قصة لوحة

 قصة لوحة " من حياة بهنس " بقلم التشكيلي   مصطفي عصام الدين  التقينا في طريق ضيق ، واتسع معه في متاهات الواقع القاسي شديدة التعرج . وقد بدا لي انطوائياً وقتها ، لكن طالعت علي ملامحه الصادقة أسفاً علي اشياء كثيرة . ادركت وقتها شدة الحيرة وكثرة الطلاسم فيها . لكن كرهت وقتها التدخل متطفلاً بخصوصياته . وليتني فعلت . ارضاني كثيراً عندما شاركته مجلسه حينها فلم يأب مجالسته ومسامرته . حقاً تبادلنا وداً صادقاً .

 قصة لوحة

 قصة لوحة
" من حياة بهنس "
بقلم التشكيلي   مصطفي عصام الدين 


التقينا في طريق ضيق ، واتسع معه في متاهات الواقع القاسي شديدة التعرج . وقد بدا لي انطوائياً وقتها ، لكن طالعت علي ملامحه الصادقة أسفاً علي اشياء كثيرة . ادركت وقتها شدة الحيرة وكثرة الطلاسم فيها . لكن كرهت وقتها التدخل متطفلاً بخصوصياته . وليتني فعلت . ارضاني كثيراً عندما شاركته مجلسه حينها فلم يأب مجالسته ومسامرته . حقاً تبادلنا وداً صادقاً .

اخرج دفتر رسم  وعليه أوراق متفرقة من نوع  ، فبريانو ، وعدداً من اقلام الجرافيت  ( الرصاص) والفحم وأخذ يشكل بها علي الورق ماتيقظ له من أفكار تحكي بعض ما قرأته علي ملامحه المتوهجه ، والإشعاعات المبثوثة حوله وفيها ما يبعث على عبقرية فريـــدة .

لم يمتنع عن متابعتي له بالمراقبة والتصوير بل أحبّ ذلك مني . عرفت حينها ان ما بداخله يفسر حالةً شفافية نادرة .وكان مما رسمه انساناً تائهاً في دوامة لايعلم بعدها مصيراً . رسم ذلك في وقت قصير دون ساعة من الزمان . لقد اعجب كثيراً بصورة صورتها علي هاتفي واحب رسمها فلم امنعه ذلك وبدأ تجربته معها علي الفور لكن لم تكتمل تلك اللوحة في ذلك الوقت وأراد إكمالها  بعد ذلك من خياله المحض . 
اسمعني كثيراً من قصائده وليتني طلبت منه توثيقها وقد سجلت له حديثاً صوتياً علي هاتفي وعليه قصيدة قصيرة على ايقاع يهمس همسا بهنسيا شفافا وسليما . لكن ..ضاع مع ضياع حاجات كثيرة تخصّه وتخصني كذلك . التقاني كثيراً في معارضي الخاصة بالرسم  وكان يـأتي باحساس أنه جزء منها وذلك الجانب يجري بشوق في عروقه . وهو لم يخف لي أبدا تفاؤله  مع ابتسامات كثيرة أقر الأمل بأنها جزء حقيقي منه . لقد أصاب .وفي ذلك المعرض المسمي ( وصول الكوكب نبتون) طلب مني تصويره مع احدى لوحاتي وهي بإسم ( زيارة للقمر ) لتكون خلفه واحتفظت بتلك الصورة لكني لاازال ابحث عنها من جملة الآلاف من الملفات الشائكة مع المتاهات الأخري ولتلك اللوحة رمز آخر وقصة أخرى من القصص . 
كان برغم إنطوايته لايمل الحديث معي وحينما فاجأته بالقول ان حدسي يقول لي إنك عازف جيتار ضحك وأقر بالإيجاب وعرفت بعدها مهارته في ذلك .
بان لي آخر مرة وهو يضع مسبحةً حول عنقه فسألته مداعباً هل تصوفت ؟ فقال لي إني أحب التسبيح والصلاة علي النبي  ثم انصرف  بهدوء وهو يمثل لي جمال لوحة لم يعرفها ابداً عالم الرسم .

 

بورتريه لزوجته الفرنسية