6ابريل.. إعادة إنتاج التاريخ

6ابريل.. إعادة إنتاج التاريخ الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد مابين بيان المشير سوار الذهب واعتصام القيادة العامة(34 )عاما، تبدلت ا انظمة الحكم من ديمقراطية ليبرالية، شهد العالم على سلميتها والهامها للشعوب إلي ديكتاتورية غاشمة.

6ابريل.. إعادة إنتاج التاريخ

6ابريل.. إعادة إنتاج التاريخ. 
الخرطوم -كليك توبرس-عامر محمد أحمد

 


مابين بيان المشير سوار الذهب واعتصام القيادة العامة(34 )عاما، تبدلت ا انظمة الحكم   من ديمقراطية ليبرالية، شهد العالم على سلميتها والهامها للشعوب إلي ديكتاتورية غاشمة. كما اهدت العالم مصطلح "الانتفاضة " لتقترن بعد ذلك الانتفاضة، الإطاحة بماركوس في الفلبين و بثورة الشعب الفلسطيني ضد المحتل الإسرائيلي. وللثورات في السودان تاريخ مجيد وفريد، وقد أتفق  الجميع على تسمية الثورة باليوم الأول من بداية الثورة،  وكانت بداية شرارة في 27/مارس لانتكي علیه فمن دعاك الى الفرافاضة 1985، إلا أن بيان انحياز الجيش كان تتويجا لمسيرة الشعب السوداني للانعتاق من حكم الفرد الديكتاتوري. ثورة اكتوبر 1964، بدأت في 21 من الشهر، يوم مقتل الطالب الشهيد (أحمد القرشي )في جامعة الخرطوم وكان هذا اليوم المشهود عنوانا للثورة ولم يكن يوم تنحي المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو تاريخ معلن للثورة تذكر به. اختلفت القوى السياسية أو الإعلامية في تحديد يوم قاطع لثورة ديسمبر المجيدة 2018م، وكان الاختلاف مرتبطا بالمدن التي انطلقت منها الشرارة الأولى وانحصر بين الدمازين 13/ديسمبر /2018م ومدينة عطبرة في 19/ديسمبر ، وإن كانت المدينة الكبرى التي حولت مجري التاريخ هي الخرطوم وتظاهرات 25/ديسمبر /2018. ولكن أصبح يوم 19/ديسمبر، هو يوم الانتفاضة الثورية الثانية ضد اعتي أنظمة القهر والتسلط في التاريخ الحديث للسودان. يقول المفكر السوداني الراحل الأستاذ محمد علي جادين في كتابه"تقييم التجربة الديمقراطية الثالثة -دراسة توثيقية في انجازات واخفاقات النظام الديمقراطي 1985-1989م "في صباح الأربعاء الثالث من أبريل 1985، واجهت الفئة الحاكمة أكبر تحد في تاريخها بخروج موكب النقابات العملاق وإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام، وذلك رغم أن سلطات العاصمة قد اذاعت بيانا أكدت فيه أن الموكب غير مشروع، وأن كل من يدعو له أو يشارك فيه يكون عرضة للمساءلة تحت قانون العقوبات. ومنذ الصباح الباكر امتلأت شوارع العاصمة بجماهير غفيرة من العمال والمهنيين والموظفين والطلاب والنساء والرجال والشباب، وامتلأت شوارع العاصمة بشعارات الحائط التي بدأها البعثيون في أبريل 1984م، وظلوا مستمرين في كتابتها طوال اكثر من عام كامل فعمت شعاراتهم كل أنحاء العاصمة ومعظم مدن الاقاليم داعية لتصعيد الانتفاضة ومواصلة الإضراب السياسي حتي النصر، بإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام واستمرار الانتفاضة، انقطع التيار الكهربائي وتعطلت خطوط الهاتف والاتصالات والمواصلات العامة وتوقفت حركة الملاحة الجوية وأغلقت الأسواق وابتداء من مساء الأربعاء، تحولت التظاهرات الشعبية إلى الأحياء السكنية وظلت تتواصل نهارا وليلا حتي الثانية صباحا، وفي تطور لاحق أعلن قضاة السودان عن تسيير موكب يضم كل قضاة العاصمة صباح السبت السادس من ابريل وكذلك اعلنت اكثر من نقابة عمالية تسيير موكب مماثل في نفس اليوم من بحري.

 

 


الاعتصام.
استمرار نظام الإنقاذ في قمع التظاهرات وقنص المتظاهرين من اسطح البنايات العالية، كان بداية نهاية النظام المتسلط ورفع الشعب الغطاء الشعبي عن حكامه و منسوبي الحزب الحاكم،.  استمرار المظاهرات لشهور ادهش العالم وأدخل أجهزة النظام القمعية لأول مرة في تاريخه الطويل في دائرة السؤال عن مدى شرعية هذا النظام المرفوض داخليا ودوليا ، إلا أن الأصوات المنقسمة داخل النظام، كانت تراهن على الزمن وارعاب الناس بتجربة الانتفاضة السورية. ولكن ،كل ذلك لم يؤثر في حركة الشارع وتصميمه على اقتلاعه من جذوره. وفي مقالات نشرت في سلسلة بمناسبة انتفاضة أبريل 1985م، في مارس/أبريل 2014 تحت عنوان "سقوط حكم الفرد القمعي -بعض وقائع انتفاضة 26/مارس -سطوة الشعب ". يقول الباحث السياسي والقانوني الأستاذ محمد علي خوجلي "ثورة 21/أكتوير وانتفاضة 26/مارس (الإشارة 26مارس لمظاهرات طلاب جامعة امدرمان الإسلامية قبل يوم من مظاهرات 27/مارس -المحرر) من المعالم البارزة في تاريخ التجربة الثورية السودانية والإنسانية و"الجوهرة السودانية "هي نجاح النضال السياسي في إسقاط الحكم العسكري الديكتاتوري بالإضراب السياسي والعصيان المدني والآلاف التي تهدر في الشوارع كالسيول فأستعادة الديمقراطية وإسقاط الديكتاتورية وحكم الفرد القمعي اعتمد أساسا على قدرة الشعب على تحرير نفسه بنفسه بالنضال السياسي  "

 


جوهر العصيان
يقول المفكر الراحل جادين "شاركت الأقاليم كلها في الانتفاضة، منذ لحظتها الأولى فقد ظلت مدينة عطبرة مثلا، ملتهبة منذ منتصف مارس وحتى السادس من ابريل 1985. ومع تطور الأحداث برز تجمع المدينة والمدن المجاورة وأعلن الإضراب السياسي والعصيان المدني في 4 ابريل، وتواصلت المظاهرات والمواكب حتي التاسع منه. وفى مدينة مدنى نظمت 12نقابة موكبا جماهيريا إلى مبنى حاكم الإقليم الأوسط في 31/مارس، وقدم مذكرة للحاكم، تحدثت عن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد وأسبابه. وأكدت  (أن النظام الحاكم وصل إلى طريق مسدود وأن التغيير أصبح محتوما وعلى الفئة الحاكمة أن تستجيب لهذه الضرورة ومطالب الشعب وإلا فإن الجماهير ستحقق إرادتها لامحالة مهما غلا الثمن) وفي بورتسودان أعلنت النقابات الاضراب السياسي في 3إبريل  وخرجت كبرى المظاهرات في صباح السبت6/أبريل، ولم يرفع الاضراب السياسي حتي الثلاثاء 9/أبريل. وكذلك كان حال مدن وقرى الاقاليم الأخرى. وفي صباح السبت 6/أبريل  استقبلت الجماهير في كل مدن وقرى السودان، بيان القيادة العامة بفرح مشوب بالقلق، فقد أكد البيان انحياز القوات المسلحة للشعب حقنا للدماء واعلن نهاية النظام الديكتاتوري المايوي، ولكنه لم يحدد طبيعة الوضع السياسي الجديد. والمشير سوار الذهب، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وأعضاء القيادة العامة الآخرون، هم الذين اختارهم نميري، بعد اختبارات طويلة وعديدة لقيادة القوات المسلحة وحماية النظام الديكتاتوري من مخاطر الانتفاضات العسكرية والشعبية. فهل يعقل ينقلبوا عليه؟ وهل يمكن أن ينحازوا إلى جانب الشعب؟  ومنذ تلك اللحظة بدأ صراع طويل  ومعقد بين القيادة العامة وكبار ضباط القوات المسلحة الذين كانوا يستهدفون اعتقال الإنتفاضة وتحجيمها في حدود اسقاط النظام المايوي وأجهزته السياسية وقوي الانتفاضة التي كانت تستهدف استمرار الانتفاضة حتي تحقق كامل أهدافها. فكيف سارت الأحداث؟  وماهي العوامل المباشرة وغير المباشرة التي تحكمت فيها وجعلتها تتطور في الاتجاه الذي سارت فيه؟ هذا مايكشفه لنا تطور الأحداث خلال الفترة الممتدة بين لحظة إعلان بيان القيادة العامة وتكوين مؤسسات الفترة الانتقالية التشريعية والتنفيذية " والسؤال بعد 35 عاما من ثورة 1985وعام من اعتصام القيادة كإعلان بسقوط نظام القهر والجبروت، هل  أعاد  التاريخ نفسه.