتى . لكنها بعد ذلك انقطعت عنى كليا .. اصبحت لا ترد على مكالماتى ولا على رسائلي عبر الجوال ولا تزورنى . وحينما اذهب لزيارتها تخبرنى والدتها  مرة بانها سافرت لزيارة اقاربهم في مدينة اخرى ومرة اخرى انها ذهبت في رحلة عمل . حتى ياسر لم يعد يزورنى في ايام الجمع واصبح نادرا ما يسأل عنى ولم يبق للزفاف غير اسابيع قليلة .  كنت حائرة وقلقة وانا افتقد وجود صديقتى الى جوارى وافتقد اهتمام ولهفة من سيكون زوجى. واتذكر ان في قلبه اخرى غيري فيزداد المى وتزداد رغبتى في الغاء الزفاف، الا ان عنادى يحول بيني وبين ما ارغب بتنفيذه.. وكنت لا اتوقف عن الاتصال على مها في اليوم اكثر من عشر مرات ،الى ان جاءتنى رسالة صوتية من شركة الهاتف كانت كفيلة بأن ايقن ان مها لم تعد تستخدم الرقم الذى اعرفه  .. هل غيرت مها رقم جوالها دون ان تخبرنى ؟ واسرعت اتصل  على  جوال والدتها فجاءتنى نفس الرسالة . اسرعت اتصل  على ياسر اخبره اننى قلقة على صديقتى مها فقد فقدت وسيلة الاتصال بها .. تحجج لى بانه مشغول الان ..  فاسرعت آخذ سيارة اجرة واذهب الي بيتها لاسال عنها لكن عندما لم يستجب احد لجرس الباب اضطررت ان انقر على باب الجيران اسألهم ..فاخبرتنى جارتهم انهم انتقلوا الى بيت آخر ولم يقولوا الى اين .
رجعت الى البيت وانا في حال سيئ .. ترى ماذا حدث لصديقتى ؟  .. هل حدث لمها مكروه في تلك المدينة التى سافرت اليها ؟ .. وظللت هكذا الى ان اخبرتنى صديقة لاختى عن مها وانها شاهدتها تتردد على البناية المجاورة لهم .. قفزت من الفرح وطلبت منها ان تأخذنى حالا اليها .. وذهبت واردت ان افاجئها .. نقرت على الباب بقوة .. ووقفت بعيدا عن الباب بضعة امتار .. وفتح  الباب ليطل ياسر منه  بملابس تؤكد أنه في بيته.. وقع قلبي وانا ارى مها خلفه بابهي زينتها ترتدى ذات الروب  ذى اللون الوردى الذى اختارته معى من احد المواقع الالكترونية .  لا اذكر ماذا حدث بعدها .. لكننى افقت ووجدت نفسي في غرفتى وعلى فراشي واسرتى كلها تحيط بي .
بعدها بيوم اخبرنى والدى انه نهى مسألة زواجى من ياسر وان والده رفض ان يسترد اى من الهدايا او المال الذى قدموه لى ، وامام اصرار والدى بأن يعيد كل شيء وافق الرجل في حال وافقت انا . وسألنى ابي : ( هل ستوافقين على الاحتفاظ بماله؟).. وجدتنى اقول نعم .. سأحتفظ بالمال . ونهضت من فراشي واخبرتهم انى جائعة فأتونى بالطعام ..اكلت بنهم وشهية مفتوحة .. كنت كلما رفعت عينى اليهم اراهم ينظرون اليّ في شفقة واسي .. في تلك الليلة كنت قد قررت ان اشترى رجلا بمال ياسر ليتم زفافي في مواعيده المقررة والا يتغير شيء سوى اسم العريس على بطاقات الدعوة .. الا انه خطر في بالى اول ما خطر من صور .. وجه ياسر نفسه .. ذهبت اليه في مكان عمله .. ولم اجد حرجا في ان اتحدث اليه وبصوت مسموع امام احد زملاءه لاخبره ان كان يذكر وعده باتمام الزفاف .. لم يستطع النظر في عينىّ .. اخبرته اننى ساوزع بطاقات الدعوة وان الزواج قائم في مواعيده .. ثم قصدت والده واخبرته اننى لن اتخلي عن ياسر واننى راضية باكون زوجة ثانية في حياته . ثم ذهبت الى ابي واخبرته بقرارى .. فلم يجد بدا من ان يوافقنى على ما اعتزمته .. مضيت في ترتيبات عرسي وانا احاول اخفاء كل تلك المشاعر السيئة ما بين الشفقة والانكسار والذلة .
وكنت زوجة ثانية لياسر .. والححت عليه ان يدعو زوجته الاولى وصديقتى السابقة مها لحفل زواجنا .. كان خجلا منى .. كان غاضبا .. كان مقهورا ومجبرا على الزواج .. لكننى لم اهتم له .
والان انا برفقة زوجى ياسر في زيارة لزوجته الاولى مها في المستشفي لابارك لها طفلها الاول وبيدى صندوق هدايا مغلف بورق ناعم وجميل  منقوش بورود سوداء صغيرة وداخله  روب وردى اللون ابتعته من موقع اليكترونى شهير .