كوشيب.. الوصول إلى لاهاي.. 

كوشيب.. الوصول إلى لاهاي..  الخرطوم -كليك توبرس -عامر محمد أحمد  مهما كانت طريقة الوصول إلى  (علي كوشيب) من قبل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، فإن رائحة الصفقة تشير إلى ذلك، فقد تميزت حياة الرجل بالمخاطر والحراسة المشددة والعمق القبلي، في منطقة تغنى المغنيات،  لامثال كوشيب، ولايدرى القتيل فيما قتل، ولايدرى القاتل، لماذا قتل؟  ولكن السؤال من هو كوشيب، ولماذا كان دائما في الصف الأول من الإتهام في جرائم الحرب في اقليم دارفور. 

كوشيب.. الوصول إلى لاهاي.. 
كوشيب.. الوصول إلى لاهاي.. 

كوشيب.. الوصول إلى لاهاي.. 
الخرطوم -كليك توبرس -عامر محمد أحمد 


مهما كانت طريقة الوصول إلى  (علي كوشيب) من قبل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، فإن رائحة الصفقة تشير إلى ذلك، فقد تميزت حياة الرجل بالمخاطر والحراسة المشددة والعمق القبلي، في منطقة تغنى المغنيات،  لامثال كوشيب، ولايدرى القتيل فيما قتل، ولايدرى القاتل، لماذا قتل؟  ولكن السؤال من هو كوشيب، ولماذا كان دائما في الصف الأول من الإتهام في جرائم الحرب في اقليم دارفور.

 
إسمه  (علي محمد علي عبدالرحمن ) واشتهر بإسم  (علي كوشيب). لديه صورة واحدة بالعمامة والجلابية السودنية. وهو متهم بجرائم حرب في اقليم دارفور، في بداية الصراع الدموي بين الإسلاميين على السلطة ووقوف الكثرة من ابناء دارفور بمختلف قبائلهم مع الدكتور حسن عبدالله الترابي، في صراعه مع البشير ومجموعة  (العشرة) على السلطة، وظهور معسكر المنشية في مواجهة معسكر القصر. كان الصراع عنيفا واستخدمت فيه كل انواع الأسلحة من الكلمة المكتوبة إلى الطلقة (كاتمة الصوت ). عقب المفاصلة بين الترابى والبشير في العام 1999م، ابتدأت معركة سياسية طاحنة، قال فيها الترابي كل مااراد قوله من اتهامات بالضعف السياسي والانكباب على السلطة والمال من قبل تلاميذه الذين ادخل في تربيتهم -الاستهزاء - والقول بامتلاك

الحكمة وفصل الخطاب. مجموعة البشير ومعه علي عثمان وعوض الجاز، كانت في اضعف حلقاتها، السياسية والأمنية، إلا أنها استخدمت سلطة الدولة في جعل كل قادة الأجهزة العسكرية،  والأمنية، والشرطية والخدمة العامة،  تنحاز إليهم  في صراعهم مع،  عراب النظام،  وصاحب الفكرة في شرعنة الانقلاب والاستيلاء على الدولة وإقامة دولة التمكين. و في حوار سابق مع المناضل الراحل الشيخ حسن ابوسبيب قال لى "الترابى انضم لحركة الاخوان المسلمين، عقب عودته من فرنسا، وفي أول اجتماع للجماعة بحضوره. سأل الترابى الحضور، هل تريدون أن تقودوا الجماهير ويكون لكم وجود في  الساحة السياسية والتأثير على مجمل قضايا البلد. فأجاب الحضور والحديث للمرحوم حسن ابوسبيب.. نعم. وكان رد الترابى:يجب تغيير إسم الاخوان المسلمين. وأوضح الراحل ابوسبيب.. من هذه اللحظة بدأت الانشقاقات ولم تعد حركة الاخوان المسلمين السودانية  التى حافظت على الاسم في صدارة تيارات الإسلام السياسي إلى يوم الناس هذا. 
المفاصلة.. 


كان من الصعب على مؤسس التيار الحركي المتأسلم، أن يرضي بالهزيمة وكانت بقعة دارفور الأكثر قربا من تفكير الدكتور الترابى في،  صراعه مع تلاميذه على كرسي السلطة، ودارفور منذ الجفاف والتصحر في ثمانينات القرن المنصرم، لم تعد دارفوركما كانت في السابق ارض  الخير والوعي الاجتماعي والتوافق القبلي فقد  ظهرت عصابات النهب المسلح وثقافة جديدة،  في العنف والنهب، والقتل، من اجل القتل أو  قليل من بضاعة مسافر او تاجر. كانت معادلة خلق بؤرة توتر للنظام المتحكم في،  السلطة وفي مفاصل الدولة، في فكر ورأي الترابى منذ محاولة الحركة الشعبية الجنوبية، تصدير العنف إلى دارفور وقيادة الإسلامي السابق داود يحيى بولاد، حملة محاولة الاستيلاء على دارفور والتى انتهت بقتل بولاد، خارج نطاق القانون من زملائه أصدقاء الأمس. انحياز مجموعة من ابناء دارفور لمجموعة الدكتور الترابى ضد المجموعة الأخرى بزعامة البشير وعلي عثمان والجاز ونافع، هذا الانحياز كان يمثل أقصى درجات الانحدار في ممارسة العمل السياسي، ومن هذه اللحظة المفصلية، ابتدأ يظهر على السطح قادة الصراع،  ميدانيا، ومع حالة الفرز المناطقى والعرقى، كانت ارهاصات المأساة، وتهيئة المسرح للعنف بين كوادر حركة الدكتور الترابي. 
ميدان كوشيب.. 
دائما الدولة تستخدم كل الأسلحة في مواجهة الخصومة بين نظام قمعى باطش لكل المناطق في السودان، وسلاحه القهر والتشريد، والعمل على الاستيلاء على الدولة وقهر كل من يقف في مواجهته، ومهما كانت طبيعة المواجهات، فإن ظهور كوشيب بالنسبة للبشير ونظامه القمعى، يماثل ظهور الحركات الأخرى، إذا كانت تتبع خط سير حركة الترابى، أو ثوار ضد القمع أو حتي باحث عن سلطة داخل قبيلته و الانحياز  إلى الحكومة في الخرطوم. ومن نافلة القول التذكير بوظيفة  (علي كوشيب) في حقل( التمريض )وانتقاله إلى قائد مليشيا، تخافه كل دارفور، وتتغنى باسمه المغنية  (الحكامة) ويكتب الشعراء في عظمته وجبروته وفروسيته القصائد.  وتحميه حكومة الخرطوم كمنفذ لاجندتها في مقابل اجندة الخصوم السياسيين. . هذه الصورة عن دارفور، توازي الدمار الذى شاركت فيه كل الشخصيات الطالبة للسلطة، والباحثة، عن ثورة ضد الحكم ككل، بالترابى، والبشير وكوشيب.. وقد كان لعنف 2003-2004.  الدور الأكبر في ترسيخ صورة البشاعة والقتل. والمعلوم بالضرورة أن تلك الفترة، قد شهدت مفاوضات السلام في نيفاشا،  والسعى،  لاطفاء نار الجنوب، وإشعال نار دارفور، حتي تستمر ساقية استنزاف وتدمير الدولة السودانية في محيطها الإقليمي وكذلك في ذاكرة الشعب وكل هذا من اجل انفصالية جديدة في جغرافية قد تستبعدها ولكنها تتحقق في وقت معلوم، لمن يخطط لذلك. 
كوشيب في المصيدة. 
سقط نظام البشير واصبح في ذمة التاريخ وتحت رحمة حساب الشعب، إلا أن  (علي كوشيب)ظل بعيدا عن دائرة الإعلام والسؤال عنه إلا عند ورود خبر من محكمة الجنايات الدولية يطالب بتسليم البشير وبقية المتهمين، أحمد هارون وعبدالرحيم حسين. وكان كوشيب، قد تعرض لمحاولة اغتيال بإطلاق الرصاص عليه ولكنه نجا، بعد معلومات كثيرة تم تسريبها بانه قد قتل. وكانت هذه المحاولة بداية لسؤال عن المستفيدون من غيابه. وإذا نظرت ستجد بأن الإتهام يشير إلى من أستخدمه سابقا ولكن هناك من قال بتصفية حسابات بين مجموعة تتصارع حول النفوذ القبلى. 
محطة الهروب. 
ظلت دوائر عديدة تعمل من اجل تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى محكمة الجنايات الدولية، وتبدأ من محكمة الجنايات التى بكل الطرق لاتعمل إلا في صراعات العالم الثالث، وكذلك قوى سياسية داخلية، تحاول ان تؤكد أنها مع مطالب الثوار وأهداف الثورة. وهناك أيضا رمزية المتهم في منصبه السابق في الدولة والجيش، وكل هذه التباينات المطروحة في الساحة، وقفت في محطة الموافقة من فصيل حاكم ورفض فصيل مهم في معادلة إنجاح الشراكة السياسية. قبل مايزيد عن شهر، ظهرت صور قتلى مجهولة مصدر الصور، تتهم كوشيب، بارتكاب جرائم جديدة وضد قبائل في دولة أفريقيا الوسطى وامس أعلن في الاول، عن القاء قوة مسلحة تابعة للأمم المتحدة، القبض على كوشيب.. ثم بيان من المحكمة الدولية الجنائية، يفيد بتسليم  (علي كوشيب)نفسه لسلطة المحكمة.  و بسؤال يمر برواية  نظرية المؤامرة، من يسعى إلى تحويل (كوشيب)إلى شاهد ملك-ولكن هل يقبل الضحايا دائما تدبير (المتآمرون )؟ . وهل الأمر للضغط على الرئيس البرهان وقيادة الجيش؟ ، أم تكتفى المحكمة الدولية بكوشيب (كبش فداء) حتي يرقد الضحايا بسلام.